الـخـطـوط الـجـويـة الـيـمـنـيـة.. الـفسـاد الـمـمـنـهـج!

> بروفسور أيوب الحمادي

> ثلاثة اخوة ورثوا عن ابيهم بقالة على ركن، كانت تدر اموالا كافية عليهم و تفتح اربعة بيوت لهم و لأبيهم. كان الاب يسجل كم معدل الدخل والربح، ومن صافي الربح كان يدير المرتبات والتوسع في مشاريعه. زّوج اولاده الثلاثة وبنى بيتا للاسرة ذا اربع شقق وفتح لهم بيوتا والكل يعمل بكد واجتهاد، وكل ذلك من هذه البقالة. مات الاب وترك اولاده الثلاثة يعملون فيها ولم يتغير في وتيرة العمل شيء، غير ان البقالة فلّست بعد ثلاث سنوات وتراكمت ديون الموردين والايجار عليهم حيث وصلت الى ثلاثة ملايين ريال، وكان ذلك في 1998 تقريباً. الابن الكبير لم يفهم، كيف صارت البقالة مديونة ووتيرة الشغل لم تتغير ان لم تزداد. جلس يفسر وهو يرى انهم قريباَ سوف يغلقونها لاسيما والتفكير اليوم لن يحل مشكلة الديون واسرهم ومستقبلهم. تعرفون ما هو السر في الافلاس؟.
السر يكمن في انهم كانوا يعملون، ولكن كان كل واحد منهم دولة كما يقال، يدخن باكتين سيجارة اثناء العمل والصبوح والغداء والعشاء ما لذ وطاب والقات من الساعة الواحدة ظهراً الى الساعة ٧ مساءً لكي يشتدوا في العمل، والذي كان مرفوضا ايام الاب اثناء العمل. وفي الليل قبل الذهاب الى البيت كل واحد منهم يأخذ مستلزمات البيت منها واقلها حبتين دجاج مثلج لكل منهم والمواصلات اينما ذهبوا طبعاً من المقل، والمرتبات لهم شهدت زيادة طبعاً.
و مختصر الامر كانوا يأكلون راس المال من دون ان يدركوا ذلك والذي كان ابوهم يبني فيه عشرات السنين. لم يفرقوا ما بين الايرادات وصافي الربح، والذي كان الاب بموجبه ينفق ويتوسع. الابن الكبير عندما عرف اين السبب بعد فوات الاوان قال “ابي علمنا نعمل ولكن لم يعلمنا ما كان هو يحسب”. واليوم هم من دون عمل على اغلب الظن. وهذا هو حال اليمنية، والتي يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1949 اي قبل ان تظهر قطر والامارات معاً.
وقتها قامت الحكومة اليمنية بشراء طائرتين من طراز “داكوتا دي سي ع” لنقل مسئولي الحكومة اليمنية، ونقل البريد، ونقل رجال الأعمال بين المدن اليمنية الهامة، والتي تطورت في 1961 الى الخطوط الجوية اليمنية وبدأت نشاطها رسمياً عام 1962 باسم “خطوط طيران اليمن”. وخلال عام 1965 قامت الخطوط الجوية اليمنية بشراء أربع طائرات أخرى من نوع “داكوتا” وسيرت رحلات إلى تعز والحديدة وبعض المحطات الإقليمية مثل جيبوتي وأسمرا، ثم أضافت رحلات داخلية جديدة إلى كل من البيضاء، مأرب وكمران، وتمت إعادة هيكلة الشركة بعد تأميمها وتغّير اسمها إلى “الخطوط الجوية اليمنية” و ذلك عام 1972.
وفي يوليو 1972 اعتمد اسم “اليمنية” بعد إنشاء شركة الطيران الجديدة باشتراك كل من الحكومة اليمنية والحكومة السعودية. وفي عام 1994 تم ضم خطوط الطيران التابعة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمدا) إلى الخطوط الجوية اليمنية، والتي كان المفروض ان تحول اليمن الى نقطة انطلاق اقليمية اقلها الى القرن الافريقي وآسيا.
وقتها وصل عدد الطائرات الى 17 طائرة “أيرباص أي 330 وأيرباص أي 310، بوينج 727 وبوينج 737 و747” وزدناها بـ10 طلبيات أيرباص أي 350. لكن مع الاسف مات الاب بعدها وسلمت الشركة للابناء الذين اكلوا رأس المال واوصلوها اليوم الى 5 طائرات فقط، احداها تم تدميرها قبل شهرين اثناء الصيانة حيث نزع المهندس البين الامامي للعجلة الامامية من دون ان يدري مما اسقطها فانشقت الى نصفين واخرى في فرنسا للصيانة. لم اتحدث عن الخدمات، والتي اقلها ان خدمات شركات الباصات قد تكون احسن.
فهل يعقل ان يتم تدمير شركة كانت عندها 17 طائرة و الان فقط 3 طائرات “فعالة” من دون عقاب . طبعاً الشركة لديها ما يقارب 4000 موظف، منهم اكثر من 300 في ادارة العمليات اي المضيفين والطيارين.
الغريب والعجيب لم نسمع عن محاسبة احد الى الآن، مع العلم ان اليمنية سبقت ﺍﻟﺨطﻮﻁ ﺍﻟﻘطﺮﻳﺔ بأكثر من نصف قرن، والتي هي عندها الان 124 طائرة وﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ لسنتين ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺘﻴﻦ. ﻭﻳﺘﻤﺘﻊ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﺑﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻹﻧﺘﺮﻧت طﻴﻠﺔ ﻓﺘﺮﺓ التحليق، واليمنية سبقت ﺍﻟﺨطﻮﻁ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺗﻴﺔ، التي ﺗﺄﺳﺴت ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1985 اي بعد اليمنية باكثر من 40 عاما، والتي صارت تمتلك الان 208 طائرات وخدمات لا تقارن. ونحن سلمنا الحيلة والضمار لقيادات غير قادرة وقبل ذلك فاسدة وفاشلة لم يهمها الا الشهوات المادية، وقلنا لهم خارجونا، وكذلك الحال في بقية مؤسسات الدولة!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى