الــفتــاة الــعـدنيــة.. الأشـجــع

> أحمد محسن أحمد

>
أحمد محسن أحمد
أحمد محسن أحمد
منذ زمن بعيد، وتحديداً من تلك الأيام التي خرجت الجماهير في الجنوب ورمزها عدن لمقارعة الاستعمار البريطاني بثورة نقية وصادقة وموثوقة، وتحقق على إثرها النصر المؤزر في الثلاثين من نوفمبر المجيد عام 1967م، بعد كفاح مرير امتد من العام 1963م، وإن كان هو الظلم بعينه عندما نحصر النضال والكفاح المسلح في وجه المستعمر من العام 1963م، حيث إن الثورة وإن بدأت في ذلك العام باختيار الكفاح المسلح إلا أن هناك تمهيدا وتهيئة كانت في الأيام والشهور والسنوات التي خاضت الجماهير بنقاباتها وأنديتها الرياضية والمكونات النسوية التي انضوت تحت غطاء الحركات التحررية التصاعدية من حزب الرابطة لاتحاد الشعب الاشتراكي لحركة القوميين العرب لاتحاد الجمعيات القبلية ومؤتمر الخريجين، لينتج كل ذلك وحدات كفاحية ميدانية انتزعت الاستقلال انتزاعا.
يخطئ من يصور مراحل الكفاح المسلح في صور ضيقة ومحصورة (حسب هواه) وتجييرها بطرق مقززة توحي بأن هناك من يستجر الماضي ليقيس أحداثه حسب ما يعانيه من قناعات شخصية ضد أو مع. يحق لنا اليوم أن نسترجع الذكريات البطولية التي سطرتها الأسر العدنية كملاحم بطولية في مواجهة عربدة وعنجهية الاستعمار البريطاني.
فمن منا لايذكر المنازل العدنية والأسر العدنية التي كانت تأوي المناضلين الذين كانوا يواجهون القوات البريطانية ويلجأون إلى البيوت العدنية التي كانت تفتح أبوابها للمناضلين لحمايتهم دون التمييز بين جبهة وأخرى أو فصيل نضالي وآخر.. وإذا كانت الأسر تأوي المناضلين وتحميهم فإن الفتيات كُنَّ يخرجْن للمشاركة في المسيرات وتحمل جزء من النشاط النضالي الكفاحي ضد المستعمر البريطاني.. وهل منا من قد نسي المناضلة الجسورة نجوى مكاوي (رحمها الله) وغيرها من المناضلات العدنيات، وما كان يسود من تنويع في نضال الشابات والشباب الجنوبي والعدني بالذات.. فمن منا كان يتصور أن المناضلة البطلة نجوى مكاوي (رحمها الله) هي ابنة أخ الأستاذ المناضل المقدام عبدالقوي مكاوي، القيادي البارز في جبهة التحرير ورئيس وزراء عدن، فهو عم الأخت المناضلة نجوى مكاوي العضوة القيادية في الجبهة القومية.. فأي مستوى بلغه هؤلاء الرجال والنساء من تنوع في مجرى الكفاح المسلح.
وإذا عددنا مناقب المناضلين في جبهات القتال ومكونات النشاط السلمي النقابي والسياسي والرياضي لوجدنا أن الكثير من الأسر العدنية قد آوت مناضلين من مختلف الجبهات وهم أيضا في منظمات وأحزاب مختلفة الاتجاهات، حتى أن العديد من المناضلين قد ارتبطوا عائليا من خلال الزواج من فتيات عدنيات وغير عدنيات برجال الكفاح المسلح الذين وفدوا من الجنوب وغير الجنوب.. هنا يبرز نقاء الثورة الأكتوبرية (14 أكتوبر 1963م) التي هي ثورة بحق وحقيقة، ثورة شعب لايزال وسيظل يناضل ويقارع كل أشكال الاستبداد والاستيلاء والظلم والقهر الذي ساد منذ زمن ولا يزال يجر ذيول الخيبة بفعل الثورة المستمرة من أكتوبر 1963م حتى 2007/7/7م.
علينا أن نفخر بما حققه شعب الجنوب من إنجازات ثورية عارمة، صاغها وصنعها رجال ونساء وأسر لم تعرف ما بدا وظهر لنا هذه الأيام من تصنيف وتأطير خارج حدود الثورة ومبادئها العظيمة.. فليقل لي من لا يرى هذه اللوحة البطولية التي لازالت وستظل عنوانا بارزا لثورة شعب آمن بالحرية والانعتاق ونبذ الطائفية والقبلية والمناطقية، فكيف هو المشهد اليوم في نظر من لايزال حبيس أحداث ما قبل 1967م.. هل هو مُفصّل ومؤطر على مقاييس من جاؤوا ضمن حملة شركة الهند الشرقية الاستعمارية.. ثم هل كانت الأسر العدنية والجنوبية في أوج الثورة الشعبية الممتدة من أكتوبر 1963م وحتى يومنا هذا تبرز في مسيرتهم تصنيفات مناطقية وفئوية إلا في أذهان من لايزالون (محلك سر من ذلك الزمن الذي عاشوه تحت سترة الاستعمار البريطاني).
نداء أخوي صادق.. دعونا من هذه التفاهات التي سترهقنا، وضموا صوتكم لصوت الشعب الذي يسير بخطى حثيثة نحو الحرية والاستقلال، وإلا فإن (الجعبة مليانة بالخبابير اللي مش مليحة) بحق من يريد يغطي عين الشمس بمنخل.. ولنا لقاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى