الجروبة بلحج .. قرية مهددة بالجفاف وغياب الخدمات(2-2)

> استطلاع / محمد الصبيحي:

> تحت حرارة الشمس الحارقة، وحياة خالية من كل مظاهر العيش حيث لا مياه ولا كهرباء ولا صحة ولا تعليم ولا طرقات عامة وفرعية، نجد أن قرية (الجروبة) التابعة لمديرية المضاربة بمحافظة لحج، لا تزال تقاوم كل تلك الظروف المعقدة والأوضاع الصعبة، رجاء أن يأتي اليوم الذي يجدون فيه من يأتي لتلبية احتياجات وتوفير خدمات سكان هذه القرية الفقيرة والهادئة.
** مشروع تعليمي متعثر **
من يصدق بأن طلاب القرية بلا مدرسة ويدرسون تحت (العشش) التي بناها الأهالي، والبعض الآخر يدرس وسط مبنى دون سقف وتحت لهيب الشمس.
وفي هذا المضمار يحدثنا أحد أبناء القرية ويدعى خالد محمد صالح علي، قائلاً: “الحياة التي نعيشها تعتريها معاناة العذاب والتهميش من قبل السلطة المحلية في محافظة لحج، ففي القرية يوجد مبنى تعليمي مؤلف من ستة فصول دراسية وأربعة مكاتب وأربعة حمامات، وهو يستوعب طلاب المستوى التاسع”.
ويضيف: “أهالي قرية الجروبة التابعة إدارياً لمديرية المضاربة دائما يكررون مناشدتهم للسلطات الرسمية بالنظر إلى المشاريع المتعثرة التي أهملت من قبل المجلس المحلي في المديرية”،مشيرا: إلى “أن مدرسة القرية تعتبر من أقدم المدارس التي تم تأسيسها في فترة السبعينات، وعندما اعتمد هذا المشروع كانت تباشير الخير قد أتت ولكن سرعان ما تحولت هذه التباشير إلى شيء مجهول وأصبحت المدرسة مرتعا للمواشي بدلا من تجمع الطلاب لتلقي العلم”.
ويكمل: “تعتبر مدرسة (قتيبة الباهلي) من أقدم المدارس في المنطقة، وتخرج فيها العديد من كوادر التربية والصحة وغيرهم، وكان طلاب المدرسة آنذاك يدرسون في مبان خاصة تسمى المقصف التابع لـ(تعاونية الشط الاستهلاكية)،ولغاية اليوم لايزال بعض الطلاب يدرسون فيها”.
ارض زراعية في القرية بدأت تتصحر
ارض زراعية في القرية بدأت تتصحر
** القرية بلا ماء **
مع أذان الفجر نرى أفواج من النساء في قرية الجروبة (الجبة) يتجهن إلى قرى أخرى وهن في تسابق لأجل شربة ماء لأن كل الآبار في قريتهن جفت وبعضها ظهرت فيها ملوحة الماء والأتربة.
نساء يقطعن مسافات طويلة مشيا على الأقدام للبحث عن أماكن توفر المياه، وبرفقتهن أطفال صغار السن، يخرجون مع طلوع الفجر في رحلة البحث عن المياه وطرد الجفاف.
وتتساءل الكثير من الأسر الفقيرة، إلى أين يتوجهون لو استمرت معاناة انقطاع المياه عن القرى المجاورة التي بدأت كمية المياه فيها تنضب، خصوصا والجهات المعنية لم تحرك ساكنا لإنقاذ القرية وسكانها من العطش والجفاف، حيث بدأ بعض الميسورين يفكرون بالرحيل من القرية والتوجه صوب المدن للعيش الكريم وانتشال أسرهم من الأوضاع المؤلمة التي عكرت حياتهم.
آبار قديمة لقرية الجروبة
آبار قديمة لقرية الجروبة
** مسجد القرية **
لم يكن في القرية مسجد لولا تكاتف أبناء القرية في بناء مسجد صغير من جذوع النخل، بعد أن بحّت أصواتهم ولم يجدوا سوى الصمت وتجاهل الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير الذين لم يقدموا أية مساعدة لبناء مسجد لهذه القرية، وعملوا على رفع المناشدات في الصحف إلى أهل الخير ورجال الأعمال لتشييد مسجد يقيمون فيه فرائض الدين، ولا يزال الأهالي ينتظرون بفارغ الصبر والرجاء بناء مسجد، فالكثير منهم يؤكد أن بناء المسجد سوف يخفف عنهم عناء الذهاب والعودة من وإلى المساجد التي توجد في القرى المجاورة لهم، وهذا ما جعل الأهالي يبادرون من تلقاء أنفسهم ببناء المسجد حتى يخففوا من معاناتهم في السير إلى مساجد القرى المجاورة، حيث أن مسجد القرية بلا سقف سوى بعض سعف النخيل.
** سهر لجلب الماء **
مشهد ينفطر له القلب حين نلاحظ ملامح أطفال قرية الجبة يملؤها البؤس والشقاء وهم ينتظرون ويداومون طويلا لنقل مياه الرب إلى بيوتهم وأفراد أسرهم، وهو مشهد لا تخلو منه النساء أيضا في تلك الصورة المؤلمة حتى نراهن يسهرن لأجل جلب الماء من أعماق الآبار.
منازل الجروبة الطينية
منازل الجروبة الطينية
تلك هي حياة سكان القرية سهر بالليل، وشقاء في النهار، والزائر للقرية سيرى حجم المعاناة الحقيقة التي يعاني منها سكان قرية الجبة التي انعدمت فيها كل مظاهر الحياة، وغابت عنها الخدمات، وأصبح الكل يعيش في شقاء وعناء وتعب، فالأطفال فيها ملزمون بجلب الماء على ظهور الحمير، والنساء يؤدين وظيفة رفعها من أعماق الآبار فكلاهما (النساء والأطفال) يتقاسمون الألم والتعب والشقاء.
وكثيرا ما نرى هؤلاء الأطفال قد حرموا من أهم مراحل حياتهم التي كان ينبغي أن توفر لهم فيها الرعاية والحنان والألعاب والنزهة، ولاشك في أن هذه المعاناة سيظل يتحمل وزرها كل مسؤولي الجهات والأجهزة والسلطات الرسمية والتنفيذية بمحافظة لحج، وأعضاء المجلس المحلي بالمديرية.
استطلاع / محمد الصبيحي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى