شذرات من مذكرات.. الهدية التي لم تصل جامعة عدن (1)

> د.قيس غانم نعمان

> بالصدفة قرأت فقرات عن كتاب (تاريخ جامعة عدن) لأول رئيس لجامعة عدن، الدكتور محمد جعفر زين في (عدن الغد) الإلكترونية، فعادت بي الذاكرة إلى ماض بعيد.
في يوليو 1975 نقلت من مقر عملي في سيراليون بغرب أفريقيا إلى الحبشة كمساعد ممثل إقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. خلال أيام تعرفت على سفير اليمن الديمقراطية الشعبية لدى الحبشة آنذاك، وطاقم السفارة الذين لا تحضرني أسماؤهم. كانت العلاقة طيبة، وكثيرا ما زارني السفير في بيتي وزرته في بيته، حيث كان (رحمة الله عليه) متواضعا ولطيفا.
وعندما علمت بتأسيس جامعة عدن في سبتمبر 1995 خطر ببالي إهداء بعض الكتب والمجلات التي كانت بحوزتي وتنقلت بها من عدن وولايات إنديانا ورود أيلاند ونيويورك ثم سيراليون، إلى جامعة عدن الوليدة، واستفسرت من السفير عن إمكانية إيصالها إلى الجامعة على نفقة السفارة، فرحب بالفكرة وبعث إلى بيتي شخصا من السفارة سلمته الكتب والمطبوعات مرفقة برسالة إلى رئيس الجامعة.
كانت الهدية تحتوي على كتب باللغتين العربية والإنجليزية في الاقتصاد والإدارة والسياسة الدولية والأدب العربي وتاريخ العرب ومذكرات بعض حكام عدن الإنجليز ودواوين شعرية للطفي جعفر أمان وعلي محمد لقمان (مع إهدائهما لي) ودواوين لشعراء آخرين، وكذلك بعض مطبوعات مخيم أبي الطيب المتنبي ومخطوط لأحمد فضل القمندان.
كنت قد اشتريت دواوين لطفي جعفر أمان وعلي محمد لقمان ومخطوط القمندان والمطبوعات الأخرى من عدن واليمن من مطبعة إبراهيم راسم التي أسست عام 1937. وكان ذلك بمحض الصدفة، إذ إن أحد طلابي في المدرسة المتوسطة بكريتر هو حفيد الأستاذ إبراهيم راسم الذي كان يطبع كثيرا من الأعمال لأدباء ومؤلفين في مجالات مختلفة وأعمال تجارية.
استفسرت مرات عديدة من السفارة عما إذا كانت الهدية قد وصلت إلى مبتغاها، وكان الرد إن السفارة بصدد عمل الترتيبات لنقل الهدية جوا. وبعد مرور نحو عام كامل اتصلت هاتفيا بمسجل الجامعة، أستاذي القدير المرحوم عثمان عبده، ومن بعده بالصديقين حسين العطاس ومصطفى مسرج (رحمة الله عليهما)، وأكد الجميع أن الكتب لم تصل الجامعة.
بعد عدة زيارات للسفارة والاستفسار عن مصير الكتب أخبرني أحد المسؤولين أنهم لم يتسلموا ردا من طيران اليمن الجنوبي (اليمدا) أو من وزارة التعليم العالي، ولذلك قررت السفارة الاحتفاظ بالكتب (دون الرجوع إلي)، وبعث لي بالرسالة التالية باللغة الإنجليزية في الثاني من سبتمبر 1977، قبل يومين من انتقالي إلى تنزانيا. الرسالة تقول: “تشهد سفارة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أنها تسلمت خمسمئة كتاب كمساهمة من السيد قيس نعمان غانم (كذا، الجد قبل الأب) لمكتبة هذه السفارة.. شكرا”.
لم أتعرف على الإمضاء ولم أجد ردا على مكالمتي الهاتفية. وسافرت إلى دار السلام دون أن أتحدث إلى السفير الذي كان في مهمة خارج الحبشة.
لا أعلم مصير الكتب ولا ما فعلته جامعة عدن جراء اتصالاتي. الغريب في الأمر ادعاء السفارة، كما ورد في الرسالة المرفقة، أنني أهديت خمسمئة كتاب لمكتبة السفارة.
لا أعتقد أن كل سفارات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حينذاك كانت تملك خمسمئة كتاب غير كتب لينين وماركس والرفاق الشيوعيين.
*د.قيس غانم نعمان*

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى