ليلة يافعية في جدة

> حاولت كثيرا أن أكتب وأسجل إعجابي بظاهرة يافعية رائعة وجميلة أجدها تكبر أمامي كل يوم تتمثل في التلاحم والتآخي والارتقاء ببعضهم بعضا في مظهر حضاري جميل يذكرنا بتلك القصص الجميلة عن اؤلئك النبلاء من أبناء حضرموت في سالف الأزمان القديمة، عندما كانوا في غربتهم على قلب رجل واحد، وكانوا مثالا رائعا في إعانة بعضهم بعضا، وكانت هذه الصفة الحميدة من ضمن أسباب عديدة جعلت الكثير من أبناء حضرموت يرتقون كثيرا في سائر شؤون حياتهم.
لكن مع الأيام اضمحلت هذه الصفة الحميدة بل تلاشت أو تكاد، ولم يبق لها أثر إلا لدى أفراد قليلين على المستوى الأسري لا غير، وليس على المستوى الجمعي العام، بل وتحولت روح التكاتف بين أبناء حضرموت في حالات كثيرة، وصارت ظاهرة بأن يقدح كل في أخيه ويحاول إقصاءه والتشكيك فيه إن علم أن هناك خيرا ما قادما إليه للأسف الشديد.
وإذا أردت الحديث كما يدور في مخيلتي عن الظاهرة اليافعية فربما لن أوفيها حقها، ولهذا أجلت الموضوع مرارا لعلي أجد الوقت المناسب الذي يؤهلني لإعطاء الموضوع حقه.. لكنني في هذه الليلة التي تشرفت بتلبية دعوة كريمة من أخ كريم من أبناء منطقة شعب العرمي بمنطقة (يهر يافع) لحضور حفل تكريم المبرزين علميا واجتماعيا من أبناء تلك المنطقة في ليلة احتفالية بهيجة شارك فيها جمع غفير من تلك البلاد اليافعية غصت بهم قاعة الحفل في مدينة جدة، فحضر المكرّمون القادمون من البلاد، وفي مقدمتهم أحد الحاصلين على شهادة دكتوراه من جامعة عدن والإعلامي المتميز ياسر اليافعي، وعدد آخر ممن على أيديهم تتعلم الأجيال في مدارس (منطقة شعب العرمي وما جاورها).
يا له من حب ووفاء وتكريم قدمه أولئك الرجال المغتربون من أبناء تلك المنطقة اليافعية ممن فتح الله عليهم في مهجرهم فلم ينسوا منطقتهم وأهلهم، بل آلوا على أنفسهم أن يكونوا مبادرين في خدمة أهلهم، وكان تركيزهم على الإنسان بدرجة أساسية، فمتى ما تم الاستثمار فيه تعليميا وصحيا وسلوكيا سيكون من اللبنات الصالحة التي يعم نفعها على الفرد ذاته بدرجة أساسية ثم أسرته الصغيرة ومجتمعه ووطنه الأكبر.
نعم إنها رسالة راقية، قدمها أهل تلك المنطقة لبقية المجتمعات على طول الساحة الجنوبية وعرضها، ليقتدوا بهم في فعل الخير، مستلهمين قول الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلامه “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”.
والأجمل في هذه الجهود الطيبة كما أخبرني أحد الأخوة أنها تسير ضمن عمل مؤسسي منظم من خلال جمعيات ومؤسسات فاعلة في المجتمع تنال ثقة الداعم والمستفيد، وما المادة الإعلامية التعريفية التي عرضت في الحفل ما هي إلا دليل على البدايات الواثقة التي تسير في الطريق الصحيح، إن شاء الله.
أجمل ما في الحفل تلك الروح الوثابة وصور التآخي والتلاقي التي تعلو محيا الحاضرين مع اختلاف توجهاتهم وأفكارهم ونمط نشاطاتهم العملية والتجارية، والتي تدل فيما تدل على روح الفريق الواحد والأسرة الواحدة، وهذا قد لا تجده إلا في يافع الإباء والشيم، فنجاح الفرد عندهم هو نجاح للمجموعة كلها للبلد بأكملها، لأنهم يعلمون يقينا أن ما حققه الفرد أو سيحققه من نجاح سيعود بالنفع على الجميع، والواقع يشهد على ذلك، فلله درهم من رجال!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى