من الذي يهدد السلام الاجتماعي؟

> د. عيدروس نصر ناصر:

> غالبا ما تتحجج السلطات الرسمية اليمنية وأجهزتها المخابراتية والدعائية وهي تعتدي على المواطنين المسالمين، الذين يعبرون عن رفضهم السياسات الرسمية بوسائل سلمية وقانونية مشروعة.

غالبا ما تتحجج بتهديد السلام الاجتماعي، وهي من أجل هذا الشعار الفضفاض ترتكب من الأعمال العدوانية ما يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

السلام الاجتماعي هو الوئام والاستقرار القائمان على العدل والمواطنة المتساوية وإعمال القانون والطمأنينة والسكينة الاجتماعية والاطمئنان على المستقبل وعدم الشعور بالغبن والتمييز والقهر، وبهذا فالسلام الاجتماعي لا يحمى بوسائل القتل والعدوان وإزهاق الأرواح وإراقة الدماء.

عندما أقدمت قوات الجيش والأمن على الاعتداء المسلح في ردفان على المواطنين الرافضين الاستحداثات العسكرية في مناطقهم، كانت تتحجج بأن المواطنين يهددون السلام الاجتماعي، فقتلت من قتلت وجرحت من جرحت واعتقلت من اعتقلت، في عمل مشين.

الذين اعتدوا على المواطنين طلابا ومتقاعدين وعاطلين عن العمل، نساء ورجالا، استمرأوا هذا العمل منذ أن دشنوا عملية القتل في صيف 1994م، وما باقي عمليات القتل إلا استمرار لهذه الحرب اللعينة.

لم يجد القتلة ومن أمرهم بالقتل من يردعهم فالقائمون على القانون يحمون القاتل لا الضحية، وهم عندما يتمادون في أفعالهم هذه يعتقدون أنهم بذلك يكسرون شوكة الإرادة الشعبية الرافضة الظلم والقهر والنهب والإقصاء والاستبداد.

ونسي هؤلاء أو ربما تناسوا أن تحمل المواطنين لن يستمر إلى الأبد وأن المبالغة في العنف لن تؤدي إلا إلى تنامي عوامل العنف المضاد، وأن الأمور إذا ما تفاقمت قد تخرج عن السيطرة وتتجه إلى مربعات لا يعلم تفاصيلها إلا علام الغيوب، خصوصا وأن هذه السلطة أثبتت عدم قدرتها على التحكم في من يعبثون بالاستقرار وهم أشبه بذلك الذي يتصنع القوة والتعالي وهو لا يمتلك ما يؤهله لهذا التصنع.

الاعتداء على المواطنين والإصرار على استحداث مواقع عسكرية جديدة في ردفان أو في غيرها من مناطق الجنوب يطرح أكثر من سؤال : أهمها: هل ردفان منطقة حدودية حتى تستحدث فيها المعسكرات وتحشد إليها الدبابات والفيالق العسكرية؟، ثم هل تمكنت السلطات وجيشها من حل المشكلات في كل البلاد حتى تكثف هذا الحضور في ردفان دون سواها؟.

ألم يكن الأجدر بالقائمين على قيادة القوات العسكرية أن يرسلوا تلك الفيالق إلى العصيمات وسفيان أو الى قيفة ومراد لفض النزاعات والحروب التي حصدت وما تزال تحصد عشرات وربما مئات الأرواح؟ إن الذي يهدد السلام الاجتماعي هو من يقتل ويجرح ويعتقل ويسفك الدماء ويزهق الأرواح ويحمي القتلة ويعاقب الضحية أما المطالبون بحقوقهم المصادرة والمحتجون على السياسات المعوجة بالوسائل السلمية والقانونية فإنهم بذلك إنما يحمون السلام الاجتماعي ويدافعون عن القانون، والأجدر أن يكافأوا بالأوسمة والنياشين والشهادات التقديرية، ولكنها الموازين المقلوبة التي تحمي الجلاد حتى يواصل مهمته، وتعاقب الضحية لأنه لم يخضع جيدا لسوط الجلاد.

أخيرا: إن الاعتداء على أبناء ردفان هو اعتداء على كل الجنوب وتهديد حقيقي للسلام في الإقليم فهل يعي من أدمن العدوان؟.

-اعتقال الدبلوماسي والناشط السياسي قاسم عسكر جبران ومثله الناشط أحمد محمد بامعلم يمثل انتهاكا فظا لكل شرائع ومواثيق حقوق الإنسان، وهو انتهاك ينبغي إزالته على وجه السرعة.

-استمرار جرجرة صحيفة محترمة بحجم «الأيام» إلى قاعات المحاكم محاولة لإخراس صوت الحق، وعلامة من علامات انهيار الحياة السياسية في اليمن، وهو جزء من صراع الحق مع الباطل وصراع العدل مع الظلم، وغدا سيسجل التاريخ لـ«الأيام» وناشريها ومحرريها أنصع صفحات المواقف الوطنية.

* رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى