النضال الوطني لحزب الشعب الاشتراكي 1962 - 1965

> حمزة عبدالقادر العطار

> من المهم إبراز نضالات أحد أبرز الأحزاب الوطنية العدنية، ألا وهو حزب الشعب الاشتراكي الذي ناضل بشرف وباستماتة ضد السياسات البريطانية، رافعاً شعار التحرير والاستقلال للجنوب المحتل، وكافح وببسالة، وقاد الجماهير لإفشال المخططات السياسية للحكومة البريطانية وحكومة الاتحاد الفيدرالي آنذاك.
حفل نضال حزب الشعب الاشتراكي بدعم سياسي من مصر عبد الناصر والدول العربية التقدمية (سوريا - العراق)، وكذلك الدول الاشتراكية والقوى العمالية الأوروبية، وعمل هذا الدعم على الإبقاء على جذوة النضال مستمرة في هذا الحزب، الذي اتخذ النضال السلمي الخالي من العنف منهاجاً له، وقد دشن كفاحه بقيادته للزحف الشعبي على المجلس التشريعي في 1962/9/24م، وناصل ضد ألاعيب وزارة المستعمرات البريطانية ومشاريعها المشبوهة، ووقف الحزب مع نصرة قضايا العمال ضد تعسف الشركات الأجنبية الاحتكارية وإرهاب السلطات العسكرية البريطانية، وتنكيلها بالعمال، وواجه الحزب حملات التخوين والوصم بالعمالة من قِبل الحركيين، واستمر ذلك - بعد الاستقلال الوطني- من خلال تشويه دور هذا الحزب والعمل على إقصائه، إلا أن التاريخ لايمكن إلغاؤه، حيث رصد دور هذا الحزب.
**التأسيس**
تأسس حزب الشعب الاشتراكي في مدينة عدن في يوليو 1962م، من قبل المناضل القدير عبدالله عبدالمجيد الأصنج - رحمه الله - وضم في قياداته العديد من القيادات النقابية والعمالية، وأسس الحزب فروعاً له في كل من تعز - صنعاء - القاهرة - بغداد - بلغراد - موسكو - لندن - نيويورك (د.المصري، 1986: 97)، واستند الحزب إلى قاعدة جماهيرية عمالية التفت تحت قيادة هذا الحزب وساندته في نضاله، كان توجه الحزب نحو النضال السلمي كنضال حضاري بعيداً عن العنف، حيث عرّضه ذلك للتخوين وكيل الاتهامات له بالعمالة للإنجليز من قبل الحركيين في حركة القوميين العرب.. تأسس حزب الشعب الإشتراكي لأجل:
- إفشال محاولات السلطات البريطانية في مستعمرة عدن إغلاق المؤتمر العمالي بحجة ممارسته النشاطات السياسية.
- مواجهة التطورات السياسية التي لم يستطع المؤتمر العمالي مواجهتها نظراً لصفته النقابية.
- جمع العمال في تنظيم سياسي واحد يمثلهم سياسياً. (الموسوعة اليمنية، 2003م: 1716)
**الدور السياسي للحزب**
بعد إنشاء الحزب بشهرين و 23 يوما قاد الحزب في 24 سبتمبر 1962 بالتنسيف مع المؤتمر العمالي ومنظمات المرأة والطلاب أكبر هبَّة شعبية شهدتها المستعمرة آنذاك، عملت على تطويق ومحاصرة المجلس التشريعي الذي كان يصوت حول ضم عدن إلى ولايات اتحاد الجنوب العربي، وذلك لإفشال مسألة الضم، فاتهمت السلطات البريطانية قيادات الحزب بأنها وراء تلك الاضطرابات فعملت على اعتقال قياداته، وكان من ضمن المعتقلين عبدالله الأصنج - إدريس حنبلة - عبدالله علي عبيد الوهطي وآخرون، وأغلقت السلطات صحيفة “الحقيقة” لسان حال الحزب في 1962/9/26م [د.المصري، 1986م: 98 - 99] [باسندوة، 1989م، 58].
أيد الحزب قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال، والتي عملت على القضاء على الحكم الكهنوتي الإمامي، وأشرف الأمين العام للحزب المناضل (الأصنج) شخصياً على إرسال مجاميع من المتطوعين للدفاع عن الثورة.
عمل الحزب على نشر قضية الجنوب المحتل دولياً، والتي طرحت على طاولة لجنة تصفية الاستعمار، حيث قررت قيادة الحزب في مستهل عام 1963 إرسال المناضل سعيد حسن صحبي المحامي، وأحد الأعضاء القياديين في الحزب إلى نيويورك لمناقشة اللجنة الأممية، حيث صادق وجود المرحوم المناضل شيخان الحبشي، أمين عام حزب الرابطة الذي كان يناقش اللجنة في نفس القضية، وحدد المناضل الصحبي مطالب الحزب آنذاك : جلاء القواعد البريطانية من عدن والمحميات - إلغاء معاهدة لندن - إلغاء قانون العلاقات الصناعية الذي كان يقيد حريات العمال - استعادة حقوق الإنسان - إطلاق سراح المعتقلين - رفع القيود المفروضة على الصحافة العدنية والاجتماعات العامة والتعبير، وقرر الحزب بعث المناضل محمد سالم باسندوة إلى نيويورك لمتابعة المناقشة العامة ومواصلة عرض وجهة نظر الحزب في أهمية تنفيذ قرارات لجنة تصفية الاستعمار بشأن الجنوب وذلك في 17 أبريل 1964، وقد بيّن الحزب للجنة تصفية الاستعمار من خلال مناقشات المناضلين الصحبي - باسندوة أن حزب الشعب يهدف إلى تحرير إقليم اليمن الطبيعي من الاستعمار والرجعية وإعادة تشكيله على أساس ديمقراطي، وأن الحزب يهدف - بعد تحرير الجنوب - إلى بناء مجتمع اشتراكي تسود في ظله العدالة الاجتماعية. (باسندوة، 1989م: 11 - 59 - 166).
وقد أشادت المناضلة ثريا منقوش في كتابها “قضايا تاريخية وفكرية من اليمن” بالدور التاريخي لقيادات الحزب، حيث ذكرت بأن “حزب الشعب الاشتراكي جاءت قياداته من القيادات النقابية والعمالية، والتي قادت النضال السياسي ضد الوجود الاستعماري وشركائه منذ منتصف العقد الخامس من القرن العشرين وحتى الثورة المسلحة، وكانت تمتلك وجودا صلباً في داخل الأرض اليمنية وداخل مدينة عدن بالتحديد، حيث كانت التجمعات النقابية والسياسية، وكان من الممكن أن تقود - بحكم تواجدها الفعلي والنضالي - الكفاح المسلح، إلا أنها ترددت في ذلك، وعلى الرغم من ذلك فليس هناك من ينكر تأثيراتها الوطنية في الساحة اليمنية” [منقوش، 1979م: 232].
**موقف الحزب من مؤتمري لندن**
قام حزب الشعب الاشتراكي في سياق فضحه للسياسات البريطانية بكشف أهداف الحكومة البريطانية من وراء عقدها لـ“مؤتمر التطوير الدستوري” الذي عقد في لندن في يونيو 1964م، وشجب تصرفات السلطات البريطانية وإجراءات القمع والتعذيب التي كانت تمارسها ضد المعتقلين السياسيين في المعتقلات، وأكد تمسكه بقرارات لجنة تصفية الاستعمار لعام 1963م، ووصف المشاركين في المؤتمر من (وزراء حكومة الاتحاد وحكومة عدن) بأنهم أفراد لايمثلون الشعب. وقد حذر المناضل الكبير عبدالله الأصنج (الذي كان متواجداً في لندن لمتابعة المؤتمر دون أن يشارك فيه) بأن غرض المؤتمر هو الحفاظ على الوجود البريطاني بعد الاستقلال في 8 يناير 1968 والمتمثل ببقاء القاعدة العسكرية وعلى نفوذ حكومة الاتحاد.
وفي أغسطس 1965م انعقد “مؤتمر لندن الدستوري الثاني” والذي شارك فيه وفد من حكومة عدن الوطنية (حكومة المكاوي) ووفد من حزب الشعب الاشتراكي ووفد من سلاطين المحميتين (الغربية والشرقية)، وقد لوحظ أن المؤتمر انقسم إلى كتلتين: الأولى وفد حكومة عدن وحزب الشعب الاشتراكي، والثانية الوفد الاتحادي (السلاطين) والوفد البريطاني، وظهر انحياز الوفد الاتحادي للوفد البريطاني عندما عارضا معاً ما طرحه وفد حزب الشعب ووفد حكومة عدن في الجلسة الأولى وتمسكهما وإصرارهما أن يكون قرار لجنة تصفية الاستعمار 63م ضمن أجندة المؤتمر التي رفضها الوفد البريطاني، وإصرار الحزب على مناقشة ما جاء بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 18/1949 وبخاصة الفقرة (7) الخاصة بإطلاق سراح المعتقلين - عودة المنفيين - إنهاء قوانين الطوارئ المفروضة على مستعمرة عدن منذ (قنبلة المطار) في ديسمبر 1963م، وموضوع الانتخابات، إلا أنه أمام إصرار الحزب وتحفظ ورفض الحكومة البريطانية انهار المؤتمر منذ جلسته الأولى وغادر وفد الحزب لندن وعاد إلى عدن. (د.المصري، 1986: 187 - 188 - 191)، وحملّت الحكومة البريطانية وحكومة الاتحاد حزب الشعب الاشتراكي فشل المؤتمر الدستوري الثاني.
في عام 1965م اضطر حزب الشعب الاشتراكي - أمام مراوغات وألاعيب ومؤتمرات الإنجليز - إلى تبني الكفاح بشقيه السياسي والعسكري. [الموسوعة اليمنية - 2003: 2783].
تعرضت قيادة الحزب للاعتقالات وبخاصة المناضل عبدالله عبدالمجيد الأصنج ولعدة مرات، وكذلك عضوة الحزب وسكرتيرة “جمعية المرأة العدنية” المناضلة القديرة - أطال الله بعمرها ومتعها بالعافية - رضية إحسان الله، والتي تم اعتقالها في عام 1963 بعد الزحف الشعبي على المجلس التشريعي، وإيداعها زنزانة في سجن عدن، ولم يتم إطلاق سراحها إلا بعد نقلها إلى المستشفى. [باسندوة، 1989م: 58].
**كانت أبرز قيادات حزب الشعب الاشتراكي:**
- المناضل عبدالله عبدالمجيد الأصنج - الأمين العام
- محمد سالم باسندوة - عضو الهيئة العليا للحزب
- الشهيد علي حسين القاضي - عضو الحزب
- عبدالخليل سليمان - نائب الأمين العام
- خليفة عبدالله حسن خليفة (صاحب قنبلة المطار في 1963)
- محمود صديق - أمين مال الحزب
- ناصر عرجي - عضو الحزب
- حسين بارباع - عضو الحزب
- محمد سالم علي - عضو الحزب
- المحامي فؤاد بارحيم - عضو الحزب
- المحامي سعيد حسن صحبي - عضو الحزب
- المناضلة رضية إحسان الله - عضو الهيئة العليا للحزب.
**حمزة عبدالقادر العطار**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى