حضرموت.. نكبة اليوم من نكبة أمس

> المحامي/ بدر سالمين باسنيد:

> مأساة كبيرة ما حدث لحضرموت وما أصاب الناس هناك.. صحيح لا نستطيع رد الأقدار إلا بالدعاء.. ولكن من تولى أمر الناس.. برضائهم أو غصباً لابد وأن يتحمل مسؤولية ماحدث في حضرموت.. شكراً لصحيفة «الأيام» التي لفتت نظر الناس إلى العاصفة قبل أربعة أيام.. وغيرهم في سبات.

والمهم الآن.. مرت ثمانية عشر عاماً وضخ النفط.. وسحب الثروات الأخرى جارٍ على قدم وساق.. والدعايات الإعلامية والخطاب السياسي قد صم الآذان عن «إنجازات الوحدة» وجاءت المياه والسيول وكشفت هشاشة هذه الإنجازات إلا من عسكرة البلاد، وفتحها لمن استطاع البسط والنهب وانتزاع الفرص التجارية التي يقول عنها الدستور إن الناس والمواطنين متساوون بالحصول على الفرص في الحياة.. وتبين من مدة أن هكذا «مبادئ دستورية» عبارة عن نصوص غير حقيقية.. مجرد نقل نصوص من الدساتير العربية الأخرى.

كلمات لم يكن - كما بدا - أصحابها ومن كان ينقلها.. لم يكن يعلم.. ولا يدري بأمر كيف سيكون الحال عندما تبدأ هذه النصوص في النفاذ.. كلام كثير قيل في الدستور.. ومازال الكلام موجودا فيه عن حقوق الناس وضماناتهم.. ورعاية شؤونهم.. ولكن.. مجرد كلام ونصوص للدعاية أمام العالم وللانتخابات.

حضرموت بقدر مأساتها كشفت مآسيها.. الكذب.. الذي قابله نفاق من أهل النفاق.. الوحدة كمبدأ شيء مختلف تماماً عما هو الأمر على الأرض.. إنجازاتها اتضح أنها مجرد قشور.. انتزعتها المياه والسيول الجارفة، وسحبت معها البشر.. ولم تنفع حضرموت ثرواتها ونفطها الذي كان يذهب لمكان آخر ومواقع أخرى، ودارت أموال حضرموت في مكان آخر انتعش، ونهض عمرانياً: طرق حقيقية وأنفاق وجسور، وأخرج تجاراً وأثرياء جدداً انفردوا بالفرص كلها.. وتوكيلات شركات النفط والأسماك.. كل ذلك من بعد(18) ثمانية عشر عاماً.

أكتب هذا وأسمع الصراخ والشكوى من مواطني حضرموت حول المعونات والإنقاذ في قناة الجزيرة والمعلق يتحدث عن ضعف الإمكانيات ومعلق آخر يتحدث عن (شحذ الهمم) ولم يتحدث أحد من المسؤولين قبلهم أو بعدهم عن أن حضرموت أغنى من أن يعطيها أحد مالاً في مثل هذه الحالات.. ولكن حضرموت أموالها لغير أبنائها.. تذهب هناك.. هناك.. بعيداً عن أهل وتراب حضرموت.

السلطة المحلية كانت ضعيفة في شرح وقائع الأمور ولم يكن هناك داعٍ ليتحدث بدلاً عن السلطة المحلية.. التي كان يجب أن تكون في مقدمة من يتحدث عن كارثة حضرموت.. وتولت المركزية من صنعاء دور السلطة المحلية.

ولكننا سوف نظل نسأل أين أموال نفط حضرموت.. لماذا فريق واحد.. هو الذي انفرد بحقوق وكالات شركات النفط.. لماذا لا تبقى أموال حضرموت داخل حضرموت، لا تتحدثوا وتزايدوا على الناس.. ثماني عشرة من السنين.. والسياسة وأصحابها يزايدون علينا.. ولكن اليوم وبعد هذه الكارثة والمآسي المستمرة لضحايا حضرموت من أبنائها.. لن يتحمل أحد أن يبقى صامتاً عما يحدث باسم الوحدة.. فالوحدة إذا جرى بناؤها على العدل، الله يأمر بالعدل وينهى عن المنكر وما يحدث اليوم لحقوق الناس في حضرموت لا علاقة له بالعدل.. وهو منكر، وألف منكر.

البنية التحتية.. كان بإمكان أولياء الأمر إعدادها خلال هذه السنوات الطويلة التي مرت.. ولا يصح أن يقول أحد إن البنية التحتية ضعيفة في حضرموت ويسكت.. حضرموت بنفطها كان يمكن أن يكون لها بنية تحتية أفضل من أي محافظة أخرى.. بنية تتساوى مع بنية الدول المجاورة الغنية، ولكن هذا كان ممكناً لو كان هناك عدل في الحكم.. ولكن لأن أموال حضرموت لا تبقى فيها ولا لها.. فإن النهضة ذهبت إلى مكان آخر.. وهذا منكر كبير، وظلم كبير.

من هو المسؤول عن كل ما حدث في حضرموت اليوم.. الدولة تتحمل المسؤولية الكبرى والأولى عن كل المآسي التي وقعت.. إخوتي وأخواتي لا يصح لهم تحويل أموال حضرموت بهذا القدر وحرمانها بهذا القدر.. اتقوا الله..اتقوا الله..

فوالله.. إن الذين قتلوا.. والذين فقدناهم، سيذكرون أبناءنا بأن نكبة اليوم سببها النكبة التي لحقت بشعبنا من ثمانية عشر عاماً.. وأساساً من بعد حرب7/7/1994م الملعونة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى