( محافظة ذمار.. تهميش في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية غياب الدولة - تردي الخدمات العامة - انعدام الأمن وانتشار السلاح) أبرز ما تشهده المحافظة

> استطلاع/ إياد الوسماني

> تعيش اليمن وضعاً سياسياً متأزماً نتيجة للأحداث الأخيرة التي شهدتها مؤخراً، في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها المواطن اليمني تزامنا مع الانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي الذي يؤشر بالانهيار في ظل عدم وجود كفاءات وخبرات سياسية تقود الوطن إلى بر الأمان.
وفي سياق الوضع العام لليمن تعيش محافظة ذمار حكاية انفلات ومعاناة مستمرة ووضعا لا يرضاه أبناؤها، إنفلات أمني، وتدهور اقتصادي، خصوصاً بعد الجرعة السعرية التي أقرتها الحكومة وتداعياتها جراء التصعيد الحوثي.
حكاية “ذمار”.. إحدى الحكايات التي تعيشها باقي المحافظات التي شهدت في الآونة الأخيرة انفلاتا أمنيا وتدهورا اقتصاديا وخصوصاً بعد الجرعة السعرية التي أعلن عنها مؤخراً، وحالة من القلق والتوتر والاضطراب، في ظل فشل ذريع للقيادة السياسية والعسكرية لوضع حد للانفلات الأمني.
ويسعى عدد من أبناء محافظة ذمار لتشكيل حملة موسعة وشاملة وجمع التوقيعات لسحب الثقة عن المجلس المحلي، ولكل قضية في المحافظة قصة لا تنتهي.
«الأيام»التقت بعدد من الفئات المهمة والشرائح المثقفة وصناع القرار السياسي وقادة المحافظة للحديث عن الأوضاع التي تعيشها المحافظة.
الصحفي عبدالله المنيفي
الصحفي عبدالله المنيفي
البداية كانت مع الصحفي عبدالله المنيفي الذي يرى أن الوضع في محافظة ذمار يحتاج إلى مؤسسات مدنية وعسكرية فعالة، بحيث تؤدي هذه المؤسسات دورها على أكمل وجه، تسد الثغرات أمام تواجد الجماعات المسلحة، وتعمل على الحد من خطر السلاح المنفلت، وهذا يتطلب أحد أمرين إما قيام القائمين على هذه المؤسسات بدورهم وتحمل مسئولياتهم وجعلهم تحت طائلة الرقابة والمحاسبة من السلطات العليا والمجتمع، وإما إجراء تغيير يؤدي إلى ظهور نتائج إيجابية بهذا الاتجاه.
وقال المنيفي: “هنا لا ننسى دور الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات المدنية بتنوعاتها في التعاون مع السلطة المحلية حتى تقوم بواجباتها، في التغلب على الانفلات الأمني، وتحسين الخدمات، ومعالجة الظواهر المؤرقة، بما ينعكس على حياة الناس ويلمسه المواطن في حياته اليومية”.
ويضيف: “إن الدور الراهن للسلطات المحلية لا يمكن أن يعول عليه في القيام بمسئولياتها في ظل الأداء السيئ”، لافتاً إلى أن “المجالس المحلية أصبحت عبئاً ولم يعد لها أي دور إيجابي، ربما بسبب سيطرة طرف سياسي واحد عليها، خصوصاً أن كثيرا من الأشخاص فيها انخرطوا في عملية إعاقة أي تغيير أو تحسن، تعمل على الضد من التغيير الذي أنتجته الثورة الشبابية مهما كان ضئيلاً”.
**البلاد إلى الهاوية**
وكيل محافظة ذمار للشباب مراد
وكيل محافظة ذمار للشباب مراد

مرشح وكيل محافظة ذمار للشباب مراد السلاب تحدث عن تهميش دور الشباب في المجتمع قائلاً: “في ظل غياب الشباب عن المراكز السيادية وعدم تمكينهم من إدارة البلاد واحتكار السلطة في يد جهة معينة أو أشخاص بعدد الأصابع فإن ذلك سيسوق البلاد إلى الهاوية وتسوء الأوضاع في جميع المحافظات اليمنية، إما بالنسبة لمحافظة ذمار فهي كغيرها، وما يجري على المحافظات الأخرى يجري عليها”.
أما عبده الحودي - مدير مكتبة البردوني العامة، فيرى ارتباط واقع محافظة ذمار بواقع المحافظات الأخرى، في ظل ما تمر به اليمن في هذه المرحلة “فثمة وضع أمني مقلق، وتردٍ في الخدمات المختلفة، فضلا عن تردي المواقف”.
عبده الحودي
عبده الحودي
وأوضح الحودي لـ«الأيام» أن “كل طرف من أطراف المنظومة السياسية يحاول كسب المعركة السياسية، والمضي قدماً نحو خلق المزيد من العقبات أمام أي حل يخرجنا من هذه التناقضات التي أخذتنا إلى متاهات مجهولة لا تنتهي بمخرج واضح للمستقبل”.
وأشار إلى أن “المؤسسات والسلطة المحلية في ذمار تعيش ظروفا لا يمكن أن تسمح لها ببذل أكثر مما تبذل، نتيجة تأثرها بظروف وصعوبات الواقع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
**أزمة وصراعات قائمة**
الصحفي معاذ راجح فله حكاية غير الحكايات السابقة، فهو يعتقد أن “محافظة ذمار ليست بعيدة عن الأحداث والمستجدات على المستوى الوطني وخصوصاً ما يحدث الآن في العاصمة صنعاء من احتشاد لجماعة الحوثي وتظاهرات مطالبة بإسقاط الجرعة والحكومة، حيث هناك الكثير من أبنائها ذهب للمشاركة في ذلك الاحتشاد”.
الصحفي معاذ
الصحفي معاذ
وأكد راجح أن “ما يحدث في صنعاء وما حدث في عمران انعكس سلباً على محافظة ذمار، فأصبحت اليوم ساحة للإفراغ السياسي والاحتقان الممتد من صعدة، والذي وصل إلى مديريات مختلفة في ذمار كـ “آنس وعنس”، اللتين شهدتا اشتباكات ومناوشات بين حوثيين وقبليين أو منتمين لحزب الإصلاح أو السلفية”، منوهاَ إلى أن “آخر تلك الاشتباكات راح ضحيتها ثلاثة قتلى قبل يومين في معبر، ولا زالت مُرشحة للتزايد”.
وقال: “جماعة الحوثي استثمرت رفض أبناء المحافظة لتقسيم الأقاليم وإلحاقها بإقليم آزال، وهو الأمر الذي تجمع عليه كل الأحزاب السياسية والرسمية في المحافظة والتي تقدمت برؤية تفصيلية للرئيس تؤكد أن المحافظة جزء من إقليم سبأ ومشتركة مع البيضاء والجوف ومأرب في التضاريس الجغرافية والتنوع الاجتماعي والشراكة الاقتصادية، وهذا ساعد الحوثيين في حشد كثير من شباب المحافظة للمشاركة في ثورتهم ضد الحكومة والجرعة”.
وأضاف: “من الأسباب التي ساهمت في هذه الأحداث ضعف السلطات الأمنية وعدم اضطلاعها بدورها في حفظ الأمن واحتواء الخلافات قبل وقوعها، فضلاً عن تورط بعض القيادات الأمنية في إثارة المشاكل سواء كانت قبلية أو طائفية، أو المشاركة في تصاعدها عبر التواطؤ في إيجاد حلول ونزع الأسباب التي تودي لهذه الأحداث المؤسفة”.
واختتم بالقول: “كما أن السلطة المحلية هي سبب رئيسي في ما وصلت إليه المحافظة من تدهور أمني واقتصادي وانعدام للخدمات العامة، ورغم أن المحافظ والسلطة المحلية انخرطوا مؤخراً وشاركوا في تزعم المظاهرات والاحتشادات التي شهدتها محافظة ذمار تحت دعوات الاصطفاف الوطني، لكن هذا لا يسقط عنهم المسئولية في إيصال المحافظة إلى الوضع الحالي، وجعلها ساحة للصراع الزاحف من صعدة”.
**صراع سياسي وطائفي**
ولو نظرنا للحدث الأبرز في الأسبوع الماضي والمتمثل في تعرض محافظ ذمار العميد يحيى العمري لمحاولة اغتيال يعتقد البعض أن وراءها جماعة الحوثي، كون الأول وجه نقدا شديدا للجماعة خلال مظاهرة لأبناء المحافظة في الأسبوع الماضي، نلاحظ أن الصراع السياسي والطائفي في تصاعد مُستمر ومهدد للسلم الاجتماعي في المحافظة، وهذا بكل تأكيد سينعكس على المستوى الوطني، فذمار ملتقى وممر لجنوب البلاد بشمالها والعكس.
الجدير بالذكر أن شعور عام يجمع عليه أبناء المحافظة أن سلطات الدولة ورئاسة الجمهورية تهمش المحافظة على مختلف المستويات ولا تحظى مطالب وشكاوى أبنائها بأية استجابة من الجهات المعنية خصوصاً لدى الرئيس هادي الذي وعد أكثر من مرة بتغيير المحافظ وتعيين رئيس جديد لجامعة ذمار وهي الوعود التي لم ترَ النور بعد.
**غياب حضور الدولة**
الصحفي صقر
الصحفي صقر
ويرى الصحفي صقر أبو حسن - مدير المراسلين لدى قناة “الساحات” الفضائية أن ذمار جزء من الواقع اليمني المُضطرب عموماً، بسبب تراكم المشاكل الأمنية وقساوة الواقع المعيشي للمواطن، ووحدة الوضع السياسي المقلق، مشيراً إلى أن “ذمار تشهد مشاكل محتقنة في ذات الوقت من وضع اقتصادي غير مستقر بفعل مشاكل الثأر والسلاح وعدم قدرة السلطات الأمنية على استتباب الأمن وبات حضور الدولة للأسف قائما بشكل أساسي على إعلام المقرات الحكومية فيما هي غائبة بشكل مخيف في كل جوانبها”.
أما الجهات الرسمية وخصوصا المجلس المحلي فهو كالكثير من المؤسسات الرسمية تعمل بنسب متفاوتة، فيما المجلس المحلي هيئة محلية حكم عليها بالجمود بعد أن سحبت الكثير من اختصاصاتها، وعدم قدرتها على تقديم المضي في المشروع المحلي الذي كان يأمل منها، المجالس المحلية عجزت في سنوات ماضية عن إثبات قدرتها على أن تكون رديفا حقيقيا للسلطات المحلية ففشلت كما فشلت الكثير من التجارب الأخرى، وبات وضعها الآن معلقاً إثر إقرار نظام الفيدرالية.
**انعدام الأمن وانتشار السلاح**
الصحفي علي الورقي
الصحفي علي الورقي
الصحفي علي الورقي - الأمين العام لمؤتمر فرص شبابية، يقول إن “الأوضاع من سيئ إلى أسوأ وخصوصاً في الخمس السنوات الأخيرة من مشاريع أو صيانة مشاريع قديمة، للأسف حس المسؤولية غائب عن أغلب المسؤولين من السلطة المحلية للمحافظة إلى مدراء العموم إلى المجلس المحلي، كل منهم يشكو الآخر ويشتكي من قلة الوارد أو الدعم، ولكن للأسف لا نجدهم يعملون حتى بالحاصل، وأما عن الأمن ففي آخر سنتين كان الأمن غائبا في ذمار وحمل السلاح ازداد كثيراً ولا مُبالاة من جهة الأمن المعنية بذلك، وأيضاً من المواطنين، فيما نراه هذه الأيام من رصاص راجع بسبب قلة العقل لكثير من حاملي السلاح”.
الأستاذة نجلاء الشامي اقتصرت كلامها عن المجلس المحلي الذي أصبح حضوره كغيابه، وقالت: “الوضع في اليمن بالكامل أصبح على قمة الهاوية والخطر المدمر للأرض والإنسان، تفكك ديني يقود إلى تفكك أسري إلى أمني، وموقف الحكومة والأمن من ذلك هو الإعراض والتغاضي وإصدار أوامر وتوجيهات لا تخدم الشارع، إما مجلسنا المحلي فهو مُخزٍ وسيشهد لهم التاريخ بذلك”.
وأضافت: “على سبيل المثال المسؤول التنفيذي عن شوارع المدينة والبنية التحتية تضمن بشكل مهم مجرى السيول، ماذا قدم خلال فترة توليه المنصب وتحمله المسؤولية؟! فكلٌّ يعمل على تأمين إرصدته البنكية دون النظر إلى هموم ومشاكل المواطن”.
**وضع مخزٍ ومتردٍ**
علي المحنش
علي المحنش
يتحدث الشاب علي المحنش عن الأمن والمجلس المحلي قائلاً: “وضع مخزٍ ومتردٍ لعدم وجود الكفاءة في الأجهزة الأمنية وذلك يبشر بالأسوأ والسبب أننا صامتون، وبالنسبة للمجلس المحلي فالوضع متردٍ نتيجة اختيارنا الخاطئ لأشخاص لا يهمهم أوضاع من كانوا السبب الرئيسي في بلوغهم هذه المناصب”.
نجم الدين
نجم الدين
والختام مع رئيس فريق رؤية مستقبلية، الشاب نجم الدين الحسني الذي قال “إن محافظة ذمار كانت تعاني من التهميش المستمر في الكثير من المجالات قبل الأزمة التي مرت بها اليمن والظروف العصيبة، وزادها الوضع الحالي الذي تعاني منه اليمن تهميشا بشكل كبير في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية”.
وأردف: “وقد لوحظ مؤخراً من الجميع الانتشار المسلح القبلي في شتى عموم المديريات في الوقت الذي تفقد الدولة هيبتها، وهذا الوضع تقف السلطة المحلية للمحافظة عاجزة أمامه، مما زاد المواطنين خوفا وذعرا وهذا الوضع أدى إلى انعدام الثقة في السلطة المحلية وفي الدولة وعدم التعاون معها في أبسط الأشياء”.
وتابع قائلاً: “وقد لاحظنا كثرة المشاكل والاشتباكات المسلحة في الأسواق والمستشفيات والأماكن العامة، ولاحظنا عجز السلطة المحلية عن التعامل مع مثل هذه الحالة، وهذا أمر مؤسف للغاية، وبالنسبة للوضع المعيشي والمجتمعي فهو الآخر الذي يعاني منه المواطنون الذين لم يحصلوا على أبسط حقوقهم من خدمات اجتماعية حتى أن الأمر وصل إلى انعدام المياه التي تعد أهم مطالب الحياة وأساسها وهذا أبسط ما يمكن طرحه من الخدمات الضرورية، والمجلس المحلي بالمحافظة ليس غريبا عليه كثرة الوعود الكاذبة لتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى