في ورشة عمل بعدن حول الشفافية في قطاعات النفط..ضجيج هل يوقف نهب الثروة النفطية؟

> عدن «الأيام» مرزوق ياسين

> أثار مشاركون في ورشة عمل خاصة لمناقشة دراسات حول الإيرادات والنفقات للصناعات الاستخراجية عقدت أمس بعدن تساؤلات حول ثروات نفطية ومعدنية تذهب إلى بؤر وجيوب الفساد في وقت يتم حجب معلومات الموارد النفطية عن المواطنين.
وفي الورشة التي نظمها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي ومنظمة (برلمانيون يمن ضد الفساد) ضمن مشروع تعزيز الشفافية في الصناعات الاستخراجية في اليمن الذي تموله الخارجية الأمريكية وصف أستاذ العلوم الإدارية، المساعد الدكتور سعيد عبد المؤمن أنعم وزارة النفط بأنها “وزارة الفساد العظيم” حيث قال: “هذه الوزارة لا يمكن لوزير أن يبقى فيها لأنها بؤرة لصراعات الفاسدين وتعارض مصالحهم”.
وقال: “وزير النفط الجديد لا أدري كيف قبل العمل في وضع كارثي إلا من قبيل قبوله أن يكون اسما ولا يمارس صلاحياته ومهامه”، مشيدا بالوزير الراحل أبو بكر صالح بن حسينون والراحل فيصل بن شملان ومواقفهم الوطنية وحرصهم على ثروات البلد.
وأضاف خلال تعليقه على دراسة أعدها حول الشفافية في استخراج النفط “صراعات النفط وشركات النفط تسعى لإشعال حروب أهلية، كما حدث في جنوب إفريقيا ..”، متسائلا “لماذا يتم استهداف أنبوب النفط دون استهداف أنابيب الغاز خلال السنوات الأخيرة؟”.
واتهم مسؤولين باستمرار فساد النفط وبقاء توزيع المشتقات النفطية خارج شركة النفط، وقال: “موظفو شركة النفط وقفوا ضد الوزير السابق الأرحبي، والشركات النفطية أصبحت تنبت مثل الفطر والفساد أوصل كلفة الإنتاج إلى 67 دولارا، لقد أصابتنا لعنة الموارد النفطية ووصل الفساد إلى قاعدة المجتمع ولم يعد فقط حكرا على الرئيس السابق، وقد تقود هذه الموارد إلى حروب أهلية”.
وأضاف : “أصبحت قضية حقول النفط في الجوف ومأرب يعرفها العالم أجمع، ولكن الفساد مازال يحول عائقا ومعرفة الشعب بثرواته الحقيقية وأسباب إخفائها، وحجب المعلومات عنه”، مؤكدا “أن ساحة فساد النفط شهدت رفع دعاوي قضائية ضد مصافي عدن واحد متعهدي نقل المشتقات النفطية ودفع الكثير من الناشطين ثمن وقوفهم ضد الفساد منذ سنوات مبكرة”، واصفا مشروع الغاز المسال بأنه “فساد كارثي”.
من جهته تحدث مدير جمرك البريقة عبد الغني الحميدي عن تجربته مع قضايا تهريب المشتقات النفطية من خلال عمله في جمرك ميناء الزيت. وقال: “نحن في الدوائر الجمركية ممنوع علينا فتح بيانات جمركية، خاصة بالشحنات النفطية في تجاوز واضح للقانون”.
جانب من حضور الشخصيات في الأجتماع
جانب من حضور الشخصيات في الأجتماع
واستعرض الحميدي مذكرات خاصة ووثائق تكشف تناقضات وتزييف في المعلومات الواردة والمنصرفة للمشتقات النفطية حيث قال: “إن قرابة 12 شهرا فقط خلال العام الماضي كشفت البيانات المتاحة تهريب 344 ألف طن متري من مادة الديزل إلى جنوب إفريقيا”.
وأضاف - وهو يشير إلى إحدى الوثائق -: “وصول 19 ناقلة إلى شركة النفط بالحديدة من بين 27 ناقلة نفط راحت إلى جهات التهريب”.
واعتبر الناشط في الحراك السلمي عبد الكريم قاسم أن “فساد النفط ليس وليد حقبة زمنية محددة”.
وقال قاسم: “فساد النفط نتيجة غياب الدولة والنظام والقانون، وانعدام المؤسسية، حيث اتضح مؤخرا أن الدولة تدار من قبل عصابات مستحوذة على القطاعات النفطية وموارد البلاد”.
وأضاف “يفترض بنا كمدنيين أن نقف ضد مصالح الفاسدين وسواء سابقة أو لاحقة من جهته”.
وتحدث البرلماني وعضو لجنة النفط والتنمية علي المعمري عن صفقات فساد كارثية مشيرا إلى “صفقة استخدمت من قبل حزب المؤتمر في انتخابات 2003م”.
وقال النائب علي المعمري عضو لجنة النفط والتنمية: “إن لجنته - التي قال إن عملها متوقف منذ 3 سنوات - مكونة من 18 نائب يغلب عليها كتلة المؤتمر الشعبي تصدت لقضايا فساد في رفضها تمديد عقد شركة هنت في القطاع 53، وبيع حصة اليمن بمبلغ 50 مليون دولار جرى إنفاقها في انتخابات حزب المؤتمر الشعبي عام 2003م، وتسلمت الدولة 13 مليون دولار فقط إلى خزينتها العامة”.
واعترف المعمري بتقصير البرلمان تجاه فساد النفط وغياب مسؤولياته تجاه ثروات الشعب، مرجعا ذلك إلى انعدام الخبرات في أعضاء البرلمان، واتهم المعمري رئاسة البرلمان “بالتقصير ورفضها توفير خبراء ومتخصصين في مجالات النفط، وهو الأمر المفترض في لجان البرلمان - حسبما ذكر - في وقت تنفق 500 مليون ريال مساعدات لأناس من خارج البرلمان”.
وقال المعمري: “قضية شركة هنت واحدة من قضايا فساد النفط في البلد، حيث وقع عقد التمديد للشركة بصفقة مقدارها 5 مليار دولار”، وأضاف “في حين أن شركة (توتال) دفعت ملايين الدولارات رشاوى لمسؤولين لتمرير صفقة شراء الغاز اليمني”.
وطالب المعمري في ورقته المقدمة إلى الورشة “باصدار قانون خاص للنفط”، مقترحا “إعادة تسمية الوزارة إلى وزارة البترول وإعادة الهيكلة المؤسسية للوزارة”.
وأضاف: “كلما تخرج ابن مسؤول في البلد من الجامعة يعملون له هيئة في قطاع النفط أو يدخلونه في استثمارات وشركات خدمات بقيت حكرا على نافذين وأبنائهم”.
كما طالب المعمري “بتأسيس شركة وطنية خاصة بالخدمات النفطية تعود بالفائدة لمصلحة العاملين في قطاع النفط”، وقال: “من العيب أن يكون نجل شقيق الرئيس السابق ونجل قائد الفرقة الأولى مدرع يحتكرون قطاع الخدمات”.
وقال عضو لجنة النفط: “الفساد في قطاع النفط وصل إلى أن شركات خاصة بتوفير عمالة تستلم على العامل أجر شهري مقداره 1000 دولار، وتمنحه 200 دولار فقط”.
مشهد من شركة النفط
مشهد من شركة النفط
وقال: “جرى في قطاع النفط أن الجانب اليمني يضع شخصا إلى شخصين في الشركة في وقت يجب أن تكون لدينا شركة لتشغيل القطاعات النفطية، ونكون جاهزين لاستلام القطاعات النفطية”.
وتطرق إلى إهدار مليارات الريالات تذهب على شكل إعفاءات من الرسوم الجمركية، فيما تضاف لنفط الكلفة، ويتم بيع الآليات والمعدات في السوق المحلية وحرمان خزينة الدولة من الموارد.
واختتم البرلماني المعمري بالقول: “للأسف تماشينا مع الفساد وصرنا كمجتمع نطبع مع الفاسدين نتيجة 33 سنة من فساد النظام الحاكم، حتى صارت لدى الدولة أجهزة للفساد”.
