رجال في ذاكرة التاريخ .. يحيى محمد مكي استحق وبجذارة لقب (موسيقار الأجيال)

> «الأيام » نجيب عبدالمجيد:

> ** الميلاد والنشأه **
موسيقار، الأجيال يحي محمد مكي من مواليد كريتر (عدن) في 5 أكتوبر، 1930 في أسرة مستورة الحال وقد ورد في الكتيب المكرس لتكريمه الذي أصدرته اللجنة المكلفة بتكريمه من المجلس الثقافي لأندية محافظة عدن وذلك في اللقاء الذي أجراه معه راحلنا محمد حمود أحمد (الصفحات 70 - 80): "أنا من مواليد 1930 وكانت بدايتي مع مدرسة بازرعة التي درست فيها مراحل الدراسة الأولى وتكونت لدي ميوله موسيقية منذ الـصبا الباكر" وتحدث راحلنا الكبير مكي عن التعليم كقيمة كبيرة في ذلك العصر رغم صعوبة ظروف الأسرة ولكنه وجد نفسه مكافحا من أجل الفن الذي ظهر عنده كموهبة فهو (أي الفن) كما قال: "يحتاج إلى جانب الموهبة والرغبة إلى الاطلاع والتعلم على أصول الموسيقى والعزف على آلالات الموسيقية".
** مكي واليتيم الذي أرسله الإمام **
تحدث راحلنا الكبير عن زيارة ولي العهد أحمد بن يحيى بن حميد الدين عام 1946 وكانت النشاطات الأهلية في أوجها في عدن، وخاصة الفنية، وكانت مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية التي آسسها الشيخ الجليل الفاضل محمد عمر بازرعة عام 1912 من المدراس الأهلية التي نهضت بأوضاع الدراسة الصفية واللاصفية ولذلك أرسل ولي العهد آحمد (لاحق الأمام أحمد رحمه الله) بمدرس الموسيقى علي اليتيم وقال راحلنا الكبير يحي مكي: "وعلي اليتيم هو أول من شجعني واحتضنني والذي شجعه على احتضاني هو عزفي الجيد على (النرومبيت) وهي أول آلة بدأت العزف عليها وهي من الآلات الأساسية للموسيقى العسكرية وهذا النبأ هو ما جعلني ارتبط فترة طويلة بالموسيقى العسكرية".
يحيى مكي
يحيى مكي
** مكي وشماخ والاختلاط بالحضارم **
أفاد راحلنا الكبير يحي مكي في سياق لقائه مع الكاتب والمبدع محمد حمود (ص 73): "أول لحن كان لي ومن تأليفي موسيقيا هو (الحنين إلى الماضي) من كلمات الأستاذ المرحوم عوض عمر شماخ وهو من حضرموت وكان مقيماً في عدن وفي تلك الفترة تعرفت على هذا الشاعر، فقد كان اختلاطي بالحضارم سائداً أكثر في تلك الفترة وقد سجلت هذه الأغنية لحنا وأداء بصوتي، ثم غناها فيما بعد الفنان محمد سعد عبدالله واقتطع منها:
أناديك بالعهد لا تهجري
وبالحب يا ؟ألقي؟ لا تكفري
؟؟ومتني؟؟ جروح النوى آنظري
جفاني الكرى وضناني الحنين
كفى ما ألاقيه ألا ترحمين؟.
** مكي وخالد صوري وشهادة للتاريخ **
أما الباحث الموسيقي والقامة التربوية الكبير الأستاذ خالد صوري فقد أسهم بموضوع عنوانه (الموسيقار يحي مكي هو مني بمقام الأستاذ وأنا منه بمقام التلميذ) شغل الصفحات من (12) إلى (16) من الكتيب المذكور، تناول فيه الأيدي البيضاء للأستاذ مكي في تدريس الموسيقى في المدارس، وتأسيس فرقة موسيقية مدرسية في مدرسة بازرعة، وتبنى الخامات الفنية التي أخذت موقعها في جمال الإبداع ومنهم أحمد بن أحمد قاسم ومحمد عبده سعد ومحمد صالح همشري ومحمد سعيد سنعر وأحمد ناجي قاسم ومحمد عبده زيدي ونديم عوض وغيرهم، وهو يعتبر أن أستاذه يحي مكي أستاذ الجيل لأن جيلاً من الموسيقيين والفنانين تربوا على يديه.
** مكي ودحان والبريقة في العام 1957 **
أما شيخ الصحفيين الذي صال وجال في عدة جبهات صالح عبده دحان (1941-2011) فقد أسهم بموضوع قيم في الكتيب المذكور في الصفحة (21)، ثم حديث ذكريات في الصفحة (45) وأسلوب الأستاذ دحان سافر وجميل وموسوعي وملم بجغرافية عدن أرضاً وإنساناً، فها هو يتحدث عن مكي ؟؟بالتولى؟؟ "إذا نظرت إليه من على مبعدة، خلت أنك على وشك الإلتقاء بالأستاذ محمد حسن عوبلي -رحمه الله- فكلاهما مربوع القامة (بوسطي) بالإضافة إلى اشتراكهما في لون ونوع الشعر وسواد لون الأسنان من جراء تعاطي التمبل). ص 46. أما عن بداية تعرفه بالأستاذ يحي مكي فيفيد الأستاذ صالح دحان (نفس المرجع - ص 22) صادف تعرفي عليه لأول مرة في أواخر العام 1957 بالبريقة (عدن الصغرى) ذلك أن الأستاذ دحان الذي كان مدرساً في مدرسة الخساف الإبتدائية بكريتر على أيام مديرها الأستاذ حسن علي منيباري -رحمه الله- انتقل إلى مدرسة البريقة الابتدائية الحديثة العهد -أنذاك- طمعاً في المسكن الجميل الذي كانت الحكومة توفره للمنتقل إليها، وأقيم حفل توديع للدحان وذكر من الزملاء في المدرسة الأستاذ خالد صوري صاحب روح النكتة أو كما قال الدحان(وخاصة عندما يرطن المريكاني)، وقال الدحان:" وإن كنت قد افتقدت زميلا فنانا هو أحمد قاسم الحمنه إلا أنه وجد من يغطي الحلقة المفقودة وهي لقاؤه بالأستاذ الفنان يحي مكي، وانتقل دحان من مدير لطيف وهو الأستاذ حسن منيباري إلى مدير لطيف آخر وهو الأستاذ نجيب جعفر أمان (شقيق التربويين الراحلين لطفي أمان وفتحي أمان).
** مكي وشهادة نجيب سعيد ثابت من جيل السبعينات **
قدم الفنان نجيب سعيد ثابت شهادته للتاريخ في الكتيب المذكور (39 -44) مما يؤكد أن الأستاذ يحي مكي هو أستاذ وموسيقار الأجيال، وأفاد نجيب بأن الأستاذ يحي يعزف على عدة آلات نحاسية، إضافة إلى عزفه على آلة العود وأنه تربع على عرش الموسيقى النحاسية، ولم يجرؤ على التنافس معه أي فنان؛ لأنه كان يعلم بخبايا ودهاليز وطبيعة هذه الآلات المعروفة بتنوع مفاتيحها الموسيقية واختلاف قراءات نوتاتها من غير آلالات الوترية.
وأفاد نجيب بأن تعرف على الأستاذ يحي مكي عام 1974، عندما التحق طالبا بمعهد الموسيقى ليتعلم أصولها، وكان المعهد قد افتتح في العام 1973، وأفاد بأن الأستاذ يحي لعب دوراً كبيراً في وضع منهج المعهد في مادتي (الصولنج) والنظريات الموسيقية وكان من الرواد الذين أسسوا دعانم المعهد جنباً إلى جنب مع الأستاذ جميل غانم -رحمه الله- مؤسس المعهد ومديره العام، وفي إفادة أخرى للفنان نجيب سعيد ثابت عن الراحل الكبير يحي مكي بأن التحاقه (أي مكي) بالتربية والتعليم بأنه أسهم كثيراً في الأنشطة الفنية للمدارس وتأسيس الفرق الموسيقية للأطفال حينها.
** يحي مكي يقدم فناً وفنانين **
في سياق لقائه بالكاتِب المتألق محمد حمود أحمد -رحمه الله- أفاد الراحل الكبير يحي مكي بأنه اكتشف محمد صالح علي وأطلق عليه، أسماً فنياً (الهمشري) (محمد صالح همشري) وكانت باكورة أغانيه (خايف أحبك) من ألحانه، وغنى له محمد عبده بعد أغنية (أحبك) والأغنيتان المذكورتان كانتا من كلمات الراحل الكبير لطفي جعفر أمان.
كما غنى له أحمد ناجي قاسم من كوادر خطوط عدن الجوية وطيران (باسكو) وطيران (اليمدا) الذي ربطته زمالة فنيه بفناين آخرين هما أبو بكر فارع وياسين فارع زملاء لـ فرقة بازرعة التي أنشأها الراحل الكبير يحي مكي التي احتضنت مواهب أخرى وأبرزها أحمد بن أحمد قاسم الذي أسس الفرقة الموسيقية الـتجديدية في 4 أبريل 1957، وكان الأستاذ أدريس حنبلة (مستشار ومشرف عام) الفرقة حتى 30 أكتوبر 1958 (د. أحمد علي همداني : إدريس حنبلة الشاعر والمناضل - ص 102). أما رائعته (ياريت ما كان اللي كان، ولا عرفتك من زمان، ولا هويتك يا فلان، ويامن خدع قلبي وخان) فقد كانت من ألحانه وسجلها بصوته لإذاعة عدن وغناها من بعده الفنان محمد سعيد منصر.
** الفاصل الزمني الذي تداركه طه غانم وأحمد قعطبي **
قرر الأستاذ طه أحمد غانم محافظ محافظة عدن وأحمد محمد قعطبي، عضو مجلس النواب رئيس نادي الوحدة الرياضي تكريم القامة الكبرى الأستاذ يحيى محمد مكي، الذي أعطى كثيراً ولم يأخذ شيئاً، حتى صدر ذلك القرار المنصف ولعب المجلس الثقافي لأندية عدن ورئيسه الأستاذ عبدالله باكداده وسكرتيره الأستاذ محمد حمود أحمد، -رحمه الله- دوراً كبيراً في إعطاء المناسبة حقها حيت أعدت برنامجا يليق بمكانة الرجل الكبير، حيث استضافته قناة عدن يوم السبت 4 سبتمبر 1999 وتنظيم ندوة في منتدى جامعة عدن مساء الجمعة 3 سبتمبر 1999 وإصدار كتاب بهذه المناسبة وإقامة حفل فني وتكريمي بفندق عدن مساء السبت 11 سبتمبر 1999 حيث قام الأستاذ طه غانم وأحمد قعطبي والمجلس الثقافي لأندية عدن ومكتب الثقافة بعدن بتكريم الرجل يحيى محمد مكي.
حقا لقد تدارك الأستاذان طه غانم وأحمد قعطبي ذلك الفاصل الزمني بين الحياة والموت للرجل الكبير يحي مكي الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الخميس. 28 ديسمبر 2000م عن عمر ناهز الـ (70) عاماً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى