فبراير بثلاث نسخ !

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول

يقال إنك لا تحتاج لمزيد من الحبال لتوثق فيلا ضخما بعد أن تكون قد أوثقته في البدء ودأب بمحاولات عدة على التخلص من قيوده، الحال الذي يجعله في نهاية الأمر يرضخ لوضعه، عندئذ يمكنك أن تشد وثاقه إلى حبل واهن لكنه بعد أن فقد الأمل لم يعد يبدي جهدا يذكر للخلاص عندها يمكنك أن تأمن لوضعه وخنوعه رغم ضخامة جسمه وقوته.
حال ربما يذكرنا بما بلغته شعوبنا العربية التي تمتلك بلدانها الكثير من القوة، لكنها وفق الكثيرين فقدت ثقتها بنفسها وأدمنت الاستعباد، الأمر الذي يجعلها تبدو خاضعة خائفة رغم ما يحيط بواقعها الاجتماعي من استلاب وقهر وتهميش واستغفال.
اليمن وفق الكثير من المحللين بلد عصية على الفهم بحكم المستجدات العاصفة على ربوعها.. إلى درجة أنها تصبح على وضع وتمسي على حال مختلف.. ثورة فبراير عنوان عريض تستخدمه كافة القوى المتصارعة على السلطة بما فيها التي قامت ثورة فبراير للإطاحة بها.. حالة اختطاف مستمرة لفبراير.. فهل تلج اليمن عصر التغيير والدولة المدنية الحديثة من زاوية هذه الأطياف المتصارعة على السلطة؟.. وهل يغيب وهج الثورة وأمل التغيير في هذا الجزء من العالم خلف ضبابية هذه الأوضاع التي تمور بالكثير من التناقضات؟.
اليمن في ردهة الصراعات الدولية والإقليمية التي لاتبدو قراءتها واقعية للمشهد اليمني، الحال الذي منح كافة الأطراف الأمل بتحقيق حلمها في الانقضاض على السلطة وترتيب الوضع الذي يتوافق مع أجندتها وأولوياتها السياسية.
المجتمعان الدولي والإقليمي في هذه الأثناء لايمتلكان رؤية محددة للخروج بالوضع إلى بر الأمان، بل هما معنيان بحماية مصالحهما وتأمين الممرات المائية التي تسابقت أساطيل الأطراف الدولية والإقليمية إلى ميائها الدافئة.. الأمر الذي ينذر بتداعيات شديدة على مختلف الصعد الحياتية.
فبراير.. لايزال عنوانا للكثير من القوى وحالة الاحتشاد من قبل كافة الأطياف ماضية في سبيلها، فأي فبراير يمكنه أن يمضي في تجسيد نهجه على الأرض. وما هي نسخته الأخيرة؟ وأي فبراير قد وئدت ثورته وأحلامه، كل الأكف تصفق لفبراير ولكن كلا على طريقته ووفق معاييره.
إنها صهوة فبراير التي لم تجد كافة الأطراف المتصارعة سبيلاً إلا عبر رفع رايتها.. فأين هي إرادة الشعب من كل فبراير الذي تهزج الساحات برفع عنوان ثورته.
هل فبراير المقترن بالزحف العسكري وتثبيت سياسة الأمر الواقع على الأرض.. الذي يبدو أن كافة الأطراف الخارجية تنتظر محطاته الأخيرة باعتباره الغاية المثلى التي تضمن مصالحها في هذا الجزء من العالم الذي تأتي أهميته من زاوية الممرات المائية الهامة وعائد الثروات التي تمتلك الشركات الغربية عموماً قصب السبق في استثمارها.. مستغلة مثل هذه الأوضاع التي تتيح لها تحقيق الربحية الصافية وبأدنى الأسعار.
كل الأعين وكافة اللاعبين تشكل حضورهم على صفحة مياه بحرنا العتيد ببارجاتهم الحربية وسارية أعلام بلدانهم، وعلى مقربة من جغرافية المياه الزرقاء يرتسم الحزن والأسى والفاقة والعوز والقهر وغياب الأمل على محيا المقهورين من اليمن شمالها وجنوبها، في مرمى قدرية العبث لزمن قد يطول، والمهم أن ينساب عبر شرايين ملايينه وممرات مياهه وقود التدفئة إلى العالم.
إنه الجزء المنسي الفقير البائس في محيطه الغني، فليس في أفق المتصارعين على إحكام القبضة على حكمه وتدجينه ما يوحي بتغليب الحكمة، لأنها كانت من مآثرنا الغابرة، أو قد تناسى عرقه الذهب، وفق شاعرنا الضرير عبدالله البردوني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى