لـمـاذا (هـرولـنـا) إلـى الـوحـدة ؟!

> أحمد محسن أحمد

>
أحمد محسن أحمد
أحمد محسن أحمد
لا أعرف كيف ولماذا أسارع بالعودة من جديد لمكتبتي الصغيرة والمتواضعة والتي فيها حيز للكتب التي سبق لي قراءتها منذ السنوات الأولى للانفتاح الذي اجتاح شباب عدن والجنوب والاهتمام الذي كان يفوق الحد للاطلاع على الكتب الثقافية الأدبية منها والسياسية، حتى شكلت لدينا رؤية وفكرا قوميا عتيقا!.. الغريب أن تلك الفترة التي يمكن لي تحديدها، كانت في أواخر الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي!.. وحينها كانت مكتبة مسواط (رحمه الله) بالسيارة الخضراء التي (ما في لها صوت) والتي كانت تجوب مناطق عدن ضمن برنامج أسبوعي يحدد ذلك البرنامج يوما في الأسبوع لكل منطقة من مناطق عدن!.. لا أحد ينكر أن هذه واحدة من حسنات الإنجليز خلال فترة الاستعمار البريطاني لعدن.
حيث إن معظم الكتب التي تقدمها هذه السيارة والمكتبة الشهيرة أيامها (مكتبة مسواط) كانت تحمل الفكر القومي التحرري والذي على أساسه نشأت كيانات وأحزاب ومنظمات سياسية وعسكرية.
أقرأ هذه الأيام كتاب الرائد للفكر القومي وإشعاعه الأوسع إيضاحا بين الشباب (حينها)، المفكر والكاتب ساطع الحصري (رحمه الله) وكتابه الذي يشدني هذه الأيام هو (العروبة أولا! - الطبعة الخامسة). ولا ننكر أن هناك مفكرين بارزين (حينها) كان لهم الفضل في إشاعة الفكر القومي أمثال (سلامة موسى وخالد محمد خالد.. وغيرهم).. لكن ما شدني هو كتاب (العروبة أولا) للأسئلة التي لخص بها (ساطع الحصري) وضع سوريا والعراق والأردن والمملكة العربية السعودية حين كانت سوريا عبارة عن أربع دول.. وهي (دولة حلب.. دولة جبل الدروز، ودمشق، وجبال العلويين) ففي الصفحة (18) فند (الحصري) وضع سوريا والأردن على النحو التالي “في أقصى الشمال دولة حلب وفي أقصى الجنوب دولة شرق الأردن وبينهما دول جبل الدروز ودمشق وجبال العلويين”.. واستعرض عمر كل دولة من هذه الدول السورية الأربع التي توحدت لعدة أسباب منها الاحتلال الفرنسي والبريطاني حيث كانت دولة حلب هي الأقصر في العمر.. فلم تدم سوى أربع سنوات وبضعة أشهر ولم تترك اثرا سوى علم محفوظ في متحف وبضع ألواح رخامية حفر عليها اسم (مرعي باشا رئيس دولة حلب).. أما دولتا جبل الدروز وجبل العلويين فقد امتد بهما العمر نحو عقدين من الزمن.. لكن دولة شرق الأردن عاشت حتى الآن.. وذهب المفكر العربي الشهير ساطع الحصري يسوق أسئلة عديدة.. كيف ولماذا اندثرت الدول السورية الأربع واستمرت على قيد الحياة دولة شرق الأردن التي ظلت قائمة بذاتها منفصلة عن سوريا؟!.. كما أنه وضع سؤالا يكشف شأن الاستعمار الفرنسي والبريطاني عندما اتحدت حلب مع دمشق بعد أربعة أعوام وثلث العام، وظلت الأردن دولة قائمة بذاتها إلى الآن.. وفي الشق الآخر.. فند المفكر العربي الشهير ساطع الحصري وضع المملكة العربية السعودية التي كانت منقسمة إلى أربع وحدات سياسية مستقلة عن بعضها استقلالا تاماً وهي:
1 - إمارة آل الرشيد في القسم الشمالي من نجد
2 - سلطنة آل سعود في الأقسام الأخرى من نجد
3 - المملكة العربية الهاشمية في الحجاز
4 - إمارة الإدريسي في عسير
كما أن العراق كان متنازعا عليه بين وحدته مع الأردن أو وحدته مع سوريا (ص 31) والتنازع هنا يعود إلى نوع الانتداب الفرنسي على سوريا والإنجليزي على الأردن، في الوقت الذي كانت العراق تحت النظام الملكي، وهي مقيدة بمعاهدة مع الحكومة البريطانية بينما نظام الحكم السوري جمهوري.. وإذا كانت المسألة ذات تعقيد فيما بين العراق وسوريا، فإن وحدة العراق مع الأردن (وإن كانتا مملكتين هاشميتين) سيخل بالتوازن القائم بين الدول العربية (ص 33).
لماذا نعود لقراءة ما سبق لنا قراءته في هذا الزمن.. إن الحقيقة تقول (وهذه خارجة عما دار في صفحات كتاب الحصري) إن القول بأن العروبة أولا هو الأفضل لما كانت عليه الأوضاع في معظم الدول العربية، وحالنا هنا في هذا البلد كما هو لا يختلف عما كان وكنا عليه.. هل الوحدة ملاذ ومخرج لمشكلات الدول العربية..!؟ ونحن جزء منها؟!.. أم أن الانفصال هو الحل الأرجح لكل ما تعانيه الأمة من شتات وتمزيق يصل حد فقدان الهوية والكيان والتاريخ الذي عانينا منه هنا في الجنوب من جراء الوحدة اليمنية الكاذبة؟!.
فإذا كان المفكر العربي القومي الشهير ساطع الحصري قد وضع فكرة الوحدة العربية في إطار المقولة الصحيحة.. وهي العروبة أولا.. فلم يقل الوحدة العربية أولا، ثم تأتي الهوية والكيان من فوق.. لقد قال أيضا في (ص 35): “ياليت لم تتحد دولة حلب ودمشق وجبل الدروز وجبل العلويين.. وياليت تلك الدول بقيت قائمة إلى الآن. مثل توأمتها المملكة الأردنية!”.. لماذا هذه الصرخة المدوية التي أطلقها (الحصري) ضد الوحدة في ذلك الزمن؟!.. ولماذا نحن هنا في الجنوب نقول ياليت لم يتحد الجنوب مع الشمال.. ذلك لأن الوحدة الحقيقية تكون بعد وحدة الهوية والكيان.. فإذا كانت الاختلافات واضحة في هذه الشروط فلماذا إذا (هرولنا) إلى الوحدة؟. ولنا لقاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى