الأزمات الدولية: تحول في ميزان القوة يحمل بذور الانفجار شمال اليمن و الحوثيون دولة داخل الدولة و يتوسعون الى ابواب صنعاء

> صنعاء/ بروكسل «الأيام» خاص:

> قالت مجموعة الازمات الدولية ان شمال اليمن يشهد تحولا في ميزان القوى خلال العام 2014 م وان المخاوف تزداد من أن تصعيداً جديداً قد يجر الدولة اليمنية إلى صراع طويل.
واصدرت المنظمة أمس تقريرا بشأن النزاع الدائر في شمال اليمن بعنوان (الحوثيون.. من صعدة إلى صنعاء)قدمت فيه عدد من التوصيات الى رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي والمبعوث الاممي جمال بن عمر والمجموعات المعنية بالنزاع من اجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
وذكر التقرير الذي اعدته الباحثة المتخصصة (ابريل الي): “كسب المقاتلون الشيعة الزيديون، المعروفون بالحوثيين، أو أنصار الله، سلسلة من المعارك، ما أدى فعلياً إلى إحكام سيطرتهم على محافظة صعدة، على حدود السعودية، وتوسّعهم جنوباً إلى أبواب صنعاء.
وأضاف التقرير الصادر عن المنظمة - تلقت «الأيام» نسخة منه: “تشهد مناطق شمال اليمن مجموعة متفرقة ومتقطعة من حالات وقف إطلاق النار، تتهددها مخاطر الانهيار نتيجة موجات من العنف وتصاعد في التوتر بين الحوثيين وخصومهم المتعددين عائلة الأحمر، والفريق علي محسن الأحمر (لا تربطه صلة قرابة بعائلة الأحمر) وحلفائه العسكريين، المقاتلين السلفيين، والحزب الإسلامي السني، الإصلاح، والقبائل المرتبطة بهم.
كما اضاف: “ان شمال اليمن يشهد تصاعد عنف مستمر في وقت حساس من المرحلة الانتقالية للبلاد بعد الانتهاء من اعمال مؤتمر الحوار الوطني في يناير الماضي وما قدمه من مصفوفة مخرجات لإصلاحات سياسية واسعة النطاق”.
وقالت المنظمة في تقريرها عن الوضع في اليمن : “تقف امام البلاد عقبات عديدة، بما في ذلك وجود حكومة ضعيفة ومنقسمة؛ وأوضاع اقتصادية مزرية؛ وتدهور أمني حتى يناير 2015 حيث تكتمل صياغة الدستور وإجراء استفتاء للموافقة عليه، قبل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في وقت لاحق من العام”.
واضافت: “من أجل تجنب اشتعال الأوضاع، على الأطراف تحويل التفاهمات الأولية غير المكتملة التي تم التوصّل إليها خلال مؤتمر الحوار الوطني في البلاد إلى خطة سلام قابلة للتطبيق، وذلك بتقويض سلطة الدولة الضعيفة أصلاً والوفاق السياسي الذي لا يزال في مرحلة جنينية. الوضع الراهن يفعل فعله في هذا الاتجاه، رغم أنه يفعل ذلك ببطء”.
وذكر التقرير: القتال في أقصى الشمال ليس جديداً؛ فبين عامي 2004 و 2010 ، انخرط الحوثيون في ست جولات من القتال ضد الحكومة، كانوا الطرف الأضعف سياسياً وعسكرياً، ويقتصر نشاطهم على محافظة صعدة، ويطرحون مطالب غير محددة ودون أن يكون لهم أجندة سياسية واضحة”.
واشار التقرير الى ان العام 2011 م شهد انتفاضة ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح غيّرت الحراك السياسي في البلاد، ودفعت الحوثيين إلى المسرح الوطني واستفادوا من ضعف الدولة والصراع السياسي الداخلي لتوسيع قاعدة دعمهم الشعبي وسيطرتهم على المزيد من المناطق في الشمال، بما في ذلك محافظة صعدة بالكامل، حيث يقيمون نقاط تفتيش، ويحرسون الطرق، ويجمعون الضرائب، ويشرفون على إدارة الحكومة المحلية ويديرون الجهاز القضائي. ونظراً لضعف سلطة الدولة، فقد أصبحوا دولة داخل الدولة في هذه المناطق”.
وقال التقرير: “بانضمام حركة الحوثيين الى مؤتمر الحوار الوطني كسبوا مقعداً إلى طاولة المفاوضات والمساومات الوطنية،حيث عبّروا عن مواقف تحظى بالشعبية، بما في ذلك إقامة دولة اتحادية قائمة على المبادئ الديمقراطية، والتعددية السياسية، والحرية الدينية والتوازن بين السلطات. وأكسبتهم سمعتهم كمحايدين أي كمعارضين للقوى المتصارعة خلال فترة حكم صالح وللحكومة الانتقالية التي لا تحظى بالشعبية دعماً إضافياً، حتى خارج معقلهم التقليدي في الشمال ذي الأغلبية الزيدية. والنتيجة هي تحالف متقلّب لتيارات متنافسة (دينية، وقبلية، وحتى يسارية) تتعاون تحت مظلة المعاداة لمؤسسات الدولة، ولم تتبلور طبيعته بعد.
أما ما إذا كانت هذه المجموعة ستتطور إلى حزب، أو حركة اجتماعية، أو ميليشيا مسلّحة أو مزيج من كل هذه العناصر فسيعتمد على الطريقة التي تدار بها المرحلة الانتقالية”.
يزعم الحوثيون - بحسب التقرير - أن توسّعهم ذو دافع محلّية ويقولون إن اليمنيين يرحبون بهم بسبب إحباطهم من قوات النظام القديم، بما في ذلك آل صالح، وعلي محسن، والإصلاح وآل الأحمر. ويزعمون أن أعداءهم مصممون على استعمال العنف لوقف الانتشار السلمي لأفكارهم، وبالتالي يصرّون على الاحتفاظ بأسلحتهم، على الأقل في الوقت الراهن، لمنع دولة يسيطر عليها أعداؤهم من سحقهم. في حين يُبرز خصوم الحوثيين وفقا لما ذكرته المنظمة تناقضا صارخا بين خطابهم الشامل والتكتيكات القمعية التي غالباً ما يلجؤون إليها. منتقدو الجماعة يتهمونها دائماً بالسعي، بالقوة، لإعادة تأسيس دولة دينية شبيهة بدولة الإمامة الزيدية التي كانت قائمة في اليمن في الماضي.
ويذهب بعض منتقدي حركة الحوثيين وفق ما ذكره التقرير الى أبعد من ذلك ويزعمون أن الحوثيين ابتعدوا عن جذورهم الزيدية وتوجهوا بدلاً من ذلك نحو الشيعة (الاثنا عشرية) التي يتبناها شيعة إيران وأنهم في خدمة أجندة طهران.
وقالت المنظمة ان الوضع الراهن في شمال اليمن يحمل بذور الانفجار: “حيث إن الحوثيين، الذين أكسبتهم انتصاراتهم الأخيرة مزيداً من الجرأة، يمكن أن يبالغوا في تقدير قوتهم ويفوتوا فرصة لتعزيز مكاسبهم من خلال التسوية. أما خصومهم، الذين لم يظهروا أي علامة على التراجع، فإنهم يدفعون نحو تدخل الدولة لوقف التقدم الذي يحرزه الحوثيون وإعادتهم إلى مواقعهم، وهناك مخاطرة في أن تنجرّ حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى صراع لا تستطيع تحقيق نصر عسكري فيه، خصوصاً في الوقت الذي تقاتل فيه فرعاً للقاعدة يزداد جرأة. كما أن الانفصاليين الجنوبيين يراقبون التطورات في الشمال بشكل وثيق وإذا انخرط الجيش في معركة هناك، فإنهم قد يغتنمون الفرصة لمحاولة تحقيق الاستقلال. في حين أن الاتفاقات الناجمة عن مؤتمر الحوار الوطني قد تكون نقطة بداية مفيدة،إلاّ أنها لا تستطيع وقف العنف المتنامي. لم تؤدِ مخرجات الحوار إلى توافق واضح حول القضايا المسببة للقتال، مثل تقاسم السلطة وتقسيم البلاد إلى ست مناطق اتحادية. كما أن بعض البنود، مثل نزع سلاح اللاعبين من غير الدولة، غامضة بشكل خطير، وتفتقر إلى جداول زمنية وآليات تنفيذ.
وفي أبريل 2014 ، أطلق الرئيس هادي محادثات مع الزعيم الحوثي عبد الملك الحوثي حول وضع حد للقتال الأخير وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. إلاّ أن هادي ومبعوثه الخاص للأمم المتحدة جمال بن عمر ينبغي أن يذهبا أبعد من ذلك ويحوّلا مخرجات مؤتمر الحوار الوطني إلى اتفاقية سلام قابلة للتنفيذ.
وينبغي أن تشمل المحادثات، بشكل غير رسمي على الأقل، لاعبين إضافيين: ممثلين رفيعي المستوى للمؤتمر الشعبي العام (حزب الرئيس السابق صالح)، والإصلالح، وآل الأحمر وعلي محسن والسلفيين. ولابد لأي خطة سلام واقعية أن تستجيب للمخاوف الأساسية للأطراف المتحاربة وأن تضمنها من خلال آليات تنفيذ. وقال التقرير ان هناك ثلاثة مكونات جوهرية لهذا الجهد تتمثل في تقاسم السلطة على المستويين الوطني والمحلي إلى أن يتم إجراء الانتخابات. ينبغي أن يشمل ذلك تشكيل حكومة وفاق تضم ممثلين عن الحوثيين، مع اختيار الوزراء على أساس المهارات الاحترافية والانتماء السياسي ونزع السلاح وينبغي أن يوافق الحوثيون على برنامج مفصّل ومتتابع لتسليم أسلحتهم للدولة مقابل خطوات تتخذها الدولة لتحسين حياديتها، خصوصاً في ما يتعلق بالأجهزة الأمنية. ينبغي أن يطبَّق نزع السلاح، أولاً الثقيل ومن ثم المتوسط، على جميع اللاعبين غير الدولة.
ومن أجل ضمان شفافية التنفيذ، ينبغي أن تتفق جميع الأطراف على إطار للمراقبة ينبغي وضع ضمانات لحرية المعتقد الديني والأنشطة السياسية السلمية. كخطوة أولى، على آل الأحمر، والإصلالح، والسلفيين وعلي محسن، القبول صراحة بحق الحوثيين في نشر آرائهم الدينية والانخراط في أنشطة سياسية سلمية. وينبغي على الحوثيين أن يفعلوا الشيء نفسه حيال الآخرين وأن يشكّلوا حزباً سياسياً.
وقال التقرير إن التفاوض على التفاصيل وخطوات التنفيذ المتتابعة ليست بالأمر اليسير على الإطلاق. لم تتمكن الأطراف من فعل ذلك خلال مؤتمر الحوار الوطني، الذي نجح بشكل أساسي لأنه أجّل القرارات الصعبة.
لم يعد اليمن يمتلك مثل هذا الترف. ما هو على المحك الآن ليس الانزلاق إلى العنف وحسب، بل المرحلة الانتقالية الهشة في البلاد. ودعا التقرير من اسماهم بالاطراف المتحاربة (الحوثيين
والقبائل المرتبطة بهم، بما في ذلك أعضاء المؤتمر الشعبي العام؛ وآل الأحمر؛ والمقاتلين المرتبطين بالفريق علي محسن والإصلاح) الى الالتزام باتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة والامتناع عن فتح جبهات جديدة، والمشاركة في المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق نار شامل في الشمال، والإعلان الصريح عن إبقاء مدينة صنعاء خارج المعارك واتخاذ خطوات فورية لسحب المقاتلين من منها ووقف الحملات الإعلامية وخطب المساجد التي تصف الخصوم بعبارات مذهبية أو كبيادق في أيدي اللاعبين الأجانب.
واكد التقرير في سياق توصياته للاطراف المتحاربة ضرورة “الاعتراف علناً بحق جميع الفئات بنشر أفكارها الدينية بحرية والانخراط في الأنشطة السياسية السلمية في سائر أنحاء البلاد من أجل التوصل إلى اتفاق سلام قابل للتنفيذ.
واوصت المنظمة المجتمع الدولي والدول الداعمة للعملية الانتقالية في اليمن (بما في ذلك الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي) بدعم جهود الرئيس هادي والمبعوث الدولي جمال بن عمر، بشكل منسَّق، لضمان التوصل إلى خطة سلام قابلة للتنفيذ تستند إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
واوصت الحوثيين بالاستمرار في المشاركة في المحادثات، برعاية رئيس الجمهورية مقابل أن تتخذ الدولة خطوات لتحسين حيادية وشمولية مؤسساتها، خصوصاً الأجهزة الأمنية على المستويين المحلي والوطني؛وتشكيل حزب سياسي يشارك في الانتخابات
المزمع إجراؤها عام 2015 ليتم التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة على المستويين المحلي والوطني يسهّل مشاركة الحوثيين في حكومة الوفاق وضمان دعم الجماعة للحكومة الوطنية والمرحلة الانتقالية. يشار الى ان منظمة مجموعة الازمات الدولية صدرت عنها تقارير بشأن اليمن منها تقرير عن القضية الجنوبية (نقطة الانهيار) في العام 2011 و اخر في بعنوان (قضية اليمن الجنوبي.. تجنب الفشل).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى