الريال يواصل تدهوره أمام عجز البنك المركزي.. واعتزامه طباعة 90٪ من الأوراق النقدية التالفة والمتداولة

> تقرير / رعد الريمي

> واصل سعر الدولار أمس الارتفاع أمام الريال اليمني ليصل إلى 404 ريالات للدولار الواحد، بعد أن كان تراجع بشكل ملحوظ الأسبوع الماضي، مسجلاً 385 ريالا للشراء، و388 للبيع، وسط إجراءات حكومية وصفت بالآنية والأسوأ على حد وصف رجال أعمال ومصرفيين.
وقال أبوبكر سالم باعبيد، رئيس الغرفة التجارية الصناعية بعدن في اجتماع لأعضاء الغرفة حضرته «الأيام»: «إن الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة لإيقاف انحدار الريال أمام العملات الأجنبية غير سليمة، ولا تصب في مصلحة المعالجة الصحيحة، من خلال إغلاق محلات الصرافة، بل على العكس».
وأضاف: «إن إغلاق محلات الصرافة يرمز إلى مستوى الضعف الذي تعانيه الحكومة، فلو كانت تمتلك زمام الأمور لما أقدم عدد من الصيارفة على افتتاح محلات غير مرخصة، في ظل ضعف بارز لدور البنك المركزي وبقية البنوك وأداء دور مبالغ فيه من قبل محلات الصرافة في العاصمة عدن».
وعبر عن استيائه من تردي الأوضاع الاقتصادية والتجارية، التي باتت تنحدر نحو مستوى خطير ينذر بانهيار الاقتصاد في ظل غياب محافظ البنك المركزي وسوء إدارته.
*صيارفة يحجمون عن المضاربة
وقال صيارفة محليين لـ«الأيام» أمس إن قطاعا عريضا من محلات الصرافة علقت عمليات بيع الدولار، فيما أبقت على نشاط الشراء منذ أيام لإيمانها بأن التراجع الذي سجلته العملات الأجنبية أمام الريال اليمني سيكون آنيا وغير طويل.
وينفذ تجار ومضاربون احتكارا للنقد الأجنبي داخل السوق المحلية، في محاولة لخفض قيمة العملة المحلية أكثر، ومنهم من لا يملك رخصة مزاولة مهنة الصرافة.
وكان رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر أمر بإغلاق محلات الصرافة غير المرخصة وضبط التلاعب بصرف العملات ومخالفتها للتسعيرة المقرة من قبل البنك المركزي، حيث أغلقت نيابة الأموال العامة بالعاصمة عدن الأسبوع الماضي 19 محل صرافة تزاول نشاط صرف العملات دون ترخيص رسمي.
وجاءت هذه الخطوة التي اتخذتها الحكومة عقب انهيار مخيف للريال بلغ 406 ريالات للدولار الواحد مطلع الأسبوع الماضي، وبعد خطوة إغلاق محلات الصرافة في إطار جهود رسمية أعلنت عنها الحكومة لمواجهة هبوط سعر الريال أمام العملات الأجنبية، وخاصة الدولار.
في حين يقول بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي إن أسباب هذا التطور ما تزال غامضة، وربