المرأة التي لا تموت

> مها صبري عبدالباري

> أظن أنه انتهى بي المطاف إلى هنا، عشت ما يكفي وسمعت ما يكفي ورأيت ما يكفي ونفذت ما يكفي من أوامر وطلبات، جاء الوقت لأرتاح بما يكفي، كنت أظن أن وقت راحتي بيدي، وقت الابتعاد عن واقع منسوج بخيوط الوهم وعن حياة لا تكتفي من ملذاتها وعن عقل أدمن التفكير بالآخرين وعن قلب صار مجنونا بفراق الأحبة وعن جسد فقد روحه، ولكنه يحيا بأرواح الآخرين، يحيا بروح تجد نفسها في عالم حر بعيدا عن واقع الخيال.
كنت أظن أن كل شيء انتهى بين لحظة وأخرى، هذا كان اختياري، وهذا ما كنت أتمناه وما كنت أظن أنه سيريحني، قبل أن تنقطع أنفاسي الأخيرة تمنيت أن يعود بي الزمن إلى الوراء، تمنيت أن يرجعني إلى ماضيّ، لم أعد أريد المستقبل، كل ما أريده هو ما حدث معي في الماضي ولم أستطع أن أصلحه أو أتعايش معه، ليس خوفا مني أوغرورا لكن رهاب الواقع جعلني أكتم أمنياتي التي كنت أريدها، فقد تمنيت أن يعود بي الزمن إلى الوراء لأوقف من ذهب ولأحمي ما ضاع من بين يدي، ولا أعلم بأنه رحل، لم ينتظرني ليأخذني معه، لا ألومه على رحيله، لم يكن اختياره ولا اختياري، فقد ذهب من دون أن يودعني، ألوم نفسي لأنني لم أستغل الفرصة المناسبة، ألوم نفسي لأنني لم أستغل كل لحظة لقضائها معه، أتمنى أن يعود بي الزمن لأراه مرة أخرى لأفهم لماذا لم يأخذني معه، أكان أنانية منه أم كان لسبب معين.
لم أفهم أي شيء، ثم انقطعت أنفاسي الأخيرة، لم يتحقق ما أريده انتقلت إلى عالم آخر، كنت أتلهف لرؤيته لم أره انتظرت أن يأتي إلي ولكنه لم يأت، إلى متى سأظل أنتظر. لا أعرف شكله عندما كبر ولا أعرف أين أبحث عنه، فما علي إلا أن أنتظر قدومه، يمر الوقت وهو لم يأت.
فجأة استيقظت.. كل ذلك كان حلما، تمنيت أن يكون حقيقة لأظل أنتظر قدومه، لعله يعلم مكاني، لكن الحقيقة أنه ذهب ولم يعد وإلى آخر أنفاسي سأظل أنتظره. كل ذلك لم يكن حلما بل كان وهما في حلمي، أظن أنه يجب علي أن أكون من ذلك مثل جدار تم عزله لحمايته من الصدمات مهما حدث ومهما سوف يحدث يجب أن أنسى وأن أكون أولا قوية بما يكفي لكي أنسى أو لكي أتعايش مع الوضع، لكن لم أستطع أن أنساه فهو حياتي، لكن رغم ذلك تعايشت مع الحياة ولم أمت، فقد عشت بدونه وهذا دليل على قوتي.
**مها صبري عبدالباري - عدن**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى