حنيني عليك يا عدن !!

> أحمد ناصر حميدان:

>
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
إن الدنيا لا تخلو من بلية ولا تصفو من محنة، لأن الدنيا دار بلاء وهم وعناء، وكان لـ(أبو مبارك) نصيب في هذا الدنيا بمرض عضال أصاب ولده، وبضرورة زيارة الأطباء والمستشفيات التي تثقل كاهل الفرد، ولهذا اضطرته هذه الظروف إلى أن يترك قريته في شبوة ليستقر في عدن حتى يكون قريبا من المستشفيات والعلاج الطبيعي، والصورة لديه أن عدن تلك المدينة الكاملة حضارة، ونمو خدماتها متوفرة ولا تنقطع من كهرباء وماء ومستشفيات حكومية، صدمه الواقع المزري الذي وجد فيه عدن. قال لي ذات يوم ونحن نسمر على ضوء القمر بعد انقطاع الكهرباء “لماذا صارت عدن هكذا؟!” وكررها “عدن التي كانت الحلم لكل من يعشق حياة المدنية، ويا سعد من عاش وتربى وتعلم في عدن”، اليوم عدن تتهالك وتنهار خدماتها والخوف أن تصبح قرية.
الرجل عانى كثيرا من المستشفيات الخاصة وتكاليفها التي لا تطاق وغياب الرقابة الحكومية عليها، هذه المستشفيات منذ وجودها فقدت عدن بسببها العلاج المجاني وشبه المجاني، مستشفياتها الحكومية تقاعدت، من مستشفى عدن الذي لايزال مغلقا رغم مطالبات أبناء عدن وكريتر خاصة بسبب حاجتهم الملحة لهذا المستشفى، لكن من يستمع لندائهم، ومستشفيات الجمهورية والوحدة و22 مايو معاناة لا تنقطع، ومن حين لآخر تغلق في وجه المرضى بعذر الإضراب أو غيره، صار الاعتماد على المستشفى الحكومي بالنسبة للفقراء مشكلة لا حل لها، والمستشفيات الخاصة فنادق بدرجات لا تقبل سوى الكروش الكبيرة القادرة على أن تدفع آلاف الريالات ما أن تخطو باب المستشفى كضمان لدفع فاتورة العلاج أو الحجز لمريض كان أو جثة، الله يستر علينا جميعا من هذا الجشع.
قال له الأطباء: الولد يحتاج لهذا الجهاز الكهربائي للتنفس، وأين الكهرباء؟!! عدن اليوم تعاني وهناك شعور ينتاب الجميع لماذا عدن كهرباؤها تعجز في أوقات امتحانات الطلاب النهائية أو مع بداية العام الدراسي، وكأن القضية مقصودة!.
فاجأنا ضوء الصباح بنوره ونحن نستنشق نسيمه العليل الشيء الوحيد الذي لم يتغير بعدن وحديثنا متواصل، وفتحت أبواب المنازل وخرج الأطفال في أول يوم دراسي لهم مرتدين حلتهم البيضاء والملونة وهم (يتفوهون) نوما لأن الكهرباء مقطوعة من الساعة الثانية فجرا والموسيقى الصاخبة للمواطير زادت من حدة الإزعاج ولا نوم في أول يوم دراسي، يؤكد لي ذلك أبو مبارك بقولة لاحظ هذا المنظر كيف لهؤلاء الطلاب أن يدرسوا في الفصل؟ هو لا يعلم ما هو ألعن، أن الملابس الملونة للمدارس الخاصة هي عبارة عن مدارس في شقق وبيوت لا تتوفر فيها مميزات المدرسة وملاك بعضها فقدوا الضمير وهي بالنسبة لهم ليست خدمة إنسانية ومساهمة من القطاع الخاص في تخفيف العبء عن الدولة بل هي تجارة واستثمار يستغل فيها ظروف البلد ليربح فيها مدرسين يستلمون 15 ألف ريال شهريا وتهديد ووعيد وسنوات من العمل دون حقوق ومستحقات والرقابة التعليمية والتربوية والإدارية لا يهمها في الأمر غير الراتب الذي يخصصه مالك المدرسة للمشرف ليصمت عما يدور من خروقات.
تصوروا ان النجاح في بعض المدارس متاح وبسهولة والطالب مفضل على المعلم لأنه مصدر الدخل ولقمة عيش المعلم، كما قالها احدهم للمعلم الذي اشتكى لمدير المدرسة من احد الطلاب وقالها بصريح العبارة “أنت بديلك متوفر لكن الطالب صعب تعويضه”. وكثيرون من المعلمين عملوا في بعض المدارس لسنوات وخرجوا منها بمشكلة كهذه دون حقوق او تعويض والمعنيون في العسل لان راتبهم سينقطع إذا فتحت أفواههم ولدينا قضايا ومدارس بعينها لا داعي لذكر الأسماء عسى ان تصحو ضمائرهم ويغيروا من نفوسهم، ما لم سنشهر بهم تباعا.
جامعة عدن كغيرها من الجامعات اليمنية مخرجاتها تعكس واقعنا، وماذا أحدثكم عنها عن الجبايات التي أثقلت كاهل أولياء الأمور وتفننت قيادة الجامعة والكليات في إيجاد مصادر لهذه الجبايات، تمنيت لو أبدعت بهذا الفن في مجال آخر تعليمي، ماذا تقدم للطلاب غير الكرسي والصف الدراسي، نهبت من الكليات أجهزة ذات قيمة علمية وثمينة وأفرغت مختبراتها من محتوياتها والقضية يشوبها الغموض، كم هائل من الأساتذة وفي الواقع شيء آخر مناهجها عبارة عن ملازم يعدها الأستاذ وتباع في الأكشاك لحسابه الخاص، قياداتها بارعة في النشاطات المجتمعية والسياسية والحشد.. لا خير لعدن ما لم تنهض الجامعة من واقعها وتخدم عدن وأبناءها لا تكون عالة عليهم وهما من همومهم.
ماذا أقول عن الماء في عدن غير أنه صار حلما يفتقده البعض ويعاني منه البعض لا يصل إلى الدور الأول في أي عمارة في أي منطقة في عدن دون دينمو للضخ هو بحاجه للكهرباء والكهرباء في خبر كان، المهم أن عدن تلك الجوهرة المتلألئة بنورها الثقافي والفني والحضاري والمشبعة بالخدمات الإنسانية صحية تعليمية اليوم تتهاوى وصارت حياتنا فيها معاناة.
ارحموا عدن وأهلها من الجشع والإهمال ولها مجالس محلية هي مشكلة من مشاكل عدن لأنها لا تستمع أو تصحو من نومها العميق بل نراها على القنوات وفي اللقاءات والخطب والوعود التي لا يتلمسها المواطن على الواقع، مشاريع متعثرة كتبنا عنها أكثر من مقال ونحن نعاني من مخلفاتها التي أغلقت طرقاتنا وأمام مساكننا وهم لا يهمهم سوى الجبايات في ريمي بلوك 60 و61 مشكلة يقال إنها خلاف على صفقة فساد والله يعلم ما في الخفاء، والسكوت له معنى لدينا نحن المواطنين، واثبتوا لنا غير ذلك واخرجوا من صمتكم وانطقوا وبرروا لنا هذا التعثر ان كنتم صادقين!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى