> محمد بالفخر:

محمد بالفخر
محمد بالفخر
أثبت الواقع وبشكل فاضح أن العنف واختلال الأمن في أي بلد عربي منشأه السلطة ويخرج من مطبخ الحاكم، وقد أصبح جليا لكل ذي عقل أن الحاكم وزبانيته يلجؤون للتخويف الأمني كنوع من الضغط على الشعب، وصرف الأنظار عن أي كارثة اقتصادية أو سياسية أو سيادية، وهذا بعينه ما يحدث في اليمن والجنوب الذي أدخل في كنفه وهو الذي يعنينا.
حين خرج الناس للمطالبة بالاستقلال أطلقت عليهم جماعات مسلحة ترعبهم، ومع الانهيار الاقتصادي الذي نعيشه وضيق الحياة التي فرضت علينا، شغل المواطن والوطن بقصص العنف والرعب الذي يخيم على البلد لصرف أنظار الناس عن القضايا المصيرية الهامة، وليقنع بعدها الناس بمجرد الأمان ولو كان أمنا منتقصا، المهم يصبح جل همهم في هذا البلد أن يبقوا على قيد الحياة ولا فرق.. أي حياة كانت حياة عز ورفاهية ونجاحات، أو حياة يتوفر فيها الهواء فقط، وحتى الهواء لم يعد صالحا للتنفس بما جناه عليه بنو البشر.
أسطوانة الإرهاب بالنسبة للحاكم العربي بمثابة عصا موسى السحرية، يهش بها على المواطن، وله فيها مآرب أخرى.
اختلفت مسميات الجماعات المسلحة، واختلفت أساليبها ومطالبها وإن كانت اختلافات شكلية، ولكن في كل الوطن العربي تلتقي جميعها عند أمر واحد، إنها تقدم خدمات للسلطة والدول الكبرى ذات الأطماع في أي بلد عربي، وتستبيح دم المواطن البريء وتحاربه في رزقه وعيشه، سواء شعرت بذلك أم لم تشعر، أما السلطة فلا تشكل لها تلك الجماعات أي ضرر، ولو فرضنا - جدلا - أن الجماعات المسلحة التي تعبث بأمن البلد والتي اختلفت طرق وأساليب السلطة في التعامل معها، ما بين حبل على الغارب، وبين حرب تأكل الناس جميعا، لها مطالب ولديها ما تريد الوصول إليه ما لم يتعارض مع ديانة الدولة وسيادتها، لِمَ لا تتخذ السلطة معها أسلوب الحوار وتقريب وجهات النظر على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) وفي الأخير يخرج الوطن منتصرا من ذلك الحوار؟!.
لقد تعب الناس وملوا مما فرض عليهم من ضيق العيش وانعدام الأمن، وبدأ المواطن يعرف من عدوه الحقيقي، ومن يسير خيوط اللعبة ولصالح من!.
السلطة والمعارضة المخملية هم أساس البلاء في البلاد، لديهم أطماعهم، ولهم طموحاتهم وأجنداتهم التي يعملون لأجلها، ليس الوطن والمواطن من ضمنها، وإلا فأين دور المعارضة في الدفع باتجاه الحوار وتبني برامج تقدم للسلطة وتلزم بها لاحتواء تلك الجماعات وإدماجها فعليا في العملية التنموية للبلد؟.
أين الشخصيات العامة والزعامات التي تخرج الناس لتسبح بحمدها في الفعاليات مما يتعرض له الوطن ومما يعانيه المواطن؟.
إن جل ما قام به أقطاب المعارضة وعلية القوم شراء الفلل والقصور خارج البلد حتى إذا ما حانت ساعة الصفر، حلقوا عاليا في الأجواء هربا بأموالهم وعائلاتهم وليفنى البلد بمن فيه وما فيه.
أرجو أن يتحمل المثقفون والعلماء والعقلاء دورهم التاريخي والأخلاقي تجاه البلد، وأن يتقدموا ببرامج وخطوات فعلية وسريعة لمعالجة الأوضاع، والوقوف بوجه الأطماع والطامعين، وليكتفوا بما حصلوه من خيرات البلاد، وليردوا ولو جزءا يسيرا من جميلها عليهم.
نسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين، وأن يرفع عنا غضبه وسخطه وأن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا في خير ورخاء، إنه على ذلك قدير.