زيادة أجور المواصلات تكبد الموظفين 33 % من مرتباتهم الشهرية

> تقرير/ جهاد محسن

> أحدثت جرعة حكومة الوفاق المقرة ثالث أيام عيد الفطر برفع الدعم عن المشتقات النفطية حالة إرباك وتخلف عن الالتزام بحضور الدوام الرسمي لدى العديد من المقار والدوائر الحكومية، بعد رفع أجور النقل والمواصلات بضعف ما كانت عليه قبل إقرار الجرعة.
ولوحظ منذ مطلع الأسبوع الجاري انخفاض واضح في مؤشر التزام الموظفين العموميين بحضور أعمالهم نتيجة الزيادة التي فرضت على أجور النقل والمواصلات على مستوى المديريات والأحياء الداخلية في عدن، وأصبحت تستنزف معها نحو ثلث مرتباتهم أي نسبة 33 % من متوسط إجمالي الراتب للموظف العادي.
** المواصلات تستنزف المرتبات **
ولفت العديد من موظفي الدولة ممن يعملون في مجالات ومهن وظائفية في مؤسسات تنفيذية مختلفة في محافظة عدن، إلى أن الجرعة شكلت بالنسبة لهم الضربة القاسمة التي أخلت بتوازنهم المعيشي وبميزانيتهم الشهرية، حيث إن الجرعة جاءت أثناء أيام العيد في الوقت الذي يكون فيه المواطنون العاديون يعانون حالة إفلاس بسبب ما أنفقوه من مصاريف ومن لوازم المناسبة.
وقال بعضهم : “إن الجرعة التي أقرتها حكومة الوفاق كانت موجعة، لأنها لم تكن كسابقاتها من الجرع الاقتصادية التي نفذتها الحكومات السابقة، والتي كانت تسبقها إجراءات وحلول تمهيدية بزيادة نسبة الرواتب والأجور للموظفين العموميين، بحيث لا تؤثر قراراتها المقرة على مستوى دخل الفرد”. فيما اتهم آخرون في سياق حواراتهم لـ«الأيام» قرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية بأنه قرار غلب عليه طابع الأنانية في التطبيق، حيث سعت الحكومة حد قولهم - إلى تخليص نفسها من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها عبر تمرير هذه الجرعة، تاركة المواطن وحده يغرق في بؤرة انعكاساتها السلبية على مستوى الشؤون والحياة الاجتماعية بتكاليف مضاعفة بات يدفعها من قوت أطفاله.
وأوضح عدد من الموظفين، خصوصا من الذين يسكنون في مديريات ومناطق بعيدة عن مقار أعمالهم، ويضطرون للذهاب إلى أعمالهم بواسطة التنقل بأكثر من وسيلة مواصلات، أوضحوا أن ارتفاع تكلفة أجور النقل والمواصلات أصبحت تشكل بالنسبة لهم عبئا مضاعفا لاسيما وأن بعضهم أصبح ينفق ما يقارب نصف راتبه.
وأشار أحد الموظفين وهو يسكن في محافظة لحج ويعمل لدى مكتب الصحة بمديرية خور مكسر إلى أنه بسبب زيادة أجور المواصلات سيضطر إلى تخصيص ثلث مرتبه الشهري للإنفاق على أجور النقل، مقدماً للصحيفة حسبة تقديرية وصفها بالحد الأدنى أنه وبسبب سكنه في إحدى مناطق لحج فإنه يتوجب عليه الذهاب إلى سوق (الحوطة) عاصمة المحافظة ب 70 ريالا،ً ثم 200 ريال أجرة النقل من محافظة لحج إلى مديرية الشيخ عثمان في عدن، ثم من مديرية الشيخ عثمان إلى مديرية خورمكسر ب 170 ريالا،ً والعودة تتطلب إنفاق نفس المبلغ 880 ريالاً يومياً، و 4400 ريال أسبوعيا،ً أي أن نسبة الإنفاق على أجور المواصلات شهريا 18,480 ريالا، من أصل 52 ألف ريال، إجمالي الراتب الحكومي الذي يتقاضاه، والذي لن يبقى له من مرتبه حسب حسبته سوى 33,520 ريالا لا غير.
وقال آخر يعمل في مكتب التربية والتعليم بمديرية خور مكسر، ويسكن في مديرية البريقة، أن راتبه لا يتعدى 48,500 ريال شهريا،ً وأنه بسبب الزيادة المقرة على أجور المواصلات أصبح يدفع يوميا (ذهابا وإياباً) 740 ريالا، أي ما يعادل 16,280 ريالا شهريا.ً
وأضاف بقوله: “إن عددا من موظفي التربية ممن يعملون في المكتب الرئيسي بخور مكسر، طالبوا في لقاء جمعهم مع مدير عام مكتب التربية والتعليم بالمحافظة بإجراءات نقلهم إلى مراكز ومكاتب تربوية في نطاق مديرياتهم، في خطوة تقلل من استنزاف أجور المواصلات لمرتباتهم المتوسطة، غير أن رد المدير العام كان سلبياً، حيث أفادهم أنه من الصعوبة نقلهم ومسألة حل إشكالية ارتفاع المواصلات ليس بيد مكتب التربية.
** موظفو الخاص أكثر المتضررين **
أما على صعيد موظفي وعمال القطاع الخاص، والذين ألزموا بالعمل بحسب نظام الورديتين، فإن ارتفاع أجور المواصلات كانت أشد قسوة على واقعهم اليومي، بعد أن أصبحت تلكم الأجور تلتهم نصف مرتباتهم الشهرية.
ذكر عدد من الموظفين العاملين بالقطاع الخاص أنه أصبح يفكر عملياً بتقديم استقالته والخروج من وظيفته، ما لم يفكر أرباب المؤسسات والقطاعات الخاصة بحل مشكلات موظفيهم، إما بتوفير وسائل نقل من بيوتهم إلى أعمالهم، أو من خلال احتساب أجر المواصلات والتنقل زيادة فوق رواتبهم. وأوضح أحد العاملين في القطاع الخاص قائلاً: “نحن موظفي القطاع الخاص نعد من القوى العاملة في المجتمع الأكثر تضرراً من قرار الحكومة برفع أسعار الوقود وما تبعه من ارتفاع لأجور النقل، وما يعانيه موظفو القطاعات الخاصة تزيد عن ضعف ما يعانيه موظفو القطاع العام، حيث إننا ملزمون بالدوام على فترتين (صباحاً ومساءً) وهو ما يعني دفع ضعفي أجور المواصلات”.
وقال آخر: “أنا أسكن في مديرية دار سعد ومقر عملي الذي أعمل به بنظام الورديتين يقع في مديرية خور مكسر، حيث أصبحت ملزماً بإنفاق 840 ريالاً على أجور النقل يوميا، وبواقع عمل 6 أيام في الأسبوع الواحد، ما سيجعلني أنفق شهرياً من راتبي الأساسي والبالغ 40 ألف ريال 21,000 ريال شهرياً، وهذا المبلغ أكثر من نصف المرتب الذي أتقاضاه”.
ويوصف عدد من موظفي القطاع الخاص قرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية لصالح رفد عملية التنمية والإصلاحات الاقتصادية بأنه قرار مجحف وهادف إلى (خراب بيوت)، حد تعبيرهم.
واعتبر بعضهم أن ما لحق بهم من انقطاع جبري عن وظائفهم بسبب تكلفة المواصلات التي ارتفعت إلى 70 % عن أجرها السابق جريمة طبقت على جميع المواطنين والموظفين العاملين في القطاعات العامة والخاصة، وأضاف أحدهم: “ربما تسعى الحكومة إلى وضع معالجة بشأن موظفي الدولة من خلال إقرار لهم نسبة زيادة في مرتباتهم، لكن من سيلزم أرباب القطاعات الخاصة برفع رواتب موظفيهم الذين مازالوا يتقاضون مرتبات ضئيلة وبعضهم يعمل لديهم بدون عقود وظيفية تضمن لهم حقوقهم؟!!”.
يذكر أن نسبة أجور المواصلات والنقل في محافظة عدن ارتفعت فور إعلان الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية إلى 70 % وبعض (الفرز) رفعت أجور النقل إلى 100 % في ظل غياب وتقاعس تام لوزارة النقل والمواصلات، ممثلة بقيادتها
ونقاباتها في فرض تسعيرة واضحة ومحددة بشأن تثبيت أجور المواصلات والنقل الداخلي على مستوى مديريات وأحياء عدن، حيث ماتزال فوضى بعض نقابات النقل ومزاجية ملاك الحافلات هي السائدة في تحديد أسعار النقل في معظم (الفرز الداخلية) في عدن.
تقرير/ جهاد محسن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى