من وحي عيد الاستقلال الوطني المجيد

> يحيى عبدالله قحطان

>
يحيى عبدالله قحطان
يحيى عبدالله قحطان
“من المؤمنين رجالُ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”.
إن الاستعمار البريطاني لم ينتصر وإنما انتصر شعبنا الجنوبي العظيم. انتصر بمجاهديه الأبطال ومناضليه الأحرار وشهدائه الابرار، انتصر بثورته الخالدة ثورة 14 أكتوبر المجيدة انتصر بالمقاومة الوطنية، والانتفاضات الشعبية والحركات الوطنية التي انطلقت من كل مناطق الجنوب منذ الاحتلال المشؤوم عام 1839م، وتوجت تلك المقاومة الوطنية بكل أطيافها السياسية بقيام ثورة 14 أكتوبر الخالدة والتي انطلقت من قمم جبال ردفان الشماء عام 63م.
حيث قدم شعبنا بثورته الشعبية تضحيات جسام وقوافل من الشهداء الكرام حتى تحقق الاستقلال الوطني الناجز وغير المشروط في 30 نوفمبر عام 67م “وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم، وما النصر إلا من عند الله، إن الله عزيز حكيم”.
وفي هذه المناسبة الوطنية ذكرى الاستقلال الوطني المجيد يجدر بنا أن نحيي بإجلال واكبار مناضلينا الأحرار وشهداءنا الأبرار أولئك الغر الميامين الذين ضحوا بأرواحهم الغاليه ودماءهم الطاهرة من أجل حرية وكرامة شعبنا الجنوبي واستقلاله، إنهم أولئك الأماجد الذين كانوا يغلبون المصالح العليا للوطن على المصالح الذاتية والفئوية والمناطقية وكانوا يستعذبون النضال الشاق والمتواصل والجوع والعنت والسهر والمشقة ويتجشمون عناء الصعود من جبل إلى جبل ومن منطقة إلى منطقة ومن معركة إلى معركة ويضحون بأرواحهم ودمائهم ليهبوا لأمتهم عذب الحياة الحرة الكريمة والعادلة.
ذلك أن أولئك الفدائيين المناضلين كانوا يمثلون نموذجا مثاليا فريدا لتحليهم بالقيم الإيمانية وبالتضحية والفداء والبذل والعطاء والتجرد عن الذات والمصالح الضيقة وذلكم هو سر الانتصار “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون”.
وفي هذا الصدد ونحن نحتفل بالعيد الـ47 للاستقلال الوطني، كم هو عظيم أن نرى جماهيرنا وقد انطلقت من كل المحافظات الجنوبية في 14 أكتوبر من الشهر المنصرم لتدشن مسيراتها المليونية السلمية والاعتصامات الحضارية المفتوحة في ساحة الشرف والحرية والكرامة في خورمكسر والمكلا والنضال المتواصل عبر الحراك الثوري الجنوبي السلمي لاستعادة شعب الجنوب حريته المفقودة وحقوقه المغتصبة، وفي هذا الجانب فإننا نؤكد أن من أهم عوامل انتصار القضية الجنوبية واستعادة شعب الجنوب حريته واستقلاله والتعاطي الجاد مع حقه الشرعي في تقرير المصير، كل ذلك يتطلب من جميع المكونات والتكتلات الجنوبية وجميع القوى السياسية والاجتماعية أن ترتقي إلى مستوى المسؤولية التاريخية وتجاوز الوضع السياسي المتأزم والمأساوي الذي حل بجنوبنا الحبيب بسبب سياسات قياداتنا الفاشلة المتعاقبة في حكم الجنوب منذ 67م وعام 90م وبعد حرب 94 الظالمة وحتى يومنا هذا.
وللعلم فإن شعب الجنوب ومنذ 176 عاما تقريبا لم يستعد عافيته وحريته الكاملة ولم يعط له الحق الشرعي في تقرير مصيره، حيث عاش 129 عاما تحت الاستعمار البريطاني و23 عاما تحت النظام الاشتراكي و24 عاما تحت النظام الوحدوي خاصة بعد حرب 94 المشؤومة والمعمدة بفتوى تكفير شعب الجنوب المسلم واستباحة دمائنا وأموالنا وأعراضنا.
كما يجب على الجميع التجرد عن الذات والترفع عن المصالح الفئوية والحزبية والمناطقية الضيقة والتجرد من النزعة الانتقامية والثأرية والإقصائية والتخوينية والتكفيرية والتحرر من لوبي الطابور الخامس وقانون النفي ونفي النفي ونفي نفي النفي الذي فرض علينا بعد الاستقلال الوطني حتى تم نفينا جميعا غالبا ومغلوبا ومنتصرا ومهزوما، وأصبحنا بعد ذلك نعض على أصابعنا ندما على ما فرطنا في حق شعبنا الجنوبي ورفاقنا ومناضلينا، ولكن في حين لا ينفع الندم.
وعليه يجب أخذ العظة والعبرة من ماضينا التعيس، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، مذكرين أن الانتصار للقضية الجنوبية العادلة لن يتحقق إلا بتسويرها بالتوحد والوفاق والمحبة والوئام والتضامن والسلام وتحويل التصالح والتسامح الذي أطلقه الحراك الجنوبي السلمي في 7 /7 /2007م إلى واقع معاش وتحصين أنفسنا بالإسلام دين الوسطية والاعتدال والسماحة والأمان، فالإسلام هو الحصن الحصين والركن الركين وصمام الأمان لحاضرنا ومستقبلنا ومعاشنا ومعادنا، والعمل سريعا بعقد مؤتمر جنوبي جامع والاتفاق على كلمة سواء وأمر توافقي يقوم على القواسم المشتركة والمواطنه المتساوية وحل القضية الجنوبية حلا عادلا بما يرضي شعب الجنوب عبر حقه الشرعي في تقرير المصير من خلال استفتاء شعبي شفاف وبإشراف دولي.
وهذا الحق كفلته الشرائع السماوية والقرارات الدولية مع تأكيدنا على قبول الآخر وإن كان رأيه يختلف عن أهدافنا، فمن مجانبة الصواب أن يعتقد هذا التكتل أو ذاك أنه يمتلك الحقيقة المطلقة وغيره على ضلال، مع التأكيد على ترسيخ وشائج القربى والأخوة الإيمانية والمصالح المشتركة مع إخواننا الشماليين “إنما المؤمنون أخوة”.
وفي هذا الصدد نؤكد على جميع الجنوبيين الالتزام بالتوحد والوفاق الوطني. فالجماعة رحمة والفرقة عذاب ويد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ويا سارية الجبل الجبل، ومن استرعى الذئب فقد ظلم، التوحد التوحد يا من تمثلون شرف وكرامة أمتكم، الصمود الصمود يا طليعة الجنوبيين وربان القضية الجنوبية العادلة، وبارك الله في مسيراتكم المليونية واعتصاماتكم السلمية، والله معكم، وعليكم بالمصابرة والمرابطة، خاصة وأنتم تعيشون في ظل هذه الأجواء الاحتفائية والاعتصامات المفتوحة في ساحات عدن الحبيبة والوادعة والمسالمة، عدن المدنية والحضارية، حيث يتمتع المعتصمون بحضنها الدافئ ورحابها الحاني ويتدثر الجميع بردائها التحرري والمدني، حمى الله عدن المسالمة وأهلها الطيبين من كل سوء، ومن مكر الماكرين وكيد الكائدين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وجنب الله شعبنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن.
ختاما تغمد الله شهداءنا الأبرار بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى