قدموا تضحيات نفيسة في سبيل الحرية والكرامة (3)جرحى المقاومة الجنوبية بعدن.. آهات تتعالى وحقوق مصادرة

> تحقيق/ وئام نجيب

> منذ أن تراهم من الوهلة الأولى يبعثون في نفسك حزنا عميقا، يشوبه شيء من الأمل والإصرار، لا تكاد تصدق بأنهم يخفون أوجاعهم بصمت عن الآخرين، تتكلم معهم تشعر بمدى ضعفك تجاههم، تسمع منهم حكاياهم ونضالاتهم، ولا تستوعب بأنهم لا يزالون يبتسمون بصورة يحدوها الأمل الكبير.
تقول للجريح: أمحق أنت بكل ما فيك من ألم؟!، وما تبقى في جسدك من أثر الرصاص وسموم شظايا القذائف، أخبرني.. يا من ضحيت بروحك كيف استطعت أن تتجاوز كل ذلك الألم والوجع، بهذا الأمل والإصرار والتحدي.
حقيقةً رأيت بأم عيني شبابا في مقتبل عمر الزهور ناضلوا واستبسلوا في الحرب الأخيرة التي شهدتها عدن، وبفضل هؤلاء أصبحت عدن محررة بإرادة نفسية، ودعوة طاهرة، رُفعت إلى البارئ ولم ترد خائبة.
شباب حدثوني عن حجم المعاناة التي تجرعونها بالأمس ولا يزالون بعد مشاركتهم بالدفاع عن حياض الأرض والوطن.
وناضلوا في سبيل استعادة نسائم الحرية والتحرير، وباتوا اليوم مقعدين ومُهملين يتجرعون ويلات تجاهل الجهات المعنية، ويعانون بصبر جميل شظف الحياة والأوضاع القاسية، في وضع مشحون بألوان من المعاناة والحكايات المؤلمة.
كنا قد تناولنا في الحلقات السابقة حكايات رويت على لسان بعض جرحى الحرب التي شهدتها العاصمة عدن عام 2015م وما نتج عنها من معاناة للجرحى وأسر الشهداء جراء الإهمال من قِبل الجهات المسئولة.

«الأيام» وضمن هذا الملف التقت ببعض المسؤولين والجهات ذات العلاقة لمعرفة أسباب المعاناة التي تعاني منها هذه الشريحة المجتمعية.
وقد لفتت وكيل مساعد وزارة الصحة العامة والسكان، مسئولة ملف الجرحى الدكتورة إشراق السباعي لـ “الأيام” بأن ملف جرحى الحرب يتم دعمه على وجه الخصوص من قِبل دولة الإمارات ومركز الملك سلمان للإغاثة.
وأشارت إلى أن وزارة الصحة في المحافظة هي من تعمل على التنسيق والتواصل مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ومشيدة بالدعم السخي الذي يقدمه مركز الملك سلمان في هذا المجال والمجالات الأخرى.
مضيفة: “هناك تنسيق وتواصل مع جميع المندوبين في المحافظات الأخرى لاستلام التقارير الخاصة بالجرحى، ولدي تواصل مباشر مع مدير مكتب الصحة بعدن عبدالناصر الوالي واستلمت منه ما يقارب 80 ملفا متكاملا وجمعيهم تم نقلهم إلى الخارج”.
*نقص التنسيق
وأوضحت الدكتورة السباعي أن ملف الجرحى يعاني من نقص في التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص، إلى جانب أنه يفتقر إلى العمل وفق آلية واضحة والتي لا يمكن أن يتم تجاوزها إلا بالتنسيق بين مركز الملك سلمان للإغاثة والجهات ذات الصلة وذلك بالعمل بشكل منسق ومنظم فيما بينها.
وأشارت في سياق حديثها لـ«الأيام» إلى أن معاناة الجرحى لن تنتهي مادام أن هناك أكثر من نافذة في التعامل، مطالبة في الوقت ذاته بضرورة توحيد الجهود وتجنب ازدواجية العمل.
*مهامها
وقدمت الدكتورة ملخصًا عن أبرز ما تم تنفيذه خلال الفترة التي بدأ العمل فيها منذ ثلاثة أشهر منها: استلام 380 ملف جريح، ونقل دفعتين من الجرحى للعلاج تقارب الـ100 جريح.. وتضيف: “في الأسبوع الماضي عملنا على تسفير 70 جريحا و20 مرافقا، وكذا من مهامنا التنسيق مع التحالف (الإمارات) وذلك لتذليل صعاب الجرحى بعد عودتهم من الهند عن طريق عملية المتابعة الطبية، فأحيانًا قد يحتاج الجريح بعد عودته من رحلة العلاج إلى استخراج (سيخ) في مستشفى 22 مايو مثلا، أيضًا عملنا في الوزارة آلية لتذليل الصعاب للجريح سواء لتسفيره إلى الخارج أو لعودته والتي كانت في الماضي تشكل حلقة مفقودة يتيه بموجبها الجريح ويعاني كثيرا”..

وأكدت السباعي لـ«الأيام» أن عملية استلام الملفات وترقيم الجوازات تتم بدون أي محسوبية أو سلطة وأن الأولوية للحالات العاجلة والخطيرة 50 % منها تُعطى للجرحى الأشد خطورة ولا يوجد لهم علاج أو في غرف العناية المركزة، أما فيما يخص ذوي الإصابات الخطرة والمتواجدين في منازلهم فيتم التواصل معهم عبر مندوبين بهذا الخصوص.
ومن مهامنا أيضًا إرسال الملفات والجوازات إلى دولة الإمارات، حيث يتم استخراج الفيز، وكذا إرسال التقارير إلى دولة الهند.
وبإذن الله تعالى سنعمل على توفير اختصاصيين في مستشفى 22 مايو ليتم معاينة أي جريح وتشخيص حالته، لمعرفة ما الذي يحتاجه الجريح، هل العلاج أم السفر.. ومركز الملك سلمان بدوره يقوم بالتكفل بعلاج الجرحى الذين يأتون من الجبهات وبالتنسيق مع مكتب الوكيل علوي النوبة.
ونحن كوزارة استطعنا أن نحرك المياه الراكدة ومن خلال جهودنا في هذا الجانب نسعى إلى التقليل من الاحتقان الموجود على الأرض، حيث إن الجرحى وصلوا إلى مرحلة ميؤوسة منها وليس عليهم أي لوم، كما نطمح أن يكون هناك بعثة طبية تكاملية.
وكانت «الأيام» قد حاولت مرارًا الوصول إلى وكيل شؤون الشهداء والجرحى بالعاصمة عدن علوي النوبة للاستيضاح حول بعض ما تم تناوله في هذا الملف الذي تضمن كثيرًا من الشكوى والمعاناة رويت على ألسنة بعض من استطاعت «الأيام» اللقاء بهم، غير أن الصحيفة لم تتمكن من ذلك رغم إبدائه التجاوب معها مرارًا.
انتهت الحرب وتوقفت رحاها في العاصمة عدن في الوقت الذي ما تزال فيه معاناة أسر مئات الشهداء وأضعافهم من الجرحى قائمة إن لم تكن في تزايد مطرد..
أسر فقدت معيلها الوحيد، وجرحى صاروا قعيدي الفراش لا يقوون على الحركة، وآخرون مازالوا يُكابدون الألم بصمت يمنون أنفسهم بعلاج طال انتظاره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى