قرى مضاربة لحج .. خدمات مفقودة وحياة مسلوبة..قرية (العفّاج).. أهلها يشربون الماء المالح ويعيشون في ظلام دامس

> استطلاع / محمد الصبيحي:

> يعيش أهالي قرية العفّاج التابعة إداريا لمديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج، ظروفا قاسية وصعبة ازدادت تدريجياً مع حلول شهر رمضان المبارك الذي تزامن مع انقطاع الكثير من الخدمات في المنطقة وخصوصا انقطاع المياه الذي أصبح يشكل أعباء على النساء اللواتي يحضرنه من أماكن بعيدة ومتفرقة على رؤوسهن أو على ظهور الحمير، فضلاً عن المعاناة الأخرى التي لحقت بالقرية من متاعب متنوعة وأضحت لا صوت يعلو عليها، لتجعل أبناءها يعيشون عزلة تامة عن المجتمع وحرمانا كاملاً للخدمات.
* مشروع مياه متوقف
أصبح أهالي المنطقة في انتظار تنفيذ مشروع المياه الذي انتظروه كثيرا، ولكن سرعان ما تبخرت أحلامهم نتيجة المماطلة وعدم اهتمام المسؤولين المتعاقبين على المشروع، رغم ما يبذله الأهالي في قرية العفّاج الذين وجهوا مناشدات إلى سلطات المحافظة التي لم تلق آذانا صاغية لتنفيذ المشروع واستكماله منذ أن تم توقيفه من قبل المقاول المنفذ، في الوقت الذي تتزايد فيه حاجة المواطنين للمياه، بعد أن أصبحت رحلة البحث عنها محفوفة بالمخاطر لاعتماد الأهالي على آبار عميقة لجلبها، خصوصا بعد وقوع عدد من الضحايا النساء والأطفال من سكان القرية، وكثيرا ما تكون هذه المياه مالحة وغير صالحة للشرب الأمر الذي تسبب لهم بالكثير من الأمراض.
* البهائم.. وسيلة نقل
تعد الحمير هي الوسيلة الوحيدة للنقل في هذه المنطقة، حيث تستخدم في نقل المياه وكل حاجيات المنزل من مواد غذائية وخدماتية وغيرها لعدم وجود وسائل نقل في هذه المنطقة، وهذا ما زاد من تراكم المعاناة لدى المواطنين، في ظل تجاهل وجهاء المنطقة الذين لم يؤدوا واجبهم في المطالبة بحقوق أهل المنطقة التي أضحت شبه منسية وتكاد غير مدرجة في الخارطة الجغرافية للبلد.
* القرية في ظلام
تعد قرية العفّاج إحدى القرى القليلة التي تم استثنائها من خدمة التيار الكهربائي الذي وصل إلى عموم مناطق ومديريات المحافظة، ما زاد الأمور تعقيدا لدى أبناء المنطقة المحرومون من كل الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وطرقات وصحة وغيرها من المتطلبات الخدماتية المفقودة، رغم سيل الوعود التي تطلقها الجهات المعنية للأهالي، وغياب دور الرموز والشخصيات التي تم انتخابها لتمثيل المنطقة وسكانها ومتابعة كافة قضاياهم ومشاريعهم، وهي شخصيات - يقول عنها الأهالي ـ أنها تجاهلت هموم وقضايا أهاليهم ولجأت إلى البحث عن مصالحها الخاصة، فيما مناطقهم وأهاليهم مازلوا يقبعون في ظلام دامس، لايعرفون سوى ضوء الفوانيس.
وكان ممثل قرية العفاج وهو عضو في المجلس المحلي، كان قد وعد عقب انتخابه من قبل أهالي المنطقة بأنه سوف يعمل لأجل خدمة القرية وتلبيه قضاياها، والعمل على مساعدة أبنائها في الحصول على الوظائف والمشاريع المدعومة من قبل الدولة، وهذا ما لم يتم حيث أضحت الوعود التي قطعها ذلكم المسؤول مجرد كلام وشعارات ليس إلا.
* وحدة صحية بلا أدوية
بمبادرة خيرية وشخصية قام المواطن طه أحمد علي سيف أحد أهالي المنطقة بتحويل منزله الخاص إلى وحدة صحية نظرا لحاجة القرية لوجود مقار طبية، في ظل ما يعانيه أهلها من صعوبة الحصول على العلاج والدواء.
حيث تم تزويد هذه العيادة بمساعد طبيب من قبل الصحة، إلا أن فرحة أهالي المنطقة لم تكتمل، بسبب أن هذه الوحدة افتقرت للأدوية ولم تجد من الاهتمام غير الإهمال من قبل القائمين على أمورها الذين لم يلتزموا بدوامهم وجعلوا من انعدام الأدوية ذريعة لذلك، وهذا ما سبب وفيات كثيرة وحالات إجهاض، نظرا لبعد المسافة بين القرية وبين المدينة وصعوبة الحصول على مواصلات تنقل ذهابا وإيابا.
كل ذلك يحدث في ظل وجود حالة من الصمت التام من قبل إدارة الصحة بالمديرية والتي لم تقم بواجبها في تزويد الوحدة الصحية بالأدوية والمستلزمات الطبية المطلوبة، وكذا متابعة أوضاعها وسير العمل الصحي فيها.
والحال ذاته ينطبق على مستشفى المديرية (الشط) إذ أن وضعه الخدماتي ليس ببعيد عن ماهو سائد وموجود في الوحدة الصحية القرية، حيث تقتصر خدمات هذا المشفى على تقديم حملات اللقاح الفصلية أو السنوية، والتي أيضا تصل المنطقة وبكميات غير كافية وأحيانا لا تصل بالمرة، ما يدفع الأهالي بالذهاب بأطفالهم إلى مراكز أخرى مشياً على الأقدام.
* الرحلة باهضة الثمن
الحرمان من الخدمات ووعورة الطريق عنواين مازالت واضحة في معاني المعاناة اليومية التي يعيشها سكان القرية، إذ أن بعدهم وبمسافات طويلة عن الطريق العام الرابط بين محافظتي عدن والحديدة، جعل من الأمور تزداد تعقيدا خصوصا عند المرضى والنساء الحوامل اللاتي يجدن صعوبة بالوصول إلى الطريق العام بغية الحصول على عربات أو سيارات تقوم بإسعافهن ونقلهن للمشافي.
كما إن وسائل النقل المتوفرة في المنطقة تفرض أجورا مرتفعة دون مراعاة الدخل البسيط والمتواضع للأهالي الذين معظمهم يعيشون تحت خط فقر مدقع.
* أطفال منسيون
المعاناة والإهمال وقسوة الزمان، مشكلات يومية لم تعد تقتصر على الرجال والنساء، ولكن شملت بأوجاعها كبار السن الذين لم يجدوا حتى الآن حقهم في الرعاية والتقدير، إضافة إلى أطفال المنطقة الذين حرموا من حقهم في اللعب والتمتع بالحياة كغيرهم، بعد أن ارتسمت على ملامحهم حياة قاسية أفقدت براءتهم وسعاداتهم، بعد أن أصبحوا شقاة وهم في عمر الزهور وتحمل مسؤولية القيام بأعمال تفوق قدرة تحمل أجسادهم وأعمارهم في جلب المياه من الآبار العميقة، والرعي وسط الحقول الواسعة.
هذه المعاناة، بل المأساة التي يعيشها أطفال القرية لا تحتاج إلى البحث عن حالات لرؤيتها، لأنه بمجرد الاقتراب من أحدهم تعرف مدى حقيقة ما يعانيه هؤلاء الأطفال من ملامح وعلامات تشققات على أيديهم بسبب ما يقومون به من أعمال شاقة، التزموا على القيام بها لسد احتياجات عائلاتهم الفقيرة التي مازالت ترزح تحت ظروف وحياة قاسية لا ترحم كبير ولا صغير.
استطلاع / محمد الصبيحي:

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى