حرائر الجنوب: صامدات في ساحة الاعتصام وندعو الصامتين إلى إنهاء صمتهم ...خورمكسر من مدينة دبلوماسية إلى ساحة ثائرة

> استطلاع / فردوس العلمي

> مدينة خورمكسر، تلك المدينة المعروفة بالحي الدبلوماسي، اليوم باتت ساحة للحرية بدءاً من مدخلها إدارة الأمن وانتهاء بمخرجها من جهة الشمال حيث يقع معسكر بدر، وما بينهما نصب المعتصمون من أبناء شعب الجنوب خيام اعتصامهم المفتوح المطالب باستعادة الدولة.
يتواجد في هذه المدينة مختلف الفئات رجالا ونساء وأطفالا، قدموا من مختلف مديريات وبلدات الجنوب، في هذه الساحة التقى الأساتذة الجامعيون، الإعلاميون، السياسيون، المدنيون، المتعلمون والأميون، البدو والحضر، اجتمعوا هنا بكل انتمائهم وثقافاتهم وأفكارهم، تحت هدف واحد هو استعادة دولتهم الجنوبية لينعموا فيها بالعيش الكريم دون إقصاء أو تهميش، الكل فيها سواسية.
الكل في هذه الساحة يرددون شعارات موحدة وثورية، منها ما ينادي باستعادة الدولة كشعار (ثورة ثورة ياجنوب - استقلال أو الموت) وأخرى رافضة لأية حلول تجتزئ من مطلبهم المتمثل في استعادة الدولة كشعار (لا وحدة ولا فيدرالية)، هذه الشعارات وغيرها يرددونها ليل نهار، فما أن يصمتوا من ترديد شعار حتى تصدح حناجرهم بشعارات أخرى مماثلة وكلها تنادي باستعادة الدولة الجنوبية.
«الأيام» نزلت إلى قلب مدينة الحرية (ساحة الاعتصام) لترصد بعض من الأفعال الثورية التي تسطرها حرائر الجنوب في الساحة منذ بدء الاعتصام المفتوح في عشية الاحتفال بذكرى الثورة الأكتوبرية.
ناشطة تكتب تحذير على الجدار المقابل لخيمة النساء
ناشطة تكتب تحذير على الجدار المقابل لخيمة النساء

**المشهد الأول: من مدخل ساحة الحرية “ساحة العروض” بخور مكسر بعدن، ترى أمامك كمًا هائلا من الخيام كتب على كل منها المنطقة أو الجهة التي ينتمي إليها أصحابها، خيام تسمت بأسماء مناطق، وأخرى بشهداء أو بأسماء مرافق حكومية انظمت للساحة للمطالبة باستعادة الدولة.
في هذه الخيمات البعض يغطون في نومهم بعد أن أحيوا ليلهم بالحراسة وتوفير الأمن للمعتصمين، وآخرون مخزنون، وفيما يقوم الآخرون بأنشطة ومهام حسب الميول خدمة للثورة والمعتصمين.
المرأة في هذا الاعتصام أيضاً أثبتت تواجدها وأنها قرينة للرجل في هذه الثورة والمرحلة الراهنة وما بعدها.
في هذه الساحة نساء جامعيات وما أكثرهن، فارسات في كل ميادين الحياة السياسة والقيادية والثقافية وجميع مناحي الحياة.

**المشهد الثاني: الساحة مزدانة بصور الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لهذا الوطن الذي يناضلون من أجله، ولكن ما لم يشاهد هو صور النساء اللاتي سقطن شهيدات في تربة هذا الوطن.
وعن أمل المرأة من هذا الاعتصام والهدف المرجو منه قالت لـ «الأيام» جوهرة حسن صالح، مديرعام الدراسات العليا في جامعة عدن: “نأمل أن نثبت للعالم أننا نحن من يبسط على أرض الواقع في الجنوب، وأن الإرادة الثورية هي إرادة شعب وليست إرادة قيادة أو أفراد، ولهذا يجب على المجتمعين الإقليمي والدولي أن ينظر لشعب الجنوب ويلبي إرادته، وأن يتفق معه لا مع القيادة الممزقة”.
وأضافت: “على المجتمع الدولي أن يعرف بأن لدينا قضية، وأننا نطالب باستعادة الدولة الجنوبية”.
وتواصل حديثها وسرد بعض المعاناة التي تواجهها المرأة في الثورات بشكل عام بالقول: “إننا نعاني من مجتمع ذكوري ليس هنا وحسب، بل في المنطقة العربية برمتها، ولهذا تعاني المرأة من التهميش والإقصاء ولكننا أثبتنا وجودنا وأننا نستطع فعل ما يفعله الرجل”.
وتوضح: “يخشي الرجل من تواجدنا بجانبه حتى لا يكون لنا صوت ورأي مستقلان، ولكننا لن نقبل أن نكون تابعات ومهمشات، فنحن ذوات رأي ومشورة، وقد يكون الرأي الحكيم لدينا، فنحن من يخاف على هذا الوطن وعلى الأجيال القادمة التي نسعى إلى تحسين أوضاعهم في هذا البلد”.
**المجتمع يقاس بتطور المرأة**
جوهرة في سياق حديثها تطرقت إلى التهميش الذي تعاني منه المرأة في الساحة بالقول: “يجب على الرجال أن يعوا بأن تطور المجتمع لا يقاس إلا بمدى تطور النساء فيه”.
كما تطرقت جوهرة إلى جانب النظافة في ساحة الاعتصام موضحة في حديثها أن “النظافة في الساحة قائمة على المجهود الذاتي من قبل الشباب المعتصمين”.
**عشرون عاماً من التفريق**
جوهرة
جوهرة
وعن الانقسامات في صفوف الحراك والتي باتت تردد بين الحين والآخر ومدى صحتها قالت جوهرة: “إن الوضع الذي تعيشه الساحة الجنوبية اليوم هو وضع طبيعي، في ظل ما عاناه الجنوبيون طيلة وعشرين عاما من التفتيت والتفريق فيما بين أبنائه، لهذا نقول إن ما هو حاصل اليوم من اختلاف وجهات النظر والانقسامات يعد شيئا طبيعيا بعد عشرين عاما من التجهيل والتهميش وشراء الذمم ونشر الفساد بين أوساط أفراد هذا الشعب”.. واستطردت بالقول: “إن ما نشاهده اليوم من انقسامات تقتصر على القيادات فقط، ولكن الشعب موحد وقد أثبت توحده وقوته بشكل لايخفى على أحد، ولهذا نقول للقيادة كفى انقساماً وتشرذماً، فما تأخر تحقيق الهدف إلا بسبب تفتتكم”.
**أتينا بإرادتنا**

الساحة ومنذ بدء الاعتصام تشهد تزايداً كبيراً للحضور النسوي يوماً بعد يوم، وعن هذا الحضور، وما إذا كان قد طلب من النساء الحضور تقول جوهرة: “لم نطلب، ولم توجه لنا دعوة من أحد للمشاركة في هذا الاعتصام، وإنما أتينا إلى هنا بإرادتنا”.
وتضيف: “نعترف أن كثيرات من النساء لم يكن تواجدهن بالشكل المشرف والذي يشجع الآخريات على الحضور، ولكن التحاق النساء الجامعيات بالساحة أتى لتحسين صورة المرأة الجنوبية ونقل صورة إيجابية عنها”.
وتواصل بالقول: “واجهتنا الكثير من الصعوبات في أن نثبت في الساحة، وأثبتنا أن المرأة الجنوبية أيضا هي امرأة مثقفة وأكاديمية قادرة على إثبات صورتها المشرفة للمجتمع والعالم أجمع”.
ودعت جوهرة في ختام حديثها الرجال المتواجدين في الساحة إلى العمل على تعزيز تواجد النساء في الساحة بالإتيان بنسائهم وبناتهم للمشاركة الفاعلة، مشيرة إلى أن الثورة التي تشارك فيها النساء تحظى باهتمام العالم.
كما نبهت أن هذه الساحات والاعتصامات والفعل الثوري لن يؤتي أكله إن لم يواكبه فعل سياسي.
**حشد نسوي**
 منال مُهيم
منال مُهيم
من جهتها عبرت منال مُهيم عضو هيئة مركزية في حزب رابطة الجنوب العربي الحر عن مشاركتها في الاعتصام المفتوح في ساحة الحرية بالقول: “كان تواجدي في البداية في ساحة الاعتصام كتمثيل شخصي بصفتي من منظمات المجتمع المدني، قبل أن ننصب لنا خيمة خاصة بالحزب”، مشيرة إلى أن تواجدها في الساحة “أتى كدعم للثورة الجنوبية وواجب وطني قبل أن يكون سياسيا، بالإضافة إلى العمل على زيادة القطاع النسوي في الساحة، حيث إننا في بداية الأمر لم نشهد تواجدا نسائيا فاعلا، ولهذا عملنا على رفد الساحة بنساء لهن مكانتهن في المجتمع”.
وأضافت: “حاليا لدينا خيمة مخصصة لنا عكس ما كان في السابق الذي كان تواجد المرأة فيه غير لائق، لعدم وجود مكان مخصص لها، وأما الآن فنشعر أننا في ساحة نسائية مملوءة بالنساء الواعيات المثقفات نستطع العمل معهن بشكل فاعل”.
وعن ما تعانيه الحرائر في الساحة قالت منال: “توجد نواقص كثيرة في الساحة خاصة فيما يخص النساء، وقد تكلمنا مع اللجان العاملة في ساحات الاعتصام بشأنها، ولكن إلى الآن لم يتم حلها، وقد تمثلت تلك المطالب في تجميع خيم النساء في اتجاه واحد بكل مكوناتها وإحاطتها بشريط يفصلها عن خيام الرجال، وكذا تخصيص حراسة من الشباب عليها وذلك لأن النساء تغادرها ولا تنام فيها”.
واختتمت حديثها بالقول: “أدعو قيادات الثورة الجنوبية إلى سرعة التوحد، ونقول لهم لماذا هذا الاختلاف، والهدف واحد وهو استعادة الدولة الجنوبية؟!!”.
**مشاركة فاعلة**
منى هيثم
منى هيثم
منى هيثم، ناشطة سياسية، من جهتها تحدثت عن أهداف الاعتصام بالقول: “هدفنا هو استعادة الدولة الجنوبية، وأتمنى أن يكون يوم 30 نوفمبر نهاية الاعتصام بتسلم أبناء الجنوب دولتهم بجميع مرافقها المدنية والأمنية”.
وتمنت منى من طرفي الوحدة أن “يخضعوا لحوار ندي بين دولتين وفك الارتباط فيما بينهما بطريقة حضارية وسلمية، بالإضافة إلى ضرورة الإفراج عن المعتقلين الجنوبيين وفي مقدمتهم عميد الأسرى الجنوبيين أحمد عمر العبادي المرقشي”.
وعن مدى مشاركة المرأة في الساحة إلى جانب أخيها الرجل قالت: “هناك تواجد مشرف للمرأة في الساحة، ولكن مع الأسف هناك بعض من الإقصاء والتهميش يمارس ضدها، حيث لم تحصل المرأة على الفرصة الكافية لإبراز مكانتها على إدارة وتنظيم هذا الاعتصام، وهذا يقصي عددا كبيرا من النساء من المشاركة، ومع هذا لنا تواجد ونعمل بصمت على نصب الخيام وتجهيزها بالإضافة إلى القيام بأنشطة ثقافية وتوعوية للمشاركات فيما يتعلق بالفعل الثوري وغيره”.
وتمنت منى في ختام حديثها أن يصل هذا الاعتصام إلى هدفه المنشود المتمثل في استعادة الدولة الجنوبية.
الحضور النسوي الفاعل في ساحة الاعتصام عكس مدى تحضر وتمدن حرائر الجنوب التواقات لاستعادة دولة الجنوب، كما أبرز ـ بما لايدع مجالاً للشك ـ مدى الدور الذي تلعبه هؤلاء الثائرات في ساحة الاعتصام من إسهام ثوري فاعل في شتى المجالات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى