> عدن "الأيام" علاء بدر أحمد:

في تحذير جديد يكشف عن اتساع دائرة الخطر، أطلقت إدارة مكافحة المخدرات في العاصمة عدن، إلى جانب فعاليات اجتماعية وأهالي، نداءات استغاثة حيال انتشار مادة مخدرة بين أوساط الشباب والفتيات تُعرف شعبيًا باسم "البجبج"، في إشارة إلى عقار طبي يُسمى بريغابالين (Pregabalin)، المستخدم طبيًا لعلاج أمراض عصبية محددة، لكنه بات اليوم مصدرًا لإدمان خطير ومتزايد.
  • ماهو "البجبج" ؟
يُعرف"البجبج" بهذا الاسم في الأوساط الشعبية بين الشباب المتعاطين، ويُشتق من Pregabalin، الذي يُصنّف كمضاد للصرع ومهدئ لآلام الأعصاب، ويُستخدم أيضًا في علاج حالات القلق واضطراب الحركة المفرطة لدى بعض المرضى. ووفقًا لمصادر في إدارة مكافحة المخدرات بعدن، فإن هذا العقار الهندي الصنع يعمل على التأثير على الناقل العصبي "غاما - أمينوبيوتيريك" (GABA) في الدماغ، ما يفسر تأثيره المهدئ.

ويمنح هذا الدواء بوصفة طبية دقيقة، بنسب محدودة وتحت إشراف طبي، إلا أن المتعاطين له في عدن باتوا يستخدمونه بكميات كبيرة وبطرق خطيرة، ما أدى إلى تحوله من علاج إلى داء يُهدد الصحة العامة.
  • سلوكيات خطيرة
وتحدثت مصادر ميدانية لـ"الأيام" عن تطور خطير في طرق التعاطي، إذ أصبح بعض المستخدمين يفتحون الكبسولات، ويقومون باستنشاق المادة البيضاء التي بداخلها، بطريقة مشابهة لتعاطي الهيروين أو الكوكايين، الأمر الذي يضاعف من سرعة التأثير ويزيد احتمالية الإدمان والاختلال العقلي.

وأكدت المصادر أن هذا النمط من التعاطي يُعدّ أكثر ضررًا من الاستخدام العشوائي التقليدي، لكونه يُدخل المادة المخدرة إلى الدماغ بشكل مباشر وسريع، ويتسبب في تلف الجهاز العصبي على المدى القصير والطويل.
  • أزمة قيمية وفكرية
وفي إطار بحث "الأيام" عن دوافع الظاهرة، تحدث عدد من خريجي علم الاجتماع بجامعة عدن عن بُعد نفسي واجتماعي لهذه الكارثة المتصاعدة. وأوضحوا أن فئة من الشباب تلجأ إلى تعاطي المخدرات بدافع إثبات الذات في بيئة تغيب فيها القيم والردع، إذ يسعى البعض إلى إثبات "رجولتهم" أو "شجاعتهم" من خلال تجربة المخاطر، دون وعي بالعواقب القانونية أو الصحية.

بريغابالين
بريغابالين

وأضافوا أن انعدام الوازع الديني والتربية الأخلاقية، coupled with جهل قانوني مستشرٍ، قد أسهم في تطبيع سلوكيات التعاطي والاندفاع نحو الإدمان، خاصة في أوساط من يعانون من فراغ نفسي أو بطالة أو تفكك أسري.
  • عدن كمنطقة عبور.. وبيئة خصبة للإدمان
وتحدث عدد من أولياء الأمور الذين التقتهم "الأيام" عن تصاعد الإدمان في العاصمة عدن، مشيرين إلى أن موقع المدينة الجغرافي، بوصفها منطقة ترانزيت بين عدة دول، جعلها محطة مرور وتوزيع للمواد المخدرة.

وقال أحدهم: "عدن أصبحت مرتعًا مفتوحًا، شبابها يعانون من الفقر والبطالة والهموم، فيبحثون عن مخارج وهمية عبر هذه السموم التي تحوّلهم إلى عبيد لأوهام يظنون فيها أنفسهم ملوكًا، لا يريدون أن يستفيقوا منها".

وأكد الأهالي أن هشاشة البنية التعليمية، وضعف الرقابة الأسرية، وتفاقم الأزمات المعيشية، أسهمت مجتمعة في تنامي الإقبال على "البجبج" وغيره من المخدرات بين مختلف الفئات العمرية، بما فيها الفتيات.
  • مكافحة متواصلة رغم التحديات
وفي سياق متصل، تواصل إدارة مكافحة المخدرات بعدن جهودها الميدانية رغم قلة الإمكانات. فقد تمكنت شرطة دار سعد، يوم الاثنين 20 مايو 2025، من ضبط كمية تُقدَّر بـ13 كيلوغرامًا من الحشيش المخدر داخل مركبة مجهولة، كانت متوقفة على طريق عدن - تعز شمال العاصمة.

وأفاد العقيد إيهاب أحمد علي، القائم بأعمال مدير إدارة مكافحة المخدرات، أن الفرق الأمنية رصدت المركبة المشتبه بها، وتم العثور على المخدرات مخبأة بإحكام داخلها. وقد تسلّمت الإدارة الكمية رسميًا تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية.

العقيد إيهاب حذر من الانعكاسات المدمرة لتعاطي المخدرات على النسيج المجتمعي والأسري، مشددًا على ضرورة تكاتف المجتمع، والجهات الرسمية، والمؤسسات التعليمية والإعلامية، للتصدي لهذه الظاهرة، ومقاومة الترويج لها بشتى الطرق.
  • توصيات وتحذيرات
في ظل تفشي "البجبج" وغيره من العقاقير المُخدِّرة، تبرز الحاجة إلى تشديد الرقابة على الصيدليات التي يُشتبه بتسريبها لهذا النوع من العقاقير خارج القنوات القانونية، إضافة إلى تفعيل التوعية المجتمعية بمخاطر "المخدرات الطبية"، خصوصًا بين طلبة المدارس والجامعات.