محاولة اغتيال السيد عبدالرحمن جرجرة من قبل سلطان لحج (فضل عبدالكريم العبدلي)

> عياش علي محمد

> كان السيد عبدالرحمن جرجرة يحب لحج حبًا عظيمًا ولا تفارق ذهنه معالم لحج واخضرارها في جلساته وأحاديثه، وكم كان يتألم من بعض التصرفات ضد المجتمع في لحج، وكان يعكس كل تلك السلبيات في صحيفته (النهضة) التي كانت تتداول في عدن ولحج.
وكان السلطان فضل عبدالكريم العبدلي (1946 - 1952) يقرأ صحيفة (النهضة) ويطلع يوميًا على أخبارها ويشتاط غضبًا عندما كانت الانتقادات توجه إليه لعدم قدرته على إدارة نظام الحكم في لحج لكثرة صراعاته مع أبناء عمومته.
وكان يعرف أن تلك الانتقادات يوجهها السيد عبدالرحمن جرجرة إليه ليثير غضبه، واعتبره قلماً متعصبًا مع أولاد عمومته ضده الذين كانوا لا يحبذون وصول السلطة إليه منذ أن كان وليًا للعهد.
استدعى السلطان أحد أعضاء مخابراته يقال أنه (الاخ محمود مندوق) كي يبحث له عن شخصية لحجية تقوم بتنفيذ اغتيال عبدالرحمن جرجرة، وقال السلطان لمدير مخابراته إنه يريده مختلاً، مقداماً، سريع البديهة، (كارها لحياته) يجيد استخدام السلاح أو عنيدا بحيث اذا تم اكتشافه لا يقر بمن دفعه للاغتيال.
بحث مدير مخابراته عن تلك الشخصية، فوجدها مناسبة لشخصية لحجية (فكاهية) بحيث لا يصدقه أحد بأنه من تلك الانواع التي تقدم على الاغتيالات.
وجاء به إلى السلطان كي يوضح له خطة هذا الاغتيال، ولما مثل (الفكاهي) ويطلق عليه (الطلي) بين يدي السلطان تظاهر بالجدية والصرامة وانه قادر على تنفيذ أية مهمة يكلفه بها السلطان.
وبعمامته التي على جبهته، وقامته القصيرة، وخنجره الذي لا يفارق خصره، ألقى التحية السلطانية وقال له “انا جاهز للمهمة”.
ضحك السلطان من مظهره ومن طريقة كلامه وتأديته للتحية، ولم يصدق ان هذا هو من سيقوم بتنفيذ المهمة، فوجه اليه عدداً من الاسئلة كي يطمئن من اجابة (الطلي) عليها.فقال له: هل تعرف السيد عبدالرحمن جرجرة؟. فرد عليه: نعم اعرف اسمه في الجريدة، ولكن ساعرفه قبل تنفيذي للمهمة. وسأله ثانية هل تجيد استخدام السلاح؟ فإني سأعطيك (مسدسا) لتقوم بتصويبه إلى صدر جرجرة.. فرد عليه: إني أجيد الطعن بالخناجر، وليس لي خبرة بالسلاح.
فسأله آخر سؤال: كيف ستمرر خنجرا من نقطة التفتيش في (نمبر ستة)؟ فضحك (الطلي) وقال للسلطان: سأخبئ خنجري في قبوة كاذي، ولن يكتشفها حتى الجن.
عندها اعطى السلطان هذا المنفذ (نصف المبلغ من الريالات الماريا تريزا) وقال له المبلغ المتبقي ستحصل عليه بعد تنفيذك للعملية.
ونصحة السلطان في حالة نجاحة في تنفيذ هذه المهمة أن يتوجه إلى (ابين) بدلاً من لحج.. ولا يأتي بأي كلمة عن الاغتيال.
استلم (الطلي) المبلغ واشترى لزوجتة (الراشن) وما زاد عن الراشن اشترى لها قرط ذهب وقلادة ذهبية.. ثم ودعها وقال لها انتبهي للعيال، وربنا فتح لنا رزقا سنظل نأكل منه حتى آخر الساعة.
ذهب الطلي (وهذا ليس اسمه الحقيقي) إلى عدن وكان يمضي وقته بجانب من كانوا يبيعون الفل في عدن.. ومضى على ذلك شهراً بأكمله ولم يسمع السلطان عن الاغتيال.. وانتهى الشهر الثاني ولم يسمع بحادثة الاغتيال، في هذه الحالة طلب السلطان من مدير مخابراته أن يأتي (بالطلي) إلى لحج، فقد صرف السلطان النظر عن اغتيال عبدالرحمن جرجرة وطلب منه ان يحضره في الحال فإن تأجيل الاغتيال شهرين قد يجعل مهمته مفضوحة.
ذهب (منذوق) إلى عدن وبحث عن (الطلي) فوجده يتناول القات مع افراد من لحج يبيعون الفل في عدن فنحاه جانباً وطلب منه عدم تنفيذ المهمة، فقد صرف السلطان النظر عنها.
قفز (الطلي) من مكانه حانقاً وقال لمنذوق الليلة كان موعدي للاغتيال.. فقد عرفت بيت جرجرة واستأجرت (سلّم) كي اطلع منه إلى دار جرجرة وقد لمعَّت خنجري بحيث تكون شفرته حادة ولا يمكن لجرجرة حتى أن يصدر صوتا يستغيث به.
ولكن السلطان خلاص لم يعد في نيته اغتيال جرجرة، لقد سامحه وعفا عنه وواصل (منذوق حديثه للطلي) بصراحة ان السيد عبدالرحمن جرجرة زار لحج ووصل ضيفاً على السلطان وتفاهماً تفاهماً مشتركاً حول ما كان يهدد لحج من مصائب داخلية وخارجية، واصبحا صديقين حميمين.
وتذكر السلطان فضل عبدالكريم ما قاله السيد عبدالرحمن جرجرة عندما كتب يعزيه بوفاة عمه الأمير احمد فضل القمندان بأبيات من الشعر وفلسفة أدبية قالها بهذه المناسبة.
عاد الطلي ومعه منذوق إلى السلطان حيث اعطاه المبلغ المتبقي له دون تنفيذ العملية، وقال له ان الله قد جنبنا جريمة ازهاق نفس بريئة. اذهب ولا تخبر احد بما جرى بيننا من تفاهم ضد السيد عبدالرحمن جرجرة.
**عياش علي محمد**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى