ابن عدن في (مخيم البديوي بلبنان) !

> أحمد عمر المرقشي:

> عساكم من عواده.. كل عام وأنتم بخير..
هذه القصة طويلة مهما كتبتها لن أفيها حقها.. ولكني اختصرتها هنا عبر هذه الأسطر لك أخي القارئ.
بعد نشر مقالتي في صحيفة “الأيام” تحت عنوان (تعارفنا في عدن.. والتقينا في لبنان) في عددها الصادر 5836 يوم الخميس الموافق 12 أكتوبر 2014م.. تلقيت عدة اتصالات من أناس قالوا إن المقالة نالت استحسانهم، وشجعوني معنوياً في كتابة ذكرياتي للتاريخ.
فقلت في نفسي “من الواجب الأخلاقي أن أكتب عبر منبر من لا منبر له صحيفة “الأيام” للتاريخ فضلاً سجلي هذه الأسطر للقصة الحقيقية التي حصلت معي في لبنان، وخاصة مع ابن الجنوب العربي الحر المقيم في مخيم البديوي بلبنان الفدائي (أحمد العولقي) من أبناء كريتر عدن الطويلة.. فكيف عرفته؟.
كان ذلك في 11 / 7 / 1982م، تم اختياري ضمن مجموعة فدائية من كتيبة الجليل قوات الكرامة القيادة العامة للعاصفة لحركة (فتح) أبو عمار، مكونة من خمسة فدائيين ومعي أخي المناضل الفقيد محمد صالح الحماطي من أبناء التواهي (البنجسار) عدن، رحمه الله وطيب ثراه، في عملية ضد العدو الصهيوني، كانت العملية في منطقة (المنصورية) طلب من قائد كتيبتنا الموافقة لنا المناضل الفقيد حسن حيدر - رحمه الله وطيب ثراه.. وكان بجانبه المناضل علوي عمر السقاف الذي اعترض على انضمامي إلى المجموعة خوفا علي لصغر سني.. ولكنني طلبت من القائد الفلسطيني واسمه الحركي (كاسترو) الذهاب، فقال لهم “ما دام الزلمة يريد العملية لا مانع لدينا، فالعمليات الفدائية رغبة وليس أمراً”.. ذهبت أنا والحماطي لتجهيز أنفسنا وبنا فرحة نبحث عن الشهادة في سبيل الله ضد العدو الصهيوني المتطرف المحتل لفلسطين وجنوب لبنان، وقتلة الأنبياء.
كان قائد مجموعتنا الفدائية (الحركي روبين) ومعه أبو السفاح وأبو سلامة، ثلاثة فلسطينيين واثنان جنوبيان وخمسة فدائيين، ذهبنا للعملية عبر الوديان والسهول والجبال من منطقة (ينطاء) إلى منطقة (المنصورية)، كانت المسافة طويلة وسرنا عدة ساعات، وفي الطريق وجدنا فدائيا فلسطينيا من فرق الاستطلاع على تحركات العدو الصهيوني أعطى قائدنا معلومات عن تحركات العدو، وفي منتصف الليل تم كشفنا من قبل قوات الجيش العربي السورية رفضوا دخولنا للموقع الإسرائيلي لضربه، فعدنا.. وفي طريق العودة صادفنا مجموعة فدائية تابعة للصاعقة لحركة (فتح أبو عمار) يقودها ابن الجنوب العربي الحر الفدائي أحمد العولقي من أبناء عدن كريتر الطويلة المقيم في مخيم البديوي بلبنان منذُ قوات الردع العربي مع الشهيد امزربة ورفاقه، رحمه الله وطيب ثراه.
اثنان من أبناء الجنوب العربي الحر يلتقيان في لبنان وفي مواقع الشرف والكرامة ضد العدو الصهيوني دفاعاً عن البيت العربي والكرامة العربية بل والشرف العربي والإسلامي، سأل الفدائي أحمد العولقي قائدنا روبين: لماذا عدتم، لماذا لم تنفذوا العملية؟!! فقال له القائد: النقطة السورية كشفت أمرنا ورفضت دخولنا.. صرخ أخي الحماطي بأعلى صوته سابا وشاتما النقطة السورية، فقال الفدائي العولقي معكم يمني، عرفته من صوته ولهجته اليمنية، فقلتُ: نحن دمنا واحد فلسطيني أو يمني.. كان ذلك في ظلام الليل الحالك عرف أننا جنوبيون فقال أنا يمني جنوبي من عدن الطويلة، سأله الحماطي عن أسرته في عدن قال أنا من أسره الشهيد محمد صالح عولقي من أبناء عدن كريتر الطويلة، تعانق الحماطي مع العولقي عناقا أخويا ثم عانقته أنا عناقا حارا أخويا، فدخل القائد وطلب منه الذهاب معنا، كنا خمسة صرنا عشرة فدائيين ثلاثة جنوبيين وسبعة فلسطينيين فقال ابن الجنوب الحر لقائدنا روبين أوصيك الشباب الأشبال، يقصدني أنا والحماطي، قال القائد أقسم إنهم في عيوني، فقال لنا ابن العولقي أنا عايش في مخيم البديوي ومتزوج وعندي ابنتان فلذتا كبدي وأنا ضمن قوات الصاعقة لحركة فتح أبو عمار.
وفي منتصف الليل قبل طلوع الفجر قال لنا وداعا إخواني الجنوبيين، كانت لديه مهمات كثيرة فغادرنا مع مجموعته.
وفي اليوم الثاني جاء قائد كتيبة الجليل يصرخ لماذا لم تنفذوا العملية، قال له القائد النقطة السورية رفضت وكانوا يطخوننا بسلاح ثقيل ومتوسط.. وجاء مع قائد الكتيبة شخص آخر فدائي اسمه أبو الجراح بدل القائد روبين فاعترضنا ـ أنا والحماطي ـ وقلنا له عدونا الذي صدنا ما ذنب القائد روبين، وطلب من (أبو الجراح) الانضمام لنا فصرنا ستة في اليوم الثاني وننفذ العملية بنجاح بفضل الله عز وجل، فلله الحمد والشكر، وعدنا سالمين جميعاً.
الفدائي أحمد العولقي إن كان حيا يرزق فالله يحفظه ويرعاه، وإن استشهد فالله يرحمه ويطيب ثراه.
كما شرحت عبر السطور أن أحمد العولقي من أبناء كريتر عدن الطويلة في مخيم البديوي بلبنان ومتزوج وعنده ابنتان عام 1982م، فأرجو ممن عرفه من خلال هذه الأسطر عبر منبر من لا منبر له صحيفة “الأيام” أن يبلغ أسرته براءة للذمة.
لا أنسى وأنا أسطر هذه الأسطر الشهيد الطفل (منير) من أبناء عدن المنصورة بلوك 34 تقريباً، رحمة الله عليه، وطيب الله ثراه، وكذا جميع الشهداء والجرحى والفدائي الذي اختل عقليا بسبب القصف المفاجئ عليهم في منطقة النبطية الدفعة الثانية التي استشهد فيها الشبل (منير) واسمه (البرق) فكان عندي في السرية ضمن المجموعة التي سلموا من قصف الطائرات والصواريخ، فكان يصرخ بصوت عال ثم يقول لنا نكتة قال “ألا ألا ألا فين كنت يا لا لما قلت أنا أيوه ألا يا لا لو شفت كيف سوَّى بنا أيوه ما قلت أنا أيوه”، وكان يصرخ بصوت الطائرات والصواريخ، فكنا نضحك ونتألم للمواقف التي نحن فيها ثم غادروا لبنان إلى الجنوب وبقيت أنا هناك، قلت زاملا يومها عام 1982م:
قسما بالأرض والبندقية
ما نساوم في حقوق الجياع
لو ريجن وبيجن وشارون
بالزيدك يا القضية صراع
عيدكم سعيد وكل عام وأنتم بخير.. ثورة .. ثورة .. يا جنوب!.
وفي الختام أدعو كافة الجنوبيين إلى رص الصفوف اليوم بذكرى ثورة 14 أكتوبر.. وأدعو كل مكونات الثورة الجنوبية إلى التوحد في مجلس تنسيقي واحد وقيادة واحدة.. فإني أعبر عن وقوفي الكامل والمطلق مع الجهود التي تصب في وحدة الصف والكلمة والقيادة الجنوبية في المرحلة الراهنة.
النصر والعزة للجنوب.. والمجد والخلود لشهداء الجنوب وفلسطين.. والشفاء العاجل بإذن الله للجرحى.. والحرية للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وفي سجون صنعاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى