قدموا لعدن الحب والوفاء

> أحمد ناصر حميدان

>
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
عُرفت عدن منذ القدم بطابعها العمراني المتناسق وشوارعها المخططة بعناية فائقة وجمال الترتيب حيث كانت تخلوا من العشوائيات بغير ما نذر وعلى ضواحيها وتمتاز كل أحيائها ومناطقها السكنية بمرافقها الخدمية من الأسواق والمتنفسات والحدائق التي كنا نطلق عليها (بجيشة).
منذ أن أدركت أنني مواطن خلقت وسقط راسي في هذه المدينة الرائعة وبدأت اخطوا خطواتي الأولى على شوارعها وحواريها ونمت مداركي وتصلب جسدي وصرت قادرا على أداء دوري كفرد في هذا المجتمع اخدم الأسرة في شراء متطلباتها اليومية كانت ترسلني أمي لجلب احتياجاتنا اليومية من خضار واسماك ولحوم من سوق حي المعلى الذي يضم أسواق مخصصة لبيع اللحوم والأسماك والخضار منفردة في مجمع كنا نطلق علية سوق البلدية وهكذا بكل ألاحيا السكنية في عدن المعروفة يوجد سوق مخصص لبيع تلك الاحتياجات أسوق منظمة وفق أسس صحية وبيئية لازالت تعمل ليومنا هذا لم نعرف في عدن بيع الخضار او الأسماك او اللحوم خارج نطاق تلك الأسواق بل كانت بعض المناطق تحتوي أيضا أسواقها لقسم خاص لبيع مواد البناء والصرف الصحي وامتازت عدن أيضا بتخصيص مناطق صناعية للورش كنجارة والحدادة و الألمنيوم بعيدة عن التجمعات السكنية لما تسببه من ضجيج ومخلفات تؤثر على البيئة وإقلاق السكينة العامة .
وعندما نقارن ذلك الزمن المنظم الذي استمر لوقت قريب أي قبل الوحدة اليمنية تجد أن هذا النظام صار تاريخ نتغنى فيه والكثير من هذه الأسواق أهملت رغم تأهيل بعضها لاحقا صارت خاوية من الباعة وخراب تسكنها الحيوانات والقوارض والباعة يفترشون الطرقات والساحات العامة خارج السوق في مفارش خشبية تفتقد للمواصفات والسلامة الصحية والبيئية ومنها سوق المنصورة وكريتر والمعلى والتواهي وبعض أسواق الشيخ عثمان ودار سعد والباعة يفترشون المساحات العامة خارج السوق وحولهم القاذورات ومخلفاتهم بل في المنصورة سوق الخضار بمحاذاة القمامة فحولوا شوارع عدن إلى أكوام من مخلفات الخضار والأسماك والسوق المرفق لحي عبد العزيز تم الاستغناء عنه وتحول إلى مساكن والأحياء الجديدة تفتقد لمثل هكذا أسواق .
هذا الإهمال المتعمد الذي صنعه الفساد المستشري والهادف لتدمير تاريخ وحضارة عدن وسلب مدنيتها وجمالها وسماتها التي عرفت بها منذ القدم هذه المدنية الراقية التي عرفت النظام وامتازت بالرقي والمدنية كانوا زوارها من العرب يتمنون أن تكون مدنهم تشبهها وخاصة دول الخليج التي كانت تعيش التخلف والعشوائية بل بعضهم استفاد من عدن واقتدى بها كنظام وتخطيط واستعانا بكوادرها فيما وصلوا إليه .
اليوم عدن تعيش فوضى عارمة من العشوائيات التي توسعت في السنوات الأخيرة من سطوا الأراضي وإهمال ملحوظ ومتعمد لأسواقها وتحويل شوارعها لمفارش البيع للخضار والأسماك واللحوم في ظاهرة خطيرة تهدد الصحة العامة والبيئة وتراكم القمامة والروائح النتنة بنتانة فساد مجالسها المحلية واستبدال الوعي والثقافة المجتمعية الراسية على احترام النظام والقانون وحقوق المارة والساكنين الصحية والبيئية والحفاظ على الجمال العام ورونق المدينة ورقيها إلى خلق ثقافة الفوضى والتشويه والتدمير وخرق النظم والقوانين أي الفوضى بكل معانيها لا تستطيع كفرد ان تسير مع أسرتك وأولادك في بعض تلك الشوارع المكتظة بالباعة ومخلفاتهم نفاياتهم المرمية على أرضية الشارع لا حسيب ولا رقيب مهتمين بجمع واستخلاص مبالغ مالية دون وجه حق على حساب جمال ورونق مدينتنا عدن.
أسف أن تقبح عدن وتشوه شوارعها وتتحول بعضها إلى مكب للقمامات ومخلفات الأسماك والخضار والسير فيها مجازفة وتلوث بيئي وصحي يشكل خطرا على مواطنيها وسكانها.
هل تصحوا الضمائر ونراجع أنفسنا ونتحمل مسئوليتنا الوطنية اتجاه مدينتنا عدن التاريخ والحضارة والرقي لتستعيد مجدها ورونقها وجمالها الذي أدهش الكثيرين من زوارها في ما مضى وزائرها اليوم يتحسر ويتألم على ما ألت أليه أوضاع عدن ومنظرها العام الذي يعكس الثقافة والسلوك العام لأبنائها والقائمين عليها عسى ان يكون لطرحي هذا صدى في أروقة ومكاتب البلديات والمديريات والمحافظة أن بقى فيهم ذرة حب وعشق و وفاء لعدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى