حـق تـقـريـر الـمـصـير تـقـرَّه الـشـرائـع الـسـمـاويـة والـقـرارات الـدولـيـة

> يحيى عبدالله قحطان

>
يحيى عبدالله قحطان
يحيى عبدالله قحطان
ونحن نحتفل بالعيد 51 لثورة 14 أكتوبر الخالدة والتي انطلقت من على قمم جبال ردفان الشماء عام 63م بقيادة رائدة الكفاح المسلح (الجبهة القومية) وبذكرى الاستقلال الوطني المجيد في 30 نوفمبر عام 67م فإنه من حسن الطالع أن نحتفل أيضا بإطلالة العام الهجري 1436هـ، نحتفل بالمسيرة الإسلامية الخالدة وبالهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، راجين من الله العلي القدير أن يهل هذا العام الهجري على شعبنا اليمني وأمتنا الإسلامية بالأمن والإيمان والتوافق والسلام والخير والبركات.
وبهذه المناسبات الدينية والوطنية لايسعنا إلا أن نحيي بإجلال وإكبار مناضلي وشهداء مسيرة شعبنا الجهادية والنضالية والثورية والتي انطلقت في أنحاء الجنوب منذ الاحتلال المشؤوم عام 1839م وتوجت تلك التضحيات الجسيمة والمقاومة الوطنية والانتفاضات الشعبية الجنوبية المتواصلة بقيام ثورة 14 أكتوبر الخالدة عام 63م وتحرير جنوبنا الحبيب من الاستعمار البريطاني الذي جثم على صدر شعبنا طيلة 129 عاما.
كما نحيي الحراك الثوري الجنوبي السلمي والذي انطلق في 7 /7 /2007م بجماهيرنا المناضلة ومسيراتهم المليونية واعتصاماتهم السلمية، والذين استعذبوا النضال الشاق المتواصل والعنت والسهر والتضحيات، ليهبوا لشعبنا عذب الحياة الحرة والكريمة.
كما نحيي ونبارك المسيرات المليونية الحاسمة والاعتصامات المفتوحة، والتي أقيمت أخيرا في ساحة العروض، ساحة الحرية بخورمكسر والمكلا بمناسبة العيد الـ51 لثورة 14 أكتوبر المجيدة سيرا نحو استعادة شعبنا الجنوبي المقهور حريته وكرامته وحقوقه المغتصبة والتي افتقدها بعد حرب 94م الظالمة، والتي ألغت الوحدة الاندماجية التي تمت عام 90م بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، هذه الحرب المشؤومة والمعمدة بفتوى تكفير الجنوبيين، فتوى التمترس التي استباحت دماء شعب الجنوب المسلم من نساء وأطفال وشيوخ، ونهب أراضيهم وثرواتهم ومساكنهم (كفيد وغنائم)، وتسريحهم من أعمالهم، الأمر الذي ولَّد عند الجنوبيين الشعور بالغبن والظلم والقهر والحرمان وحالة من الرفض والمقاومة لهذه المظالم عبر الحراك الجنوبي السلمي منذ 7 /7 /2007م.
ولا ريب في أن الدفاع عن الأوطان والأعراض والأموال والحريات العامة والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومنح الشعوب الحق في تقرير مصيرها، كل ذلك يعتبر فطرة إنسانية وغريزة بشرية وعملا مشروعا وواجبا شرعيا تقره الشرائع السماوية والأعراف البشرية والقوانين والقرارات الدولية على مر العصور، وفقا لما نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ولقد جاء ديننا الإسلامي الحنيف ليؤكد على هذه الحقوق الشرعية التي تحفظ بها الأنفس وتصان بها الأعراض والأموال في سبيل إرساء قيم العدل والحرية والمساواة بين سائر البشر على اختلاف أجناسهم وأديانهم ومراكزهم الاجتماعية، قال الله تعالى: “ولمن انتصر بعد ظلمه فأُولئِك ما عليهم من سبيل”، وعليه يعتبر مقاومة الظلم والطغيان والقهر والاستبداد والفقر والإفقار والفساد والإفساد والجهل والحرمان أمرا مشروعا في القوانين الدولية وواجبا دينيا في الشريعة الإسلامية السمحاء، “ليقوم الناس بالقسط”، ونقول لأولئك المتنفذين والمتسلطين على رقاب الجنوبيين وناهبي أراضيهم وثرواتهم “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”.
ففي 24 /11 /1970م صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (2625) الخاص بإقرار حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي ديسمبر عام 1972م صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (2955) الذي نص على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي شرعيه سبل التحرر، بكل الوسائل المتوفرة.
وفي 18/12/1972 صدر قرار الجمعية العامه للأمم المتحده رقم (3034)، وتضمن تأكيد الحق الثابت في تقرير المصير والاستقلال لجميع الشعوب.
وفي 15 /9 /1997م تضمنت الفقرة (أ) من المادة الأولى من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الصادر بموجب قرار مجلس الجامعة العربية رقم (5427) والذي يضمن لكافة الشعوب الحق في تقرير المصير والسيطرة على ثرواتها ومواردها الطبيعية، ولها استنادا لهذا الحق ان تقرر بحرية نمط كيانها السياسي وتنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي 1 /11 /2001م اصدر مجمع البحوث الاسلامية بالازهر الشريف قرارا تضمن حق الدفاع المشروع الذي يجاهد به المستضعفون لاستخلاص حقوقهم المشروعة التي قررها لهم الحق الفطري في تقرير المصير، إضافة إلى الحقوق التي اقرتها الشرعية الدولية.
ونظرا لكل ما ذكر فإننا نؤكد على حل القضية الجنوبية حلا عادلا بما يرضي شعب الجنوب واحترام ارادته في استعادة حقوقه المشروعة وحريته وكرامته عبر حقه الشرعي في تقرير مصيره بنفسه من خلال استفتاء عام شفاف لشعب الجنوب وعبر فترة انتقالية مزمنة وبإشراف إقليمي ودولي، مؤكدين أن ذلك سيزيل ما علق في نفوس الجنوبيين من احتقان واحقاد وكراهية وحرمان بسبب الظلم والقهر والاقصاء الذي تعرضوا له منذ حرب 94 المشؤومة.
وفي نفس الوقت نؤكد أن ذلك سيعزز بين الشمال والجنوب الأخوة الإيمانية ووشائج القربى والتراحم والمؤاخاة والتصالح والتسامح والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، كما يرسخ ذلك الامن والاستقرار والتعايش السلمي على المستوى المحلي والاقليمي والدولي.
ختاما تحية اجلال واكبار لكل اهلنا المشاركين في ساحة الاعتصام بخورمكسر والمكلا، فأنتم بهذه الاعتصامات السلمية المفتوحة تشكلون لوحة حضارية راقية، ترسمون بها خارطة الطريق لاستعادة شعبنا الجنوبي العظيم استقلاله وحريته وكرامته. وحذار حذار، من جر هذا الاعتصام السلمي إلى مربع العنف ليظل اعتصامكم تسامحيا سلميا حتى مع معارضيكم ومخالفيكم في الرأي، متحررين من النزعة الانتقامية والثأرية والإقصائية والتخوينية ضد من يختلف معكم في الرؤى وخياراتكم الوطنية، وليكن شعاركم (نتعاون في ما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضا في ما نختلف عليه)، محذرين من تكرار أخطاء الماضي الإقصائي المرير، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.. آملين ان تتوحد وتتضافر جهود الجميع، وان تترسخ روح التآخي والتعايش السلمي بين الجنوبيين والشمالين والالتزام بمبدى القبول بالآخر.
“كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”. وولاؤنا أولا وأخيرا يجب أن يكون لله عز وجل، فهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير، وحتى يقضي الله امرا كان مفعولا، وتتحقق لشعبنا أهدافه التحررية والمصيرية، مذكرين بأن السياسة الشرعية تقتضي تحقيق الممكن، وان النصر مع الصبر والمصابرة، النصر مع المرابطة والاعتصامات السلمية، النصر مع التوحد والتوافق، النصر مع التصالح والتسامح، وان الفرج مع الكرب، وان مع العسر يسرا. “يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون” صدق الله العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى