تعز.. وخيارات الاستقلال

>
وضاح اليمن عبدالقادر
وضاح اليمن عبدالقادر

بعد كثير من الانتكاسات التي مرت بها ثورة الحادي عشر من فبراير التي مثلت تعز قلبها النابض، أعادت الأحداث والمنعطفات التي مرت بها الثورة صياغة الوعي الجمعي لدى الناس والشارع بشكل عام بمتطلبات المرحلة وجزئياتها الدقيقة التي لا بد من الأخذ بها والتعاطي معها بعيدا عن التأويلات والتفسيرات التي شكلت يوما من الأيام حاجزا كبيرا لدى الشارع ومثلت انتكاسة حقيقية لجوهر الموضوع في ظل مجتمع يتعاطى شكليا مع مجمل الأحداث اليومية دون التعاطي معها على المدى البعيد بما يخدم توجهاته وطموحاته وأهدافه.
ظل النظام يلعب كثيرا على الدور الوطني لأبناء تعز ودورهم الريادي في الحركة الوطنية التحررية شمالا وجنوبا ودورهم الأساسي والفاعل في الخارطة الوطنية لكن دون التعامل معهم كقوة حقيقية لها حقوقها وواجباتها، ومارس عليهم في اللا وعي دور التغييب الحقيقي عن مركز صناعة القرار السياسي.
ومع بداية ثورة الحادي عشر من فبراير مطلع العام 2011 حين بدأ بعض الشباب الواعي التعامل مع مجمل الأحداث ومتغيراتها وفق دراسة تاريخية واعية للدور القذر الذي لعبه نظام صنعاء في مختلف مراحل التاريخ اليمني في القرن العشرين وحتى اللحظة كان المجتمع يتعامل مع حالة الوعي تلك بنوع من التغريب والتقزيم للمشروع التعزي من باب أنه لا بد أن يمثل الحالة الجمعية للوعي الوطني، لكن اليوم ومع هذا الوضع الدراماتيكي بدأ المشهد يتضح جليا من خلال تفرد المشهد السياسي بلاعبين حقيقيين ما بين أصحاب الحق القبلي وأصحاب الحق الإلهي، وهي معادلة متداولة ومتبادلة وفقا للمرحلة والظروف ومحصورة بين أصحاب الشمال وشمال الشمال.
الحراك الثوري وحالة الرفض في الشارع التعزي وكل القوى الثورية فيها بعد استقالة عبدربه من منصبه كرئيس جمهورية واستقالة حكومة بحاج التي بدأت تظهر جليا من خلال الشعارات التي ترفع المطالبة بالاستقلال عن نظام صنعاء وانصهار خياراتهم مع خيارات إخوانهم في الجنوب بحثا عن مشروع الدولة المدنية ودولة يكون فيها القانون والمواطنة المتساوية هما الركيزة الحقيقية لمشروع دولة قادمة وهي الحالة التي يجب على إخواننا الجنوبيين التعاطي الإيجابي معها بمختلف الأصعدة ومن منطق التعامل مع حقائق مطلقة وتاريخية حتى لا يجد الجميع نفسه مجبرا ومضطرا للتعامل مع الأمر الواقع الذي يفرضه منطق القوة والرصاصة والدبابة القادم من الشمال، وهو ما سيزيد الطين بلة للدخول في مزيد من دوامات الصراع التي ستأكل الأخضر واليابس.
ارتفاع سقف تعز وخياراتها المطالبة بالاستقلال اليوم هو المؤشر الحقيقي لانحياز الناس لمشروع الدولة المدنية كونها تمثل المخزون البشري للثورات التحررية من جانب ومن جانب آخر المخزون البشري لثورة البناء والتنمية، وهذه الخيارات حق إنساني وقانوني لا يستطيع أحد أن يصادره أو يستهجنه من أجل الخروج من هذه الدوامة التي لن نخرج منها طالما بقيت مراكز القوى التقليدية والقبلية والدينية العسكقبلية هي اللاعب الوحيد في المشهد اليمني للبقاء في دائرة الاستبداد، وستظل هي المركز الذي يأبى إلا أن نكون له الهامش الذي يدور حوله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى