من ينقذ تاريخ عدن ؟؟

> إدوارد فارس برادوس :

> استرعى الكاتب فتحى بن لزرق انتباهنا لقضية مهمة، ولكنها مهملة في مدينة عدن، وهي تدمير آثار المدينة التاريخية التي تناولتها «الأيام» في عددها الصادر في 11 أكتوبر 2008م. كما كتب أن هذا النهب التاريخي يمثل فقدان هوية المدينة ومواطنيها.

وإذا خربت المواقع التاريخية مثل قلعة صيرة، وهو أمر محتمل حالياً بسبب سوء معاملتها، فإنكم ستكونون مضطررين إلى اختيار قلعة الغويزي بالمكلا أو دار الحجر بصنعاء رموزا تاريخيا لكم. كلا المكانين مهم، لكن لا يوجد بينهما وبين تاريخ عدن وذاكرتها الجماعية أي علاقة أو صلة حقيقية. الشي الغريب أن الاهتمام بالتاريخ - إذا وجدتم هذا شأنا مملا - لا يتطلب جهدا كبيرا لإنقاذ الآثار، فكل المطلوب هو الاهتمام المالي فقط! كيف؟ الإجابة سهلة.

تمثل المواقع التاريخية آبارا نفطية دائمة المدى، أي تعمل كمصادر عملة صعبة دائمة التدفق. ما نسميه في الغرب «السياحة التراثية» تخلق وظائف كثيرة (أكثر من الصناعة مثلا)، كما تجذب كما كبيرا من السياح بالمقارنة بالأنواع الأخرى من السياحة. وطبقا لنتائج بحث صدر في ولاية فرجينيا، يصرف السائح الثقافي 423 دولارا أمريكيا تقريبا خلال زيارته، بالمقارنة مع السائح العادي الذي يصرف 180 دولارا فقط، كما يقضي السائح الثقافي في زيارته وقتا طويلا وعودته مرة أخرى أكثر رجحانا.

يفيد السياح الثقافيون الاقتصاد بشكل عام في أي مدينة أو مكان يحظى بحضور السياح. وبالرغم من ذلك، لا تفعل عدن شيئا لجذب السياح ، لذلك من المرجح أنها تفقد ملايين الدولارات سنوياً. فهل يستغني مواطنو عدن عن هذا المبلغ الهائل؟

الانتظار يعني فقدان المال يوما بعد يوم، بينما يستمر تردي الآثار بسبب عوامل كثيرة، بما في ذلك الإهمال الرسمي والخراب المتعمد و مرور القرون وعوامل التعرية، والعشوائيون الذين يستعملون أحجارا من الأماكن التاريخية لإعمار بيوتهم، لكن لا فائدة من الانتظار للجهات الرسمية والخارجية لتحل مشكلة داخلية. هذه مشكلتكم، فمن الأفضل أن يبادر السكان المحليون بتقديم الحلول للأمور الملحة. كما يقول الكاتب فتحي بن لزرق إن «على محبي هذه المدينة وتاريخها وكل منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الاجتماعية ذات العلاقة أن تتدخل ويجب أن تتضافر الجهود كي لا نفقد أبرز معالم هذه المدينة». الحل بين أيديكم، فأوقفوا الانتظار.. وأوقفوا الثرثرة.. وأوقفوا اللوم.. واتخذوا الخطوات الأولى الجادة لإنقاذ هوية مدينتكم وأنفسكم.

من المدهش لزوار المدينة أن صالات قلعة صيرة هذا الرمز الوطني المهم، مليئة بالزبالة والبراز الذي تزكم رائحته الأنوف. والمصيبة الأكثر فداحة أن بعض الناس يرمون أحجار القلعة في البحر أو يستعملونها في المقيل.. يا مسؤولين، يا مواطنين! هل هذا شكر المدينة واحترامها لصمود قلعة صيرة خلال القرون الماضية؟ هل هذا وجه عدن للخارج ؟ هل تقدرون حل هذه المشكلة البسيطة نسبياً أم تنتظرون الأيادي الخارجية؟ يا الله.. ابدأوا بأنفسكم الآن! وكما يقول المثل الاعتماد على النفس فضيلة.

* المدير الإقليمي - أمديست - اليمن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى