الأدباء ومقارعة الاستبداد

>
مبارك سالمين
مبارك سالمين

لقد كان الأدباء والكتاب عبر التاريخ الحديث والمعاصر لهذه البلاد هم حملة مشعل الحرية من حكمة الوريث في 1938 حتى اللحظات الراهنة التي يتشظى فيها هذا الوطن.
وكانوا على الدوام في الطليعة في مجال مقارعة الاستبداد، لقد كانوا أهل مبادرة ومفارقة وإقدام، وعندما كانت االيمن دولتين حمل الكتاب والأدباء لواء الوحدة وواجهوا عنت السلطتين من أجل تحقيقها إيمانا منهم بخيرها للشعب، وأسسوا اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كأول منظمة مجتمع مدني موحدة في البلاد قبل وحدة الدولتين بعقدين تقريبا، كمنظمة ترعى الثقافة الوطنية وتسعى لتطويرها في يمن حر وديمقراطي، وعمل اتحاد الأدباء والكتاب بكل ما أوتي من قوة على تعزيز روح الوحدة الوطنية، واعتبر قضية الوحدة في الصدارة من نضالاته.
على الرغم من أن الوحدة التي تحققت بين الدولتين في 22 مايو 1990 لم تكن موجودة من قبل إلا في ضمير ووجدان الشعب وطليعته المثقفة، ولم تتحقق إلا بإرادة الناس وتضحياتهم في الشمال والجنوب، وقد فرح بها الشعب وهلل واعتبر الأدباء والكتاب أن مجدا عظيما تحقق للشعب كانوا هم قادته وحداته في المسيرة المتوجة بالوحدة، غير أن هذه الوحدة التي كانت تاجا على رأس النضال الوطني، ما فتئت أن تحولت من وحدة شعب ينشد الحرية والديمقراطية والتنمية والتقدم إلى دولة قروسطية عائلية تقودها في أحسن الأحوال عصابة تلغي الجميع جنوبا وشمالا، وتهمش نضالاتهم وتنهب ثروتهم وتمارس عليهم كل صنوف القهر والإقصاء، لقد آلت الوحدة الحلم المنشود إلى استبداد وقمع باسمها، وكان الجنوب الأكثر خسارة في هذه المآلات، لأنه قدم قربانا للوحدة مساحة وثروة هي ضعف مساحة الشمال وثروته تقريبا، وتواضع في أن تكون عاصمته مدينة ثانية أو ثالثة، واندمج في وحدة أفقدته منظومته القانونية وتشريعاته المشهود لها عربيا ودوليا بحداثة بنيتها على الصعيدين النظري والممارسي.
لا يتسع المجال هنا لذكر خسائر الجنوب بسبب هذه المآلات التي يمكن تلخيصها بأن الوحدة كانت لا تختلف عن إعادة إنتاج النظام القبلي العسكري العائلي في أسوأ حالاته، الوضع الذي أضر الجنوب وضاعف الظلم السابق على الشمال، وخلق حالة من التنافر والكراهية بين أبناء الشعب، ولم تعد الوحدة والتسامح الإنساني إلا مظلة للاستبداد والظلم. بعد هذا كله هل يقف الأدباء والكتاب مع الظلم والاستبداد والكراهية؟ لا أظن ذلك، فالأدباء مجبولون على الحرية والكرامة، ولا شيء يضاهي الحرية والكرامة الإنسانية مطلقا.
* رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين (نقلا عن مجلة دبي الثقافية)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى