لوحة اليزيدي

> عمر محمد بن حليس:

> في مواطن كثيرة يقف المرء متأملا للوحة ما، كشخصية دخلت التاريخ، وكان لها ضلع في صنع ذلكم التاريخ، لمنظر في الطبيعة من آيات ربنا، ما يجعل ذلك المرء يسجد طوعا لله رب العالمين.

والحقيقة أقول إنني شخصيا وقفت أمام لوحات لم أقرأ مثلها من قبل، وربما فيما تبقى من عمري.

الأولى (بانوراما) حرب (6) أكتوبر في القــاهرة التي تحكى بطولة رجــال العبور، واقتحــام القنـاة في1973، واللوحة تلك تنقل المشاهد من موقع إلى آخر في دقة متناهية، ورسمة امتزجت أو تلونت أظـــافر من رسمهــا بلون الطلاء بأنواعه لتشكل تلكم اللوحــة.

نعم كانت لوحة تراها رأي العين، وتعيش وقائعها بالصوت.

أما اللوحة الثانية فهي تلك التي نقلتها لنا صحيفة «الأيام» الغراء بعددها (5540) في 26 أكتوبر 2008 في صفحتها الأخيرة، وقدمها لنا في أبهى الصور وأدق المعاني وأبلغ التعبيرات الأستاذ العزيز والزميل علي سالم اليزيدي.

لوحة اليزيدي تلك يعيش من يقرأها كما لو كان يرى الواقع ويعيش اللحظة الأليمة، ويسمع صرخات الاستغاثة التي اختلطت مع هطول الأمطار، وهدير السيول وتدفقها، وهي تجر خلفها أو معها أو أمامها الأنعام والأشجار والمناحل والسيارات وحتى الإنسان لم يسلم منها.

نعم.. إنها كارثة كارثة.. هكذا قالها لي أخي الحبيب الأكبر صالح حليس مدير الإمداد والتموين بأمن حضرموت، قالها بحشرجة صوت والدموع تنزل من عينيه ولو لم أرها، لكنني عشت وأعيش خيالها. وقال: أدعُ لنا أن يكون ربنا لطيفا في قضائه وقدره.

(لوحة اليزيدي) في نظري تنتظر من الفنانين أن يرسموها أو ينحتوا لها التماثيل بأجسام كبيرة، تعكس تماما المأساة الكارثية التي حلت بحضرموت الخير، بل بكل من يتفاعل معها ويتألم لها، وننتظر المفاصل الأخرى من (لوحة اليزيدي) المتضمنة العمل البناء النامي وأصوات المكائن والرافعات والناقلات وأصداء أصوات العمال والبنائين والكهربائيين والمهندسين التي تعيد تشييد ما خلفته الكارثة المائية، لتعود ابتسامات الصغار وأحلامهم بالغد الأفضل الذي لاتتكرر فيه الكوارث والأحزان.

ويقينا أقول إن أحباءنا الحضارم ومعهم كل أبناء اليمن في داخل الوطن وخارجه سيخرجون من هذه المحنة أصلب عودا وأكثر تماسكا وإيمانا، إن ما بناه الإنسان لن يعيده إلا هو بمشيئة الله وعونه وقدرته، وأجزم أن الزيارة الميدانية لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح قد خففت من شدة الألم وهول الكارثة التي حلت بحضرموت، خاصة إذا ما تفاعلت جهات الاختصاص في تنفيذ توجيهات فخامته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى