أزمة الوقود بعدن جعلت الشوارع مقفرة وحولت حياة المواطن إلى عذاب

> تقرير/ علاء عادل حنش

> شهدت العاصمة عدن - التي تقع على ساحل خليج عدن وبحر العرب - حالة نادرة خلال اليومين الماضيين، نتيجة لقلة وندرة السيارات والمارة في شوارع المدينة المتعددة الأعراق والأجناس (الكوسموبوليتان)، جراء أزمة الوقود التي ألقت بظلالها على الحياة العامة في مدينة يبلغ سكانها نحو 865 ألف نسمة، حسب الإسقاطات السكانية لعام 2015.
وقال باحث في هذا الشأن إن “عودة أزمة المشتقات النفطية في عدن أحالت الحياة إلى عذاب، وجعلت شوارعنا مقفرة، كأنها مدينة أشباح”.
وبدت بعض شوارع العاصمة وتقاطعاتها، التي عرفت سابقا بازدحام المركبات والمشاة، أمس وأمس الأول، شبه خالية - على غير عادتها - من السيارات والمارة، نتيجة انعدام مادتي البترول والديزل من محطات التعبئة الحكومية والخاصة، الأمر الذي تسبب في شل الحركة وتوقف سائقي سيارات الأجرة عن العمل ومثلهم مالكو مركبات النقل والسيارات الخاصة.
فبعد أن استبشر المواطنون خيرا وتفاءلوا بأمل الخروج من الازمات التي لحقت بالمدينة بعد الانتصار العظيم في منتصف مارس 2015 بدحر مليشيات الحوثيين وصالح من عدن وأغلب المحافظات، متطلعين إلى عودة الحياة دون أزمات، إلا أن ذلك لم يحدث، بل تضاعفت المعاناة.
وتتسبب الأزمات المتلاحقة بمزيد من التدهور والانهيار في حياة المواطنين البسطاء.. وقصمت عودة أزمة انعدام المشتقات النفطية ظهر المواطن، بجميع فئاته من الطلاب والمرضى وسائقي مركبات الأجرة الذين يعتمدون بدرجة كبيرة وأساسية على ما يجنونه من عملهم بتلك المركبات.. وغيرهم الكثير ممن يجدون صعوبات ومشكلات عديدة جراء انعدام المشتقات النفطية كارتفاع عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي الذي وصل انقطاعه إلى خمس ساعات مقابل ساعة واحدة فقط يكون فيها موجودا، وانقطاعات المياه وارتفاع أسعار المواد الغذائية وأجرة المواصلات.
جولة البط بخور مكسر
جولة البط بخور مكسر

وتلقي أزمة انعدام المشتقات النفطية بظلالها بكثرة على المرضى الذين يرقدون في مستشفيات المدينة، خصوصًا الحالات التي تحتاج للتيار الكهربائي الدائم.
مراقبون يقولون إن “الحلول تلاشت لهذه الأزمة التي أنهكت أفراد الشعب، والتي تُسبب أزمات في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
وأضافوا بأن “السبب الرئيس للأزمة بعدن هو سوء الإدارة من قبل المسؤولين في شركة النفط، وعدم إيجاد رؤية وحلول جذرية لمشكلة أزمة المشتقات النفطية”.
وأكدوا بأن احتكار سوق النفط لتاجر واحد يعد من أهم اسباب الازمة، مضيفين بأن “الازمة انتجت ازمات عدة كارتفاع عدد ساعات انقطاع الكهرباء عن المدينة، وانقطاع المياه وغيرها من الازمات”.
الباحث والناشط السياسي علي بن شنظور قال بأن “هناك عوامل عدة لأزمة انعدام المشتقات النفطية منها عدم وجود سياسة ثابتة في كيفية التعامل مع استيراد النفط بل ذلك يخضع للمزاجية، فيتكرر معها الفشل”.
وأضاف شارحًا بأن “الأزمة ليست لاول مرة ولن تكون الاخيرة، لان آليات العمل اجتهادية وليست استراتيجية ثابتة، لذلك يجب وضع آليات عمل ثابتة واعتماد تمويل كاف وعدم الاعتماد على مصدر واحد في التوريد في ظل انخفاض اسعار النفط واستعداد شركات كثيرة لتقديم عروض بأسعار منافسة لكنها لن تستطيع ذلك بسبب اليات العمل السابقة”.
خور مكسر
خور مكسر

واردف أن “زيادة عدد السيارات مقارنة بما قبل الحرب وعدم الرقابة على بيع المشتقات النفطية دفع البعض إلى بيع تلك المشتقات في أسواق خارج عدن”.
وختم شنظور حديثه لـ«الأيام” بالقول: “هناك أسباب أخرى كهلع البعض في خزن النفط ومشاكل الكهرباء المستمرة في الانطفاء التي تجعل جزءا من النفط يذهب لتشغيل مولدات الكهرباء الخاصة في عدن والأرياف”.
من جانب آخر شكا مواطنون معاناتهم من انطفاءات الكهرباء، التي تعمل لساعة وتختفي لخمس ساعات باليوم الواحد، ما جعل المواطنين يعيشون أوضاعًا مزرية خصوصًا في ظل ارتفاع درجة الحرارة في هذه المدينة الساحلية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار أجرة المواصلات التي يضطر سائقو المركبات إلى رفعها بسبب ارتفاع اسعار المشتقات النفطية في الأسواق السوداء، ويصل سعر العبوة سعة (20 لترا) إلى عشرة آلاف ريال.
واردفوا “ان أزمة الوقود ربما تأتي كمقدمة لإعلان زيادة أسعار المشتقات النفطية”، وهو الإجراء الذي يتوقع عدد من المسؤولين والمراقبين تنفيذه خلال الأيام القادمة.
فيما يقول الباحث والناقد د. شهاب القاضي إن “عودة أزمة المشتقات النفطية في عدن - والتي تتكرر دائمًا - ستحيل حياتنا الى عذاب، وتجعل شوارعنا خاوية من السيارات والمارة”.
وأضاف لـ«الأيام” إن “الازمة تعود الى تحكم أكثر من جهة في توفير وتسويق المشتقات النفطية، وانعدام التنسيق بين تلك الجهات”.
كريتر
كريتر

وأردف بأنهُ “لا تتوافر في الجهات الرسمية وأخص بالذكر وزارة النفط وشركة النفط الوطنية عناصر التنظيم الاداري الذي يمكنها من معرفة حجم المخزون ومعدلات الاستهلاك وقياس ذلك بالفترة الزمنية المناسبة للاستيراد وتوفير المشتقات طوال العام”.
واشار إلى أن تسديد المستحقات المالية للمستثمرين، أولا بأول، بأي نظام للتسديد يجب أن يكون متفقًا عليه.
وختم شهاب بالقول “الاستفادة من المشتقات النفطية التي يوفرها تجار حضرموت ومفاوضتهم في شرائها بما يحقق هامش ربح لا يؤدي الى رفع أسعارها ويخلق مشكلة جديدة للمواطن”.
وختامًا نود الإشارة إلى أن أزمة المشتقات النفطية مُفتعلة، وتأتي ضمن الأساليب التي تُستخدم لحصار الشعب، ولتحطيم معنوياته، وضربه في العمود الفقري، ولكن ربما ينفجر الشعب بوجه كل الحاقدين والمتربصين، وقد يندمون، فثورة الشعب إن قامت فمن الصعب إطفاؤها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى