خدير.. ظلم وقهر وبؤس وهيمنة وغياب لسيادة القانون والخدمات

> «الأيام» أنيس منصور

>
مديرية خدير بمحافظة تعز من أكبر المديريات سكانا ومساحة، وتتوسط خمس مديريات هي:(مسامع - الصلو - حيفان - حادية - القيطة)، وتتميز بموقع استراتيجي وأسواق يجتمع فيها جميع أهالي وساكني المديريات الخمس، يتم إدارتها وتسير شؤونها بعيدا عن الوعي والتحضر وسيادة القانون.

لا يوجد فيها أي اعتبار واحترام للمثقفين والتربويين والطلاب والشعراء والأطباء في ظل هيمنة الشيخ، فلا صوت يعلو فوق صوت الشيخ..لقد أصبحت المؤسسات الحكومية والمكاتب الإدارية واعتمادات المشاريع اقطاعية في يد شخص، فلا مكان للدولة والسلطة غير الاسم العام.. «الأيام» نزلت لحصر أحاديث تنادي بدولة القانون والمواطنة المتساوية.. فإلى التفاصيل:

ظلم وقهر

عرض علينا المواطن وعضو المجلس المحلي السابق عبده كاشح صورا من المظالم التي يكتوي بنيرانها أبناء خدير، وتعرضهم للإذلال والسجون غير القانونية بأوامر من أحد الشيوخ قائلا:«لقد طال صبرنا وزاد عن حده ووقعنا بين أمرين، الأول الصمت والنفاق والسلبية والرضا بما يحدث، والثاني أن نتمرد بشجاعة ونخرج إلى الشارع في اعتصامات سلمية في ظل النهج الديمقراطي، ونقول (كفى ظلم وقهر)، والمصيبة أنه كان كلما ارتفع صوت يرفض سياسة ونهج الفوضى واستعباد الناس حتى قيل: (هؤلاء معارضة)، لكن أخيرا خرجنا قيادات وقواعد وأيضا للمؤتمر الشعبي العام تحت شعار (لا حرية بلا ديمقراطية)، ونحن نستغيث بالرئيس علي عبدالله صالح».. متحدثا عن سبعة مشاريع مياه متوقفة بتوجيهات أحد الشيوخ، وعن مشاريع من منظمات وصناديق مانحة وتبرعات لا يعلمها إلا الله.

وتطرقت الحجة نعامة قائد السلمي إلى الحرمان من حالات ومستحقات الرعاية الاجتماعية التي تذهب لمقربين وناس هم في غنى عنها، ويحرم منها الفئات المستحقة.. وقالت نعامة:«يا ولدي أنا أعرف مسئولين ومعلمين يستلمون رواتب الضمان الاجتماعي، وهناك أرامل وأيتام وفقراء ومهمشين (أخدام) ليس لهم نصيب».

وتسآل عبدالرقيب قحطان البرطي عن اعتماد المجلس المحلي طريق بمبلغ 47 مليون ريال بطول (500 متر) تذهب لصالح شخص فقط، بينما هناك مناطق سكانية مازالت تعتمد على الوسائل البدائية القديمة كالحمير والجمال، هم أولى وأحق بالطريق.

قال أحد التربويين رمز لاسمه (ز.س.أ) تخوفا من أي عقاب إداري ربما يتعرض له قائلا: «نحن نشكر شجاعة وحقيقة صحيفة «الأيام» هي الصحيفة الوحيدة التي تلامس هموم ومتطلبات وأحداث خدير، وكان لها دور بارز في كسر حواجز تخوف الجماهيري وحريتهم التي ظلت غائبة بفعل تصرفات نظام الإمامة أمام الوضع التعليمي تحدث ولا حرج، لا توجد مساوة بين المعلمين المنضبطين بالتعليم ومئات المعلمين الذين يعملون بالمتاجر والمحلات الخاصة، ومن هم خارج المديرية يستلمون رواتبهم بالنصف، وهناك مدارس متوقفة عن التعليم، ومدارس طلاب بدون معلمين وأحيانا مدارس فيها زحمة معلمين، وقليل من الطلاب وانعدام التخصصات، والمصيبة أن عملية المتابعة والنقل تتم من ديوان الشيخ وليس من مكتب التربية، وقد خرجنا إلى هنا أمام المجتمع الحكومي لنلفت أنظار السلطات العليا لتوقيف مفردات وعناصر وصفوف الظلم والقهر».

بؤس وهيمنة ومجاري وقمامة

أوضاع بائسة جمعت بين الفقير والغني وبين المسئولين والمساكين ومعاناة لم تكتمل حلقاتها.. تعرف خدير بأنها واجهة المحافظة على خط سير دولي يرتادها مسؤولون وسائحون لشراء أطباق الحلويات من الراهدة، لكن ثمة أشياء تقابل كل من يصل إلى الراهدة ودمنة خدير، فشوارع الراهدة حسب حديث نجيب عبد عبدالله معروفة بسيول المجاري الطافحة إلى الأسواق وتختلط أحياناً بمياه الشرب وأكياس القمامة»، فيما يشكو عمال النظافة من أن رواتبهم 14 ألف ريال فقط ويتعرضون لخصميات، وتم أخذ حقوقهم من المكافآت ولم يستلموا بدل غذاء وليس لديهم ملابس عمال النظافة، ويتم التعامل معهم بتمييز عنصري كلما قدموا طلبات لمدير صندوق النظافة ويهددهم بالفصل والسجن.. ويشعر الزائر لشوارع دمنة خدير بالقشعريرة من مناظر القمامات المتكدسة والروائح العفنة..

كل من قابلتهم كاميرا «الأيام» يتحدثون بأسف «أين المسؤولون؟، أين هي إيرادات صندوق النظافة والتحسين التي تصل إلى 4 ملايين كل ثلاثة أشهر؟!.. يقول فيصل علي الخديري:«هناك تحصيلات مالية بدون سندات بإنفاق سري وتحصل مخالفات بدون محاضر وعدم الالتزام بالنظافة العامة».

وكانت «الأيام» قد حطت رحالها في مستوصف دمنة خدير ومستشفى الراهدة، ورصدت ازياد نسبة المرض، والسبب تردي أوضاع النظافة والصرف الصحي مع ذلك كانت الطامة الكبرى التي يهتز لها الضمير ويندى لها الجبين هي غياب الإنسانية ومفاهيمها في مستشفى الراهدة، هناك حيث الأمراض والعلل والفيروسات والإهمال وغياب الأطباء واللامبالاة بقيمة حياة الإنسان والتسابق على الربح المالي بالدوام في عيادات خاصة التي يقبل عليها أصحاب رؤوس الأموال.. وهناك إهمال الخدمات الصحية بالمستشفى التي يتداوى فيها الضعفاء والفقراء..

وعرض علينا نديم القباطي أنموذجا لأدوية حكومية تباع بالصيدليات الخاصة مع وجود خطوط جانبية يمنع بيعها، وشكاوى من الابتزاز والتلاعب بالتجهيزات الطبية..

واستعرض نديم قصصا وحكايات من الذين يتم إسعافهم في حوادث مرور تظل جراحهم تنزف ساعات يصل الأطباء بعد طول متابعة، أما آخرون أحيانا يلفظ المريض والمصاب أنفاسه قبل وصول الطبيب، ناهيك عن قضايا ومشاكل سيارة الإسعاف كل ذلك يحدث في ظل استمرار وهيمنة الشيخ كونه من يدير أمور كل صغيرة وكبيرة بما فيها تعينات لأئمة وخطباء المساجد.

كما أصبح السلاح حاضرا في الأسواق والأماكن العامة حتى الأطفال أصبحوا يمتطون أنواعا من الأسلحة والرشاشات للاستعراض والفهلوة، بل يعتبره المتنفذون جزءا من ثقافة القبيلة، والشيخ يسير المتسوقين على خوف ووجل من رصاصة طائشة أو مواجهات قبيلية مع وجود صراعات بين مراكز قوى، كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع ومباركة من النظام، هكذا التقت المصائب فوق بعضها مصيبة القمامة والمجاري والأمراض وغطرسة الشيخ وحمل السلاح وفوضى التعينات الإدارية ولا ندري ماهي النهاية؟.

غياب سيادة القانون وإغلاق المجمع الحكومي

الفوضى والاعتصامات والمسيرات السلمية التي شهدتها مدينة دمنة خدير كانت للتعبير والرفض المطلق عن هكذا ظلم واستبداد وفساد وبسط واستيلاء ونهب وسلب ومازالت حتى الساعة والحديد ساخن.. يقول نعمان الجرادي وضياء أحمد ناجي:«ما فيش نظام ولا قانون ولا دستور في خدير، لأن القانون والنظام يحفظ للناس حقوقهم ويجعلها متساوية فيشعرون بالأمن والأمان على ممتلكاتهم، أصبح الشيخ فوق القانون فعندما يكون مدير الأمن ومدير المديرية والمجلس المحلي والهيئة الإدارية والمكاتب التنفيذية من أسرة واحدة أو أدوات بيد الشيخ، ويتم تحويل خصومات الناس ومنازعاتهم من البحث الجنائي إلى يد الشيخ، ويضيع دور النيابة العامة والمحاكم القضائية فعلى القانون والدستور السلام، والدليل على ذلك واضح ومشاهد أمامك لليوم العشرين والمجمع الحكومي مغلق، توقفت جميع الإدارات والمكاتب الحكومية وغياب كل الموظفين، لأنهم يشعرون أنهم موظفين مع الشيخ، وليسوا موظفين لدولة الوحدة والجمهورية».

ويضيف الوالد قائد عمر هاشم:«الحقيقة نحن نشكر الذين وضعوا فكرة النضال السلمي من اعتصامات ومسيرات لانتزاع الحقوق والتعبير عن رفض أشكال الاستذلال، وهي طرق سليمة تستطيع بها أن نزلزل كراسي المستبدين مهما كانت قوتهم ونفوذهم، ونعتبر ذلك العمل انتصارا لمعاناة أبناء خدير وحريتهم التي كانت مقيدة بسلاسل التهديد والوعيد».

تلك مديرية خدير اختصارا.. هي أسيرة النفوذ والطغيان والواقع الخدماتي الضعيف وفشل يتبعه فشل في تأمين الاستقرار والسكينة والهدوء والمساواة وحياة مليئة بالمنغصات والهموم تبحث عن انتشال وضعها من تحت وحل الجبروت وتحكيم الهوى والتمادي في خيراتها بأذرع الأخطبوط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى