في مديرية دار سعد بعـدن، مواطنون محرمون من أبسط متطلبات الحياة، وآخرون يقطنون بيوت مسقوفة بـ(الكراتين)

> استطلاع/ محمد الصبيحي

> مديرية دار سعد هي إحدى المديريات التابعة لمحافظة عدن، وتعتبر البوابة الرئيسة للمحافظة في ارتباطها بطريق عدن- تعز، وتضم العديد من الأحياء السكنية التي تفتقر إلى أبسط المقومات الأساسية، وغالبية سكانها من المهمشين والفقراء، الذين تجد منازل بعضهم مبنية من العشش حيث لا تقي برد الشتاء ولا حرارة الصيف الساخنة.
في بعض الأحياء الفقيرة المترامية على أطراف المديرية، يعيش سكان يعانون الفقر والحرمان من أبسط أساسيات الحياة، لدرجة أنه يخال للمرء حين يتجول في نطاق هذه الأحياء بأن مديرية دار سعد تقع خارج حدود محافظة عدن.
كما أن هناك واقعا مؤلما في تلك المديرية حين نرى بعض العائلات ترزح تحت ضنك العيش والأوضاع الاجتماعية الصعبة، والأجواء المناخية القاسية، فلا يوجد دور للسلطة المحلية التي كما يبدو أنها تناست مسؤوليتها ولم تعد تكلف نفسها بتوفير الخدمات الأساسية ومتابعة المشاريع والانطفاء المتكرر للتيار الكهربائي.
ربما الأمر ليس ببساطة حين نرى أن أكثر المديريات والمناطق كثافة سكانية والتابعة لمحافظة عدن تتفاقم فيها الأزمات وتتسع فيها الإشكاليات، فأبناء مديرية دار سعد لا يجدون أية راحة لا في النهار ولا في الليل، لاسيما وأن سخونة الجو وزيادة انقطاع الكهرباء التي تصل في اليوم الواحد إلى أكثر من 6 ساعات، وتدهور أوضاع البيئة والصحة العامة، قضايا ضاعفت العديد من الظروف الاجتماعية والحياتية المعقدة.
بانتظار قطرة ماء
بانتظار قطرة ماء
** لأنهم فقراء ومهمشين
تعيش بعض الأحياء الفقيرة في مديرية دار سعد الكثير من المشاكل والأوضاع المزرية، من بطالة وتهميش، ومن غياب أبسط مقومات الحياة الكريمة، والسبب كما يرجعه البعض أن السلطة المحلية تنظر إلى قاطني تلكم الأحياء بأنهم من الفئات المهمشة والأسر الفقيرة الذين لا يستحقون الرعاية والاهتمام، ونتيجة هذه الأوضاع الصعبة التي تعاني منها الأحياء الفقيرة والمهمشة، نجد أن الكثير من الشباب اختاروا صندوق النظافة والتحسين بسبب إحساسهم بالنبذ والتفرقة وأنهم مسلوبي الحرية والكرامة.
** أطفال حرموا من التعليم
ليس الأمر غريب أن تشاهد عددا كبيرا من الذكور والإناث من أبناء الأسر المهمشة في مناطق مديرية دار سعد، يمضون حياتهم دون تعليم أو أمل بالحصول على حصة تعليمية تسمح لهم بمنافسة أولاد الأغنياء في الدراسة، مع أن أحلامهم كبيرة وواسعة.
كثير من الأطفال صغار السن تركوا مقاعد التعليم ولجأوا إلى مساعدة آبائهم بالعمل في الشوارع للبيع، وبعضهم امتهن أعمالا شاقة، وهناك من قام بتجميع (الأدوات البلاستيكية) ليعول أسرته وإعانة والديه بتوفير حياة كريمة... أطفال ما يزالوا محرمون من لعبة ومن كراسة أو من فرحة بريئة، ويعيشون أوضاعا قاسية يذاق فيها الفقر والعوز مرارة بمذاق الوجع والعلقم.
حرق النفايات تزيد من التلوث
حرق النفايات تزيد من التلوث
** منازل تظلها (الكراتين)
لا يخطر على بال أحد مدى معاناة الأحياء الفقيرة في المديرية إلا حين يزورها ويشاهد عن كثب، لأن معظم المنازل التي يقطنها أولئك المهمشين معرضة للسقوط والانهيار، وبعضها تظللها (الكراتين) لتوفر حالة من الظلال الذي يقي الساكنين من حرارة الشمس وسخونتها اللاسعة، وهناك مواطنون مهمشون تجدهم يرقدون في العراء على قارعة الطرقات والشوارع، لا منزل ولا مأوى لهم، يتلقون دروس العذاب اليومي متنقلين من شارع إلى شارع، ضمن ظروف وأوضاع حياتية صعبة، ولم يسمع يوما أن أحدا المسوؤلين بادر إلى زيارة تلك الأحياء وتفقد المبيتين في شوارعها لأجل متابعة قضاياهم
والتخفيف عن همومهم، أوعلى الأقل بتوفير ولو جزء يسير من المشاريع والخدمات المطلوبة.
فهناك الكثير من التساؤلات ينبغي طرحها على مسؤولي محافظة عـدن، إلى متى سيظل الفقراء والمهمشين وحدهم يتجرعون الفقر والجوع، ويفترشون الأرصفة وينامون على بساط (الكراتين) في الوقت الذي تمنح فيه الدولة المال والمنازل والمناصب والسيارات لكل مسؤول على حساب العشرات والمئات من شرائح الفقراء والمعدمين؟!.
** يتسحّرون على الشموع
لم يسمع أن أحدا من قيادة مديرية دار سعد قام بتأدية دوره على أكمل وجه، فكل ما يصدر عنه ليس سوى وعود رنانة لحل المشاكل والقضايا العالقة التي تتعلق بمتطلبات المواطنين،
حيث أن أبناء المديرية لا يجدون الكهرباء إلا في أوقات محدودة، فالمواطن زادت معاناته النفسية والجسدية سوءاً لدرجة أنه أصبح لا يقدر المكوث في منزله بمجرد انطفاء الكهرباء، وبعضهم تتعرض منازلهم للسرقة أثناء أوقات الظلمة، حتى الشموع والفوانيس أصبحت تشكل خطرا كبيرا على حياة المواطنين، لاسيما على حياة أولئك الذين يسكنون في منازل (عشش) مبنية من الخشب التي -أحيانا- تتعرض بعضها للحريق.
من الاحياء الفقيرة في المديرية
من الاحياء الفقيرة في المديرية
** حياة بلا ماء
العديد من أحياء ومناطق مديرية دار سعد تمر عليها أيام وساعات طويلة دون ماء نتيجة انقطاعه المستمر عن عدادات المواطنين، ولا تندهش حتى يشد نظرك أن الكثير من العائلات والأسر اضطرت إلى شراء مياه الشرب من (البقالات)، وأخرى لجأت إلى جلبها عبر (الدبب والحمير)، ما جعل الأهالي والأسر يرفعون سيلا من المناشدات إلى السلطة المحلية بالمديرية والمحافظة بالنظر إلى ما تعانيه المديرية من أوضاع صعبة ومؤسفة، وأبرزها الوضع الصحي والبيئي العام، وإشكالية الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والمياه.
** القمامة وسط المنازل
كارثة بيئية تهدد العديد من الأحياء الفقيرة في المديرية، فتراكم كميات القمامة وطفح البالوعات المستمرة في وسط الأحياء السكنية يتطلب تدخلا سريعا من قبل السلطة المحلية في وضع حلول ومعالجات جذرية، والتي ينبغي عليها أيضا -أي السلطة المحلية- التفاعل بإيجابية مع مطالب الأهالي وخاصة أهالي الأحياء الفقيرة.
لكن تظل أكثر الأوضاع التي تنم عن عدم وجود وعي بيئي عام لدى معظم المواطنين حين يلجؤن إلى حرق القمامة والكراتين والبلاستيك والإطارات في الهواء الطلق اعتقادا أن ذلك يخلصهم من تراكمها، وينقي الجو من الجراثيم والحشرات، فالكارثة عند القيام بذلك تكون أكبر بكثير فهي تعكس نفسها على مضاعفة الأمراض لمن يعانون من مرض ضيق التنفس والربو وغيرها من أمراض الرئة والقلب.
فعلى مسؤولي المديرية والبلدية العامة أن تقوم بواجبها بنقل تلكم التراكمات من القمامة والنفايات عبر السيارات المخصصة لها.
هكذا يلعب ابناء المهشين والفقراء
هكذا يلعب ابناء المهشين والفقراء
** كلمة أهالي المديرية
يقول بعض الفقراء والمهمشين الذين لا يملكون شيئا،: "كنا نعوّل على المجلس المحلي للمديرية بأن يلتفت إلى تلبية ولو جزء من حقوقنا، لكن للأسف الشديد لا السلطة المحلية في المديرية ولا قيادة المحافظة اهتمت بنا، بل زادت من إهمالها لمتطلبات وقضايا جميع سكان وأحياء المديرية ".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى