حضرموت.. في باطنها بحيرة من النفط وتعاني قلة السيولة

> تقرير / ناصر المشجري

> في محافظة حضرموت التي تربض على بحيرة من النفط وتتواجد بها أهم الموانئ والمنافذ البرية وبحارها تزخر بكثير من الثروات البحرية، وتعتبر الرافد الأول لخزينة الحكومة اليمنية بالعملات الصعبة بنسبة تزيد على 70% من الإيرادات المحصلة ضمن الدخل القومي، يعيش سكان هذه المحافظة حياة معيشية صعبة إلى درجة أن الموظف الحكومي بات ينتظر راتبه الشهري بعد 45 يوما وليس نهاية الشهر وفق نظام الخدمة المدنية ونسبة كبيرة من المواطنين واقعة في شظف العيش وتكابد معاناة يومية، دفعت كثيرا منهم إلى امتهان التسول للحصول على لقمة العيش، وآخرون أدى بهم الفقر والإحباط والبطالة إلى احتراف الجريمة.
*أزمة سيولة
وفي سابقة لم تحصل من قبل بمحافظة حضرموت كما يجزم موظفون حكوميون أن يبقى موظفو الدولة بلا رواتب لخمسة واربعين يوماً كاملة وهم ينتظرون مرتباتهم لشهر يوليو الماضي، وكشفت عملية تأخر الرواتب عن واقع هش وخلل إداري ومالي تعيشه محافظة حضرموت وهي ما يطلق عليها عاصمة الجنوب الاقتصادية وفي ظل ظروف المرحلة الحالية وضعف الدولة وافتقارها للشفافية والعمل المؤسسي يصعب معرفة الجهات المتسببة إلا أن السلطة المحلية هنا تتحدث صراحة إن المسؤولية تقع على الحكومة اليمنية لتهربها عن منح المحافظة حصتها من عوائد مبيعات النفط والمخصصات المركزية الموردة إلى بنك عدن.
متقاعدو المكلا صورة ارشيف
متقاعدو المكلا صورة ارشيف

*مكمن الخلل
يرى مهتمون بأن ضعف الموارد المحلية سبب رئيسي في شح السيولة لأن التجار المحليون أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة يدفعون في الموانئ 60% نقداً للسلطة المختصة و40% بطريقة الشيكات عند استيرادهم للبضائع والتجارة الخارجية إضافة إلى أن حصة المحافظة من الرسوم على المشتقات النفطية المجلوبة من دول أخرى لا تتعدى 3 ريالات للتر في مادة الديزل.
*أزمة ثقة
كما تلعب عملية تدوير النقد والعملات خارج البنوك العامة دورا سلبيا في عملية فقدان السيولة فمعظم المودعين وفق ما تحصلت عليه «الأيام» من معلومات من ذوي الخبرة والدراية لا يقومون بوضع الأموال في البنوك لتوفير السيولة المالية والاحتفاظ بها في أماكن أخرى بسبب أزمة الثقة بين المودعين أي صحاب رؤوس الأموال والبنوك الحكومية كما تلعب مسببات أخرى في المشكلة منها امتناع المستهلكين عن سداد فواتير المياه والكهرباء وغياب الشفافية في مسألة تحصيل الضرائب وتهرب بعض كبار المكلفين من دفع ما عليهم من زكوات وهو ما انتج العجز في الموازنة المحلية.
*غش
مشروعات كثيرة لم تتحقق في محافظة حضرموت اغتالها المتنفذون واصبحت بلا جدوى وذهبت مليارات الدولارات والريالات ادراج الرياح. وهنا قائمة بمشروعات فشلت وفق ما هي عليه بأرض الواقع كنتاج لغياب الإشراف الحكومي وانعدام مبدأ الثواب والعقاب:
مجاري الصرف الصحي والسيول
مجاري الصرف الصحي والسيول

1- مشروع الغليلة لتصريف مياه الأمطار عبثت به أيادي الفساد واصبح بلا جدوى ومساحة منه حولها نافذون إلى محلات تجارية بقوة السلاح كلفته 14 مليون دولار أمريكي.
2- مشروع رصف الأحياء الداخلية: كلفته 4 مليارات ريال.
3- مشروع تصريف مجاري المكلا انتهى للفشل ومازالت البالوعات تطفح وتغرق الشوارع. كلفته 229 مليونا وأربعمائة ألف ريال.
4- مشروع تأهيل وإنارة الطرق والشوارع الداخلية نفذ على عجل والحفريات منتشرة بالشوارع ومعظمها في ظلام دامس، شارع الديس الممتد من أمام حديقة 14 اكتوبر حتى الغويزي مثال، بكلفة 80 مليون ريال.
5- مشروع تصريف مياه السيول بالديس انتهى إلى الفشل وخطر السيول تهدد منازل المواطنين كلما هطلت الأمطار، وبرغم ما أحدثته كارثة عام 2008 من أضرار جسيمة إلا أن الجهات المختصة لم تع الدرس ولم تقم بإزالة معوقات السيول وتصريف مياهها بشكل صحيح. كلفته 87 مليون ريال.
*النفط.. من نعمة إلى نقمة
أظهرت تقارير أصدرتها مؤسسة حضرموت لمكافحة السرطان (أمل) أرقاما تثير المخاوف عن عدد المصابين بسرطان الدم (اللوكيميا) والفشل الكلوي وسرطانات الجهاز الهضمي والدماغ في مختلف مديريات محافظة حضرموت بفعل مخلفات الشركات النفطية الكيميائية.
احدى ضحايا لوكيميا الدم
احدى ضحايا لوكيميا الدم

وخلصت النتائج التي وردت في تقارير المؤسسة إلى أن 600 شخص يصابون بمرض السرطان سنوياً، وتتوزع نسبة الإصابة كالتالي: سرطان الثدي يحتل المركز الأول بنسبة (15.6%) بين إجمالي الحالات المرصودة بين الذكور والإناث، كما يعد أيضاً الأعلى بين الإناث بنسبة (28.4%)، بينما يأتي سرطان الدم في المركز الثاني (6.2%) ويليه سرطان الغدد اللمفاوية بنسبة (6.1%) وسرطان القولون والمستقيم بنسبة (6%) وسرطان الدماغ والأعصاب (5.2%) وسرطان المبيض يحتل المرتبة الثانية بين الإناث بنسبة (5.2%) ويحتل سرطان القولون والمستقيم المركز الثاني عند الذكور (7.4%) ونسبة حدوث السرطان بين الأطفال وصلت إلى (8.3%) من إجمالي الحالات.
حملة لمكافحة التلوث
حملة لمكافحة التلوث

ويعتبر سرطان الدم بين الذكور والإناث هو الأعلى بنسبة (20.5%) وبأعداد متساوية ويليه سرطان الدماغ والجهاز العصبي المركزي بنسبة (16.1%)، وهي معدلات صادمة ومخيفة تتطلب من الحكومة اليمنية والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان التدخل والقيام بدورهم الوطني والقانوني والأخلاقي بأسرع وقت قبل فوات الأوان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ووقف العبث بأرواح المواطنين.
تقرير / ناصر المشجري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى