من لم يكن مع نفسه فلن يكون غيره بديلا عنه !

> صالح شائف

>
صالح شائف
صالح شائف
من الطبيعي، بل والمنطقي عندما لا نثق بأنفسنا وبقدراتنا الوطنية، ومرتكزاتنا الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، ولا نستثمر كل هذا جيدا، فإننا نضع كل ذلك، بل ومستقبلنا، رهينة عند غيرنا، أيٍّ كان هذا الغير، شقيقا أم صديقا، وننتظر منهم إنقاذ وطننا وشعبنا.. بل ومن المفارقات العجيبة أننا نحن من طلب ونطلب منهم ذلك، وفي نفس الوقت يحملهم البعض منا وبقسوة سوء الأحوال ومسؤولية التقصير فيما نحن فيه، وهو أساسا من صنْع أيدينا وخيبتنا في إدارة شؤوننا وأمور بلدنا وعجزنا المعيب عن إنتاج الحلول المناسبة وفي الأوقات المناسبة لكل ذلك، الأمر الذي جعل المشاكل تتراكم على تعددها حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم.. والحديث هنا عن الجنوب تحديدا.
وموقف كهذا بالتأكيد يجانبه الصواب وإلى حد كبير، بل ويقفز فوق الخطوط التي استقرت ورسمت ولو مؤقتا حدود وطبيعة الأوضاع المعاشة والحقائق الماثلة اليوم والواقعة تحت تأثير وإيقاع الفعل المتعدد النغمات بتعدد الأطراف التي تعزف بألحانها السياسية على مسرح الساحة الجنوبية المفتوحة أمام كل فرق الهواة والمحترفين معا، وفي وقت واحد الهادئة منها والصاخبة.. بل ويتماهى أو يقترب من مواقف قوى وأطراف معروفة بعدائها للجنوب وقضيته الوطنية العادلة والمشروعة حقا وتاريخا وهوية، بل ولا يعترف أصحاب هذه المواقف بحق الجنوبيين في كل ذلك، وهم بهكذا مواقف يضعون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع إرادة الشعب في الجنوب، ويتجاهلون في الوقت نفسه وبغباء لا يحسدون عليه كل شواهد وتجليات الواقع الحي القائم في الجنوب اليوم، وفي اليمن عموما، بل وفي المنطقة كلها، وما تشهده من إرهاصات ومقدمات لتحولات دراماتيكية مذهلة ونهايات كبرى منتظرة ستتغير معها خرائط وتتبدل فيها أنظمة.
الأمر الذي يتطلب ممن يتماهون - ولو بشكل أقل حدة من الجنوبيين مع هؤلاء - أن يعيدوا النظر في رؤيتهم للأمور وبمسؤولية وطنية بعيدا عن أية حسابات آنية، بل وهو ما لا ينبغي لنا جميعا أن نفعله بحق الجنوب الأرض والتاريخ والإنسان، وبحق من يقفون معنا في هذه الظروف الاستثنائية مهما كانت ملاحظاتنا ورأينا فيما قدم لنا وما لم يقدم، فبقدر نهوضنا ووحدتنا المتينة قيادة وقرارا ومرجعية وطنية، يحترمنا الغير ويثمر تعاوننا معهم أكثر فأكثر اليوم وغدا، وفي المستقبل الممتد وعلى قاعدة الاحترام المتبادل والندية الكاملة والمصالح المشتركة وهي كثيرة وواعدة بكل الخير لنا ولهم.
ومن جانب آخر فإن من نحن بحاجة لتعاونهم اليوم معنا فإنهم سيحتاجون بالغد لتعاوننا معهم، ومن هو اليوم في موقع المقتدر فإنه قد لا يكون بالغد كذلك، وهكذا هي الحياة أشبه بخشبة مسرح كبير يتبادل فيها الممثلون أدوارهم وحسب الفصول المكتوبة، وهو هنا التاريخ الذي لا يتوقف عند فصل محدد بذاته، لأن حركته متجددة ومتغيرة على الدوام، وإن لم يكن كذلك لما كانت الحياة كما نعرفها، ولما كان التاريخ تاريخا كما تعلمناه وعرفنا عظمة فعله على مر المراحل والعصور، وفي تاريخ كل المجتمعات والشعوب!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى