الفنان والملحن فضل كريدي ألحانه تقاوم الحزن فينا

> شوقي عوض

> فضل محمد كريدي، فنان كبير ومن جيل العمالقة، فمن الناحية الفنية ينتمي الفنان لأسرة فنية عريقة تأصل فيها روح العشق للفن والطرب وحب الموسيقى.. فبدايته كانت عندما بدأ يتعلم العزف على آلة (العود) ويستمع إلى «الندوة الموسيقية اللحجية» ومطربيها، متأثر في ذلك بوالده محمد الكريدي العازف على آلة النفخ النحاسية في الفرقة السلطانية النحاسية وعمه عبدالله المغلس وكذا تأثر بالأغاني والمطربين المصريين أمثال محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وبما كانت تعج به الساحة الفنية من زخم إبداعي وغنائي آنذاك.
فالفنان والملحن فضل محمد الكريدي فنان ذو حساسية خاصة ومفرطة تفيض عطاءً بالإبداع والتلحين وتنصهر مشاعره وأحاسيسه المتواضعة بروح الإنسانية الفياضة لكل ما هو جميل وخلاق ومبدع وتواق يهفو إلى التغيير في عالم الحب والجمال والألحان.
فهو إلى جانب ذلك تغنى منذ أمد طويلٍ بالثورة وبالوطنِ، والعطاء الإنساني الجميل.. فهو فيض من الثراء الفني اللحني الزاخر الذي لا ينضب، إضافة إلى أنه فنان وملحن أصيل لم تدرك الناس أهميته وعبقريته في مجال التلحين ولربما ومع المدى البعيد سيعرفون من هو الفنان والملحن فضل الكريدي، وما قدم من ألحان! وذلك يتطلب الوقت الكافي والصبر الجميل منّا إلى أن يأتي ذلك اليوم وتدرك ذاكرتنا الوجدانية وأغنيتنا اليمنية الأهمية اللحنية والطربية في حياة ذلك الفنان والملحن فضل محمد الكريدي وأنغامه وإيقاعاته وموسيقاه.. والتي تجيء كالبلسم الشافي على القلوب الجريحة والحالمة في الابتسام..
فألحانه تبعث على الحياة البهجة والسعادة وتقاوم الحزن فينا، فهو كالنهر الذي يجري ليسقي السهول وحقول الإبداع الفنية والغنائية إلى جانب إنجازاته الفنية والغنائية والتلحينية الكثيرة يكون قد أثرى حياتنا والمكتبة الفنية، لما يتميز به من سلاسة ألحانه وعذوبتها التي توحي بالقدرة الإبداعية في مجال التلحين الطربي والذي يعكس معاناته في الواقع الفني والواقع المعاش.
وهذا يعني بأن أصالة الفنان والملحن فضل الكريدي تتجسد في عدة مصوغات أساسية في هذا المجال الطربي والإيقاعي والتلحيني، ومثال على ذلك هذه الأغنيات (يكفي أشوفك من بعيد)، (حسك تصدق ضحكتي)، (قد راح وقت الحظى)، (عاد فيك الخير) وغيرها.
كما تتميز ألحانه ومسيقاه بالانفعالات والأحاسيس العامة، التي نشعر بها من خلال الربط ما بين الجزئيات من الخصوصيات في التصوير النغمي والطربي واللحني وكذا من خلال النقلات الموسيقية بشكل عام.
بيد أن الأمر الذي نود أن ننوه ونلفت الانتباه اليه هو أن الموسيقى عبارة عن فن إنساني قبل كل شيء، أي أنها مرتبطة بحياة الإنسان الواقعية وبصراعه مع الحياة.. فمن خلال هذا الفهم من المحال أن نفهم موسيقى أية فترة من الفترات إلاّ إذا عرفنا عن هذه الفترة كيف كان الناس يعيشون؟ وما كانت نظرتهم للحياة والعالم والمجتمع وفي مختلف الأحوال والظروف الاجتماعية والإنسانية.
ولعل من هنا كانت وسيلة التأثير مع الألحان التي صاغها الفنان والملحن فضل محمد الكريدي، ففي ألحانه نشعر بهذه الانفعالات من الأحاسيس الوجدانية طرب وإيقاع وتلحين والتي تتوق بروح السمو الإبداعي إلى التعبير في نفوس سامعيها وإعجابهم بها لحظة تلقيهم لهذه الإلحان.
ففي موسيقاه وألحانه نحس بالحركات الإيقاعية والنغمية التي ترقص القلوب قبل الأجساد في هارمونية نغمية وإيقاعية متجانسة ومتناغمة، سلسلة وعذبة تشنف آذان المستمعين إليها وتصيخ بوجداناتهم في الحال طرب، حيث نحس بذلك التطريب اللحني المواكب للعواطف والمشاعر واختراق الواقع المذاب في ألحانه ونقلاته الموسيقية.
فكيف لا نذوب وهو الذي ندر جلّ حياته في حقل الإبداع والفن والموسيقى ومداعبة الأوتار عطاءً متدفق لا ينضب، ومازال وعلى مدى أربعة عقود.. فيها كل الضربات الإيقاعية والنغمية واللحنية والتي تدل على أسلوب أداء الفنان والملحن فضل محمد الكريدي وألحانه والمتميز في أدائه من حيث سلامة مخارج الحروف من الألفاظ في الأداء من مدٍِ وقصر.. وكذا سلاسته وهدوئه عند الغناء للعُرب الصوتية نظر لما فيها من حلاوة وتطريب في التعبير الصادق في أداء الجملة اللحنية والمعنى الذي يعبر عن مدى الكلمة بالأداء التطريبي الجميل والرائع.
وعلى هذا الأساس يكون الفنان والملحن فضل محمد الكريدي قد كوّن لنفسه أسلوبا خاصا ومميزا بالرغم من تأثره بعدد من المطربين سواءً في الغناء الشعبي أو الشرقي ساعده في ذلك كيفية التعامل مع الجمل اللحنية الطويلة وكذا التعامل مع المقامات الموسيقية وفروعها من الضروب الإيقاعية المختلفة عند التلحين، وذلك يكون قد أظهر كيفية التصرف بهذه القدرات التلحينية والإبداعية الموسيقية، من خلال اختياره الدقيق لنوعية الكلمة والجملة اللحنية وترجمتها في أحاسيسه المرهفة بألحان خالدة في الوجدان وذاكرة الأغنية اليمنية.
شوقي عوض

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى