اليمن في اتجاه المجهول !

>
محمد العزعزي
محمد العزعزي

عندما تراخت الدول الراعية للمبادرة الخليجية عن دعم اليمن ولم تفِ بالوعود التي التزمت بها تجاه هذا البلد الأشد فقرا في العالم استطاعت مليشيات الحوثي السيطرة بكل سهولة على العاصمة، وبعض المحافظات، ومخازن الأسلحة والوزارات، وفرض الإقامة الجبرية على بعض الوزراء الذين ليس لهم متكأ قبلي.
وتوالت الأحداث العاصفة والضغوط القوية التي مارسها الحوثي على الرئيس الشرعي هادي، ما أدى إلى استقالته واحتلال القصر الجمهوري رمز السيادة، وبانهيار الجيش تعززت القناعات أن هذا البلد فاشل بامتياز بإعلان الانقلاب الحوثي كامل الأركان على الشرعية الدستورية.
الغريب والعجيب أن أمريكا تغض الطرف عن العصابات متناسية أن الشعوب هي الباقية وإن العملاء المصنعين ضررهم أكثر من نفعهم.
فالوضع مخيف والغرق قادم لهذا البلد الفقير الأكثر سكانا في الجزيرة العربية فيما مبعوث الأمم المتحدة لم ينجح في مهمته للخروج بتسوية شاملة بين الفرقاء السياسيين فهل تمضي اليمن إلى المجهول أم مازال في الوقت متسع لردم الصدع وجبر الكسر؟.
وانعكس ذلك على الشعب اليمني الذي يشعر بالإحباط جراء الأحداث الأخيرة وعرقلة الوصول لبناء دولة اتحادية فيدرالية مع استمرار خطر الدولة الرخوة القابلة للتفكك والانهيار سيؤثر على دول الجوار ومستقبل المنطقة.
أما على المدى القصير ليس بالإمكان إحراز أي تقدم حقيقي في اليمن ما لم تبدأ الأقاليم بفك الارتباط الأحادي عن صنعاء حتى وإن رفضت الأقلية الزيدية هذا الخيار للخروج من ويلات الماضي، وليس خافيا إن استمرار الرفض الشعبي للمليشيات المسلحة يجعل وضعها القانوني صعبا، ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة وضعا دبلوماسيا واقتصاديا مربكا لليمن، حيث بدأت بوادر الرفض الخليجي تلوح في الأفق بصدور بيان إدانة مجلس التعاون لهذا الانقلاب، ووصف جماعة الحوثي بالمنظمة الإرهابية، فكان رد عبدالملك الحوثي الأخير أن الخليج معاد لجماعته، واصفا أمريكا بالدولة المعادية، ولم تكن مصر بعيدة عن الأحداث التي بدأت تلوح بالتدخل العسكري لحماية باب المندب، ومن هنا فإن مؤشرات الانفراج السياسي مسدودة أمام الحوثي، وهذا يحمل إيران تبعات اقتصادية جراء التدخل الخشن غير المعلن تجاه اليمن واليمنيين، ما سيؤدي إلى المزيد من التوتر في الإقليم، وهنا لن تكون دول الجوار في مأمن إذا انفرط العقد اليمني، وستجد نفسها في معترك الصراع المؤجل حتى هذه اللحظة على أقل تقدير بانسداد الأفق السياسي الخارجي للحوثي ورفض الإعلان الدستوري.
ومن خلال معطيات الواقع فإن عوامل قوة الحوثي تبدو هشة إذا مارست الدول ضغطها على الانقلابين، وستتحول نقاط القوة إلى ضعف مع استمرار الرفض الشعبي لسياسة القمع، واستخدام السلاح ضد المتظاهرين السلميين في معظم المحافظات اليمنية، فهل تكون لهم كلمة القول الفصل في هذا المشهد؟.
وتبقى تعز شوكة الميزان، وبالمزيد من حشد الشارع يوميا ضد الجماعة الانقلابية فإن صوت شباب الثورة يرتفع عاليا، ولهم قدرة في مسك زمام المبادرة لثورة متصاعدة والتأثير الجيد باستمرارية الرفض والقدرة على تصويب خطأ السياسيين بالمزيد من تأجيج الشارع الذي يرجح الكفة وتوجيه سهم لمن يرفض المطالب العامة للشباب والشعب الذي يقف خلفهم.
وخلاصة القول إن جماعة المصالح وقوى التخلف التقليدية من عسكر ومشايخ وأرباب غسيل الأموال الخارجة عن القانون والمدنية منذ عقود لم تغير من سلوكها العدائي لكل جميل، وهذا الحلف احتل الجنوب وقتل الشعب باسم الوحدة الصنمية، وما زالت تلك القوى بعقلية الماضي المرتكز على الفيد والتحالفات المشبوهة التي تعقدها فيما بينها لتستمر المهزلة، وآن الأوان أن يقول هذا الشعب بصوت واحد “كفاية نهب وقتل وتخلف”!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى