لا للمناطقية والقبلية .. نعم لوحدة الصف الجنوبي

> علي راوح

> استقللنا الحافلة (الباص) المتجهة من المنصورة إلى كريتر، وعندما اقتربنا من الجسر البحري كان هناك حادث سير فأُغلقت الطريق أمام السيارات القادمة من المنصورة، فاضطر سائق الحافلة إلى العودة وسلك بنا طريق المملاح.. لا أدري كيف كانت البداية عندما بدأ بعض الركاب التقاذف بالألسن وبأصوات مرتفعة شرعوا يتقيؤون السوء والفحشاء من القول على بعضهم البعض. هذا يقول كل ما نحن فيه سببه هؤلاء (....) (لا أستطيع نقل القول السوء)، ويردف «هؤلاء خائنين وأصحاب فيد، وعليهم أن يخرجوا من عدن وستصلح الأمور..»، فينبري آخر بقوله: «والله ما خرب البلاد إلا هؤلاء القادمين من (...) ومن (...) والذين جاؤوا ليحكمونا ويتحكموا فينا..».
فعم الهرج، وتقاذف الركاب الكلمات النابية التي لا ترضي الله ولا رسوله، هذا يخوّن هذا، وهذا يرد عليه بضعف ما قاله.. وشارك في هذه المعمعة (المهزلة) بعض النسوة، ومع طول الطريق ووعورتها وارتفاع درجة الحرارة ازداد التلاسن وبسخونة، وكنت أنا وقليل معي نهدّي القوم ونذكرهم بقول الله وقول رسول الله، دون جدوى.
موقف محزن يبعث لدى المرء الغثيان والحزن، وهذا كله من عمل الشيطان، إنه عدو مضل مبين.. إنها دعوى الجاهلية التي تضر بالمجتمع ولا تنفعه، دعوى تغرس الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد ولا تخدم إلا الأعداء المتربصين بنا بعد فشلهم الذريع في اجتياح عدن وبقية محافظات الجنوب.
ولقد قالها فرعون هذه الأمة قال إن الجنوبيين لم ولن يجتمعوا على مائدة واحدة، وإنهم متفرقون، ولن يحققوا أي نتيجة للجنوب، ووعد وتوعد بإفشال قضية فك الارتباط وتحقيق الدولة الجنوبية المستقلة.
أعرفتم - أيها الجنوبيون - من هو المستفيد الحقيقي من اختلافنا وتخويننا لبعضنا بعضا، إنه عدو يتربص بنا ويغذي مثل هذه الاختلافات، بعد أن توحد الجنوبيون، وامتزج الشباب والرجال والنساء من كل المناطق ليشكلوا مقاومة جنوبية ضد الغزو الحوثي عفاشي، الذي أراد أن يستبيح الأرض ويهتك العرض، ويصادر دين الأمة وحريتها، ويقتل الصغير قبل الكبير، فهو لا يفرق بين هذا من أبين أو هذا من الضالع، أو هذا من عدن أو يافع، أو غير ذلك.. فلقد امتزج الشباب من كل المناطق كرجل واحد، ودافعوا ببسالة وشجاعة نادرة وقدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل الحرية والاستقلال وبناء وطن يتسع للجميع، حتى تحقق الانتصار لهذه المقاومة بإرادة من الله ثم بدعم من دول التحالف وفي مقدمتها السعودية ودولة الإمارات.. فكيف بنا بعد أن حررنا عدن وغيرها من محافظات الجنوب، نعود إلى دعوى الجاهلية وإلى التعصب للمناطقية الدعوى المريضة التي تكرس مبدأ الكراهية والبغضاء خدمة لأعدائنا المراهنين على فشلنا؟!!.
يا هؤلاء، إن الوطن وطن الجميع، ولا يمكن إلغاء الآخر وتخوينه لأنه ينتمي إلى منطقة معينة، فهذا لا يخدم إلا العدو الذي قتل ودمر وتوعدنا بالويل.. وتعالوا إلى دستورنا الإلهي، وتذكروا قول الله تعالى « يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم».. ورسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: «كلكم من آدم وآدم من تراب، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى»، وفي الحديث القدسي يقول رب العزة: «الجنة لمن أطاعني ولو كان عبداً حبشياً والنار لمن عصاني ولو كان سيداً قرشياً».
اتقوا الله يا هؤلاء، وانبذوا منطق العصبية ومنطق من أين أنت.. بل يجب أن نقول للإنسان من أنت وماذا قدمت لوطنك الجنوبي؟. ولعدن خصوصية منذ مئات السنين، ففيها الناس من كل المناطق والمحافظات عاشوا من قدم الزمان متحابين ومتعاونين لا يكره بعضهم بعضاً، حتى في زمن الاستعمار البريطاني الذي انتهج سياسة (فرق تسد)، لكن أبناء عدن كتلة واحدة بغض النظر عن انتماءاتهم المناطقية.
وتعالوا إلى إحصائية الشهداء من المقاومة الجنوبية أثناء فترة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني، واحصائية شهداء المقاومة الجنوبية أثناء اجتياح الجنوب وعدن خصوصاً من قبل مليشيات الحوثي وجيش عفاش، لنجد هذا من أبين وهذا من الضالع وهذا من ردفان وهذا من يافع وهذا من عدن وهذا من شبوة وهذا من حضرموت، وهذا قباطي وهذا شيباني وحمادي وهذا إبي وهذا حديدي وهذا من هنا وهذا من هناك.
فقد قدم هؤلاء الشهداء أرواحهم ودماءهم ليتحرر الجنوب عامة وعدن خاصة.. فنأتي نحن اليوم ونعود إلى منطق المناطقية والقبلية ونكرس منطق التخوين والكراهية والبغضاء لبعضنا البعض.. إنها ورب الكعبة لدعوى هدامة، تمكن عدونا من النيل منا واستعبادنا من جديد بعد أن أصبحنا أحرارا.. فهلّا حكمنا عقولنا؟.
علي راوح

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى