> صنعاء/دبي «الأيام» يارا بيومي ومارتن دوكوبيل:
لم تكن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية هذا الشهر لضبط الإنفاق العام إلا محاولة منها لكسب التأييد الشعبي قبل تدشين أكبر إصلاح اقتصادي تشهدها البلاد منذ سنوات والذي يتضمن رفع أسعار الوقود،
لكن ربما لن تتمكن الحكومة من كسب تأييد المواطنين الساخطين.
وتتجلى خيبة الأمل في العاصمة صنعاء التي اختنقت فيها الطرق المؤدية إلى محطات البنزين لأشهر جراء طوابير السيارات التي تنتظر إمدادات الوقود الشحيحة.
وقال الطبيب وضاح حاشد : "وقفت في الطابور ست ساعات... وعندماوصلت إلى مقدمة الصف أبلغوني أن الوقود قد نفذ"، وأضاف "لقد صارت حياتنا جحيما."
ورتب سائق السيارة الأجرة محمد الحيمي مع مجموعة من زملائه لتبادل المعلومات بخصوص محطات البنزين التي يتصادف احتواؤها على وقود في المدينة.
وقال: "نعمل يوما ونقف في الطابور في اليوم الاتي، كانت تلك هي حياتنا على مدى الأشهر الأربعة الأخيرة.. من الواضح أن الحكومة تريد إقناعنا بضرورة رفع الأسعار، لكن الناس لم يعد بمقدورهم تحمل ذلك".
وأضاف "سيخرج الناس.. لإسقاط الحكومة إذا ارتفع سعر الوقود".
لا شك أن المزاج العام يشكل خطرا كبيرا على الحكومة في الوقت الذي تسعى فيه لتعزيز أوضاعها المالية المتداعية.
صحيح أن اقتصاد اليمن إحدى أشد الدول العربية فقرا قد اعتاد المعاناة إلا أن القلاقل السياسية التي تشهدها البلاد منذ اندلاع انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 أضعفته كثيرا.
وتسعى الحكومة منذ أكثر من عام للحصول على قرض لا تقل قيمته عن560 مليون دولار من صندوق النقد الدولي الذي يطالب بإجراء إصلاحات مثل خفض دعم البنزين وغيره من الوقود.
وعلى المدى الطويل سينعكس خفض الدعم إيجابيا على ميزانية الدولة إذ بلغت تكلفته نحو ثلاثة مليارات دولار العام الماضي، أو مايعادل ثلث إيرادات الدولة، ويمكن استخدام بعض الأموال التي يوفرها الإصلاح في زيادة إمدادات الوقود والحد من نقصه الذي يثير غضب العامة، غير أن التأثير الفوري للإصلاح سيتمثل في رفع أسعار الوقود على المستهلكين اليمنيين، وهي خطوة قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع السياسية، وكانت محاولة سابقة من الحكومة لخفض الدعم في عام 2005 أثارت أعمال شغب أسفرت عن مقتل نحو 20 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين، وألغيت خطة الإصلاح آنذاك.
ومن شأن أي اضطرابات اجتماعية جديدة تندلع في البلد الذي يقطنه27 مليون نسمة أن تزعزع استقرار البلاد، وهو ما يمكن أن تسعى لاستغلاله قوى مناهضة للحكومة من بينها متشددون تابعون لتنظيم القاعدة.
وقالت السفيرة البريطانية في اليمن جين ماريوت لرويترز في مايوأيار: "مع شيء مثل دعم الوقود لا يوجد وقت مناسب ومن ثم ينبغي عليك أن تبحث عن أفضل وقت ممكن."
وأضافت "يعلم الجميع أن هناك حاجة للقيام بذلك بمن فيهم كافة الوزراء والرئيس والناس الذين تحدثت إليهم" لكنها أشارت إلى "إنجاح الخطة يستلزم من اليمن أن يضمن توافر ما يكفي من الوقود لتلبية الطلب بالأسعار المرتفعة.
وذكرت أنه "لو استمر وقوف الناس في طوابير بعد تقليص الدعم فسيكون ذلك نذير كارثة".
تبيع محطات الوقود في صنعاء لتر البنزين - إن وجد - بالسعرالرسمي المدعم البالغ 125 ريالا (0.58 دولارا) وهو أقل من سعره البالغ نحو 300 ريال في السوق السوداء التي ارتفعت فيها الأسعاربشدة بسبب أزمة الوقود.
ويرفض المسؤولون اليمنيون الإعلان عن توقيت خفض الدعم وحجم الخفض، لكن مسؤولا كبيرا بوزارة النفط طلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية القضية قال لرويترز: "إن الإعلان عنه قد يأتي في نهاية الأسبوع".
وذكر المسؤول "أن الحكومة تريد رفع الأسعار الرسمية للبنزين ووقود الديزل (السولار) إلى 200 ريال للتر، ويبلغ السعر الحالي للتر وقود الديزل الذي يستخدم على نطاق واسع في توليد الكهرباء 100ريال في السوق الرسمية و250 ريال في السوق السوداء".
يفسر اقتراب الإصلاح توقيت حزمة التقشف التي أمر بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي هذا الشهر، وتتضمن هذه الحزمة قيودا على سفر المسؤولين الحكوميين إلى الخارج، حيث تم إلزامهم بالسفر في الدرجة السياحية، وتجميد التوظيف الجديد في مؤسسات الدولة وشراء الوزارات للسيارات، إلى جانب مراجعة جدوى الشركات المملوكة للدولة.
وقال الخبير السياسي اليمني علي سيف حسن: "إن الهدف من الإجراءات بناء على أوامر هادي كان إقناع الشعب بقبول خفض الدعم بإظهار أن الحكومة بدأت بنفسها في تطبيق التقشف".
وزادت الحاجة إلى إصلاح الدعم في الأشهر الأخيرة مع تقلص أرباح اليمن من التصدير جراء هجمات شنها متشددون على خطوط أنابيب النفط، ولم تربح صنعاء سوى 671 مليون دولار من تصدير الخام في الفترة من يناير كانون الثاني إلى مايو أيار بانخفاض نحو 40 بالمئة عما جنتها قبل عام.
وتردد المانحون الأجانب الذين تعهدوا بتقديم مساعدات قيمتها7.9 مليار دولار في 2012 في إرسال الأموال بسبب الفساد وتدهورالأوضاع الأمنية.
وقال مسؤول بصندوق النقد الدولي في مايو أيار: "إن ثلث حزمة المساعدات قد وصل إلى البلاد".
وتوقع صندوق النقد في أبريل نيسان أن تواجه الحكومة اليمنية عجزا في الميزانية نسبته 6.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في2014. ويقول الصندوق: "إنه يدعم الخفض التدريجي للدعم تزامنا مع تقديم خدمة التحويلات الاجتماعية للفئات الأشد فقرا".
لن يضر إصلاح دعم الوقود بفقراء اليمن فحسب، بل سيضطر أيضا بالموسرين نسبيا، وأصدر صندوق النقد تقريرا في يوليو تموز قدر فيه أن 40 بالمئة من دعم الوقود يذهب إلى أغنى 20 بالمئة من الأسر بينما لا يذهب سوى 25 بالمئة منه لأفقر 40 بالمئة.
وقد يضر الإصلاح أيضا ببعض رجال الأعمال الذين ربحوا من منظومة الدعم بأساليب، منها حصولهم على وقود بأسعار مدعمة وبيعه في السوق السوداء، ووصف تقرير أصدره معهد تشاتام هاوس للأبحاث العام الماضي دعم الوقود بأنه "مصدر رئيسي للفساد والمحسوبية".
وقالت ماريوت "سيكون هناك أشخاص بارزون في المنظومة سيخسرون الكثير من المال".
لكنها أضافت أنه "في ظل غياب الإصلاح يتمثل السيناريو الأكثرسوءا في عدم دفع الرواتب وبدء توقف عجلة الاقتصاد، يتمتع اليمنيون بمرونة وسعة حيلة لا تصدق، لكن لكل إنسان حدود لقدرته على التحمل". رويترز.
لكن ربما لن تتمكن الحكومة من كسب تأييد المواطنين الساخطين.
وتتجلى خيبة الأمل في العاصمة صنعاء التي اختنقت فيها الطرق المؤدية إلى محطات البنزين لأشهر جراء طوابير السيارات التي تنتظر إمدادات الوقود الشحيحة.
وقال الطبيب وضاح حاشد : "وقفت في الطابور ست ساعات... وعندماوصلت إلى مقدمة الصف أبلغوني أن الوقود قد نفذ"، وأضاف "لقد صارت حياتنا جحيما."
ورتب سائق السيارة الأجرة محمد الحيمي مع مجموعة من زملائه لتبادل المعلومات بخصوص محطات البنزين التي يتصادف احتواؤها على وقود في المدينة.
وقال: "نعمل يوما ونقف في الطابور في اليوم الاتي، كانت تلك هي حياتنا على مدى الأشهر الأربعة الأخيرة.. من الواضح أن الحكومة تريد إقناعنا بضرورة رفع الأسعار، لكن الناس لم يعد بمقدورهم تحمل ذلك".
وأضاف "سيخرج الناس.. لإسقاط الحكومة إذا ارتفع سعر الوقود".
لا شك أن المزاج العام يشكل خطرا كبيرا على الحكومة في الوقت الذي تسعى فيه لتعزيز أوضاعها المالية المتداعية.
صحيح أن اقتصاد اليمن إحدى أشد الدول العربية فقرا قد اعتاد المعاناة إلا أن القلاقل السياسية التي تشهدها البلاد منذ اندلاع انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 أضعفته كثيرا.
وتسعى الحكومة منذ أكثر من عام للحصول على قرض لا تقل قيمته عن560 مليون دولار من صندوق النقد الدولي الذي يطالب بإجراء إصلاحات مثل خفض دعم البنزين وغيره من الوقود.
وعلى المدى الطويل سينعكس خفض الدعم إيجابيا على ميزانية الدولة إذ بلغت تكلفته نحو ثلاثة مليارات دولار العام الماضي، أو مايعادل ثلث إيرادات الدولة، ويمكن استخدام بعض الأموال التي يوفرها الإصلاح في زيادة إمدادات الوقود والحد من نقصه الذي يثير غضب العامة، غير أن التأثير الفوري للإصلاح سيتمثل في رفع أسعار الوقود على المستهلكين اليمنيين، وهي خطوة قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع السياسية، وكانت محاولة سابقة من الحكومة لخفض الدعم في عام 2005 أثارت أعمال شغب أسفرت عن مقتل نحو 20 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين، وألغيت خطة الإصلاح آنذاك.
ومن شأن أي اضطرابات اجتماعية جديدة تندلع في البلد الذي يقطنه27 مليون نسمة أن تزعزع استقرار البلاد، وهو ما يمكن أن تسعى لاستغلاله قوى مناهضة للحكومة من بينها متشددون تابعون لتنظيم القاعدة.
وقالت السفيرة البريطانية في اليمن جين ماريوت لرويترز في مايوأيار: "مع شيء مثل دعم الوقود لا يوجد وقت مناسب ومن ثم ينبغي عليك أن تبحث عن أفضل وقت ممكن."

مواطنون يتسلمون أكياسا
من القمح المقدمة من
منظمات الإغاثة
وذكرت أنه "لو استمر وقوف الناس في طوابير بعد تقليص الدعم فسيكون ذلك نذير كارثة".
تبيع محطات الوقود في صنعاء لتر البنزين - إن وجد - بالسعرالرسمي المدعم البالغ 125 ريالا (0.58 دولارا) وهو أقل من سعره البالغ نحو 300 ريال في السوق السوداء التي ارتفعت فيها الأسعاربشدة بسبب أزمة الوقود.
ويرفض المسؤولون اليمنيون الإعلان عن توقيت خفض الدعم وحجم الخفض، لكن مسؤولا كبيرا بوزارة النفط طلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية القضية قال لرويترز: "إن الإعلان عنه قد يأتي في نهاية الأسبوع".
وذكر المسؤول "أن الحكومة تريد رفع الأسعار الرسمية للبنزين ووقود الديزل (السولار) إلى 200 ريال للتر، ويبلغ السعر الحالي للتر وقود الديزل الذي يستخدم على نطاق واسع في توليد الكهرباء 100ريال في السوق الرسمية و250 ريال في السوق السوداء".
يفسر اقتراب الإصلاح توقيت حزمة التقشف التي أمر بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي هذا الشهر، وتتضمن هذه الحزمة قيودا على سفر المسؤولين الحكوميين إلى الخارج، حيث تم إلزامهم بالسفر في الدرجة السياحية، وتجميد التوظيف الجديد في مؤسسات الدولة وشراء الوزارات للسيارات، إلى جانب مراجعة جدوى الشركات المملوكة للدولة.
وقال الخبير السياسي اليمني علي سيف حسن: "إن الهدف من الإجراءات بناء على أوامر هادي كان إقناع الشعب بقبول خفض الدعم بإظهار أن الحكومة بدأت بنفسها في تطبيق التقشف".
وزادت الحاجة إلى إصلاح الدعم في الأشهر الأخيرة مع تقلص أرباح اليمن من التصدير جراء هجمات شنها متشددون على خطوط أنابيب النفط، ولم تربح صنعاء سوى 671 مليون دولار من تصدير الخام في الفترة من يناير كانون الثاني إلى مايو أيار بانخفاض نحو 40 بالمئة عما جنتها قبل عام.
وتردد المانحون الأجانب الذين تعهدوا بتقديم مساعدات قيمتها7.9 مليار دولار في 2012 في إرسال الأموال بسبب الفساد وتدهورالأوضاع الأمنية.
وقال مسؤول بصندوق النقد الدولي في مايو أيار: "إن ثلث حزمة المساعدات قد وصل إلى البلاد".
وتوقع صندوق النقد في أبريل نيسان أن تواجه الحكومة اليمنية عجزا في الميزانية نسبته 6.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في2014. ويقول الصندوق: "إنه يدعم الخفض التدريجي للدعم تزامنا مع تقديم خدمة التحويلات الاجتماعية للفئات الأشد فقرا".
لن يضر إصلاح دعم الوقود بفقراء اليمن فحسب، بل سيضطر أيضا بالموسرين نسبيا، وأصدر صندوق النقد تقريرا في يوليو تموز قدر فيه أن 40 بالمئة من دعم الوقود يذهب إلى أغنى 20 بالمئة من الأسر بينما لا يذهب سوى 25 بالمئة منه لأفقر 40 بالمئة.

طوابير من المواطنين بصنعاء أمام أحد مراكز صرف الإعانات الغذائية أمس
وقالت ماريوت "سيكون هناك أشخاص بارزون في المنظومة سيخسرون الكثير من المال".
لكنها أضافت أنه "في ظل غياب الإصلاح يتمثل السيناريو الأكثرسوءا في عدم دفع الرواتب وبدء توقف عجلة الاقتصاد، يتمتع اليمنيون بمرونة وسعة حيلة لا تصدق، لكن لكل إنسان حدود لقدرته على التحمل". رويترز.