وقال: “قبل سنوات حاولنا إنشاء منظمة ضد فساد النفط و أصبحت بعد فترة تطبع مع شركة النفط وللأسف أصبح أعضاؤها يتحصلون على تذاكر سفر وامتيازات وتخلو عن دورهم المدني”.
ولو تحدثنا كثيرا عن الفساد سنصاب بالإحباط ويجب أن تتاح المعلومات للمواطنين وللشباب ليقوموا بدورهم ويتحملوا مسؤولياتهم ويحافظوا على ماتبقى من ثروات، وكلما اتسعت قاعدة المعرفة بالفاسدين والفساد سيكون دور التصدي والمواجهة، ومازال هناك فاسدون لديهم سطوة وقادرون على التواصل مع الناس، وإخراس الأصوات الرافضة للفساد.
وعبر رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان محمد قاسم نعمان عن خيبة أمله نتيجة غياب المعلومات حول النفط وانعدام الشفافية في واحد من أكثر القطاعات فساد في البلد.
وقال: “مؤسف جدا أن نعرف معلومات عن ثرواتنا من مصادر خارجية ونحن البلد الوحيد في العالم الذي فيه حقول نفطية تتبع أشخاصا ومسؤولين”، وأضاف نعمان “موارد البلد غير معروفة والدراسات كشفت عن معلومات خطيرة مرتبطة بحماية الشركات تدفع لأفراد خارج مؤسسات الدولة تصل إلى قرابة ربع مليار دولار سنويا”.
كما أضاف: “الفساد لم يقف عند هذا الحد بل وصل إلى استثمارات لنافذين في نقل النفط الخام عبر قاطرات في وقت كان ينبغي إيجاد أنابيب توفر ملايين الدولارات”.
وطالب نعمان “بإطلاق تقارير شهرية حول النفط والصناعات الاستخراجية ومعلومات دقيقة حول الموارد لوقف إهدار الثروة وإطلاع الناس عن حقوقهم المهدورة”، وقال: “نريد أن نرسخ تقليد يطلع الناس على المعلومات بصورة شهرية على فساد النفط الذي يعد من أخطر الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان”.
وتطرق نعمان إلى أتاوات إحدى مصانع الإسمنت حيث قال: “إنها تدفع يوميا مليون ريال في إحدى المحافظات ولا توظف لمصلحة الناس، وأصبح الصراع على منصب مدير عام المديرية في المنطقة على أشده وكل شخص يطمع أن يكون مدير عام حتى يأخذ نصيبه ويترك التزاماته تجاه المجتمع وقضاياه البيئية والتعليمية والتنموية التي تدخل في إطار المسؤولية الاجتماعية للشركات”.
كما تطرق نعمان إلى المشكلات البيئية الناتجة عن مصفاة عدن مؤكدا على الرقابة البيئية فقال: “يجب تنفيذ دراسات خاصة بالأثر البيئي من خلال خبراء ونحافظ على البيئة، وأن تطلب الأمر صرف ملايين ووقف مليارات تذهب إلى جيوب الفاسدين”.
وفي الورشة التي شارك فيها عدد من الأكاديميين والمهتمين قدمت عدد من المداخلات قدمها كل من الدكتور جميل الخامري و الدكتورة هناء صالح وعدد من الناشطين الحقوقيين.
ويرى خبراء ومختصون أن فساد قطاع النفط والغاز كبد اليمن ما لا يقل عن 50 مليار دولار خلال 25 عاما خلال كافة مراحل الاستكشاف والإنتاج والتصدير.
ويأتي برنامج الشفافية التي تموله الولايات المتحدة الأمريكية لإطلاع المجتمع حول ثرواته النفطية واتخذا القرارات المناسبة بشأنها.
ويهدف المشروع إلى إطلاع الفاعلين في المجتمع على المعلومات الخاصة بالنفط والغاز وتقاسمها معهم لمعرفة ما إذا كانت العائدات تنفق بطريقة تخدم المجتمع، وإصلاح المنظومة التشريعية للصناعات الاستخراجية للنفط والغاز وعقود الاستكشاف والإنتاج والتصدير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى