السيّاب.. مبتكر الشعر الحر

> وضاح سعيد المحامي

> في الرابع والعشرين من ديسمبر من عام 1964م رحل عن عالمنا الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السيّاب، رائد حركة التجديد الشعري، وأبرز المبدعين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، رحل السيّاب بعد صراع مع المرض الذي أنهك جسده حتى قضى عليه، وكانت وفاته في أحد مستشفيات الكويت، ثم نُقل جثمانه ليوارى في العراق، ولم يشيع جنازته إلا عدد قليل من الأصدقاء.
ولد بدر شاكر السيّاب في قرية (جيكور) في محافظة البصرة سنة 1926م، وتلقى تعليمه هناك، وبعدها انتقل إلى العاصمة بغداد ليتخرج من دار المعلمين، ليعين مدرساً للغة الإنجليزية في ثانوية الرمادي، وخلال حياته القصيرة ( 38 عاما) عرف السيّاب مرارة اليتم، وتقلبات السياسة، وخيبات الحب المتكررة، وعانى من سوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية التي أثرت على صحته.
ولعل فاجعة موت والدته وهو طفل، كانت السبب في إضفاء طابع الشجن على معظم شعره.
يقول السياب في إحدى قصائده:
“أماه ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار
لا باب فيه أدق ولا نوافذ في الجدار
كيف انطلقتِ على طريق لا يعود السائرون
من ظلمته صفراء فيه كأنها غسق البحار
كيف انطلقتِ بلا وداع فالصغار يولولون
يتراكضون على الطريق ويفزعون فيرجعون
ويسائلون الليل عنكِ وهم لعودكِ في انتظار”.
وكان السيّاب قد انظم في شبابه إلى الحزب الشيوعي ثم انصرف إلى المسار القومي، وتبنى أفكاراً لا تتناسب مع ما تراه الأنظمة الحاكمة آنذاك، فطُورد وسُجن وفُصل من العمل أكثر من مرة.
وفي الجانب العاطفي من حياته كان عاشقاً رديء الحظ إذ أحب عدداً من النساء لكنه لم يصل معهن إلى نهايات سعيدة (كانت إحداهن الشاعرة لميعة عباس عمارة).
وفي عام 1955م تزوج السيّاب من قريبته السيدة (إقبال) وأنجب منها (غيداء، وغيلان، وآلاء،) وللسياب مجموعة دواوين أهمها: (أزهار وأساطير، قيثارة الريح، منزل الإقنان، المعبد الغريق، أنشودة المطر، وشناشيل ابنة الجلبي).
وبعد موته صدرت دراسات كثيرة تناولت حياته وشعره للكُتّاب: إحسان عباس، ومحمود العبطة وخالص عزمي، وغيرهم.
وتقديراً لشخصه واعترافاً بمكانته أقامت له الدولة العراقية تمثالاً على شط العرب، نُقشت على قاعدته أبيات من قصيدته الرائعة “غريب على الخليج” التي يقول فيها:
“الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام
حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق
واحسرتاه متى أنام
فأحس أن على الوسادة
من ليلك الصيفي طلّاً فيه عطرك ياعراق”.
وما من مجال هُنا لاستعراض شعر السيّاب، والحديث عن سماته ومميزاته، لكنني أحببت فقط التذكير بسيرة هذا الرجل العظيم.
رحم الله أبا غيلان فقد كان بحق علماً من أعلام الثقافة العربية ومتنبي العصر الحديث كما يقول الأستاذ فاروق شوشة.
ولا أجد ما أختم به هذه السطور سوى نص قرأته في صباي للشاعر السوري محمد الماغوط عنوانه (إلى بدر شاكر السيّاب) يقول فيه (والعهدة على ذاكرتي):
“أيها التعس في حياتك وفي موتك
قبرك البطيء لن يبلغ الجنة أبداً
الجنّة للعدائين وراكبي الدراجات”.
**وضاح سعيد المحامي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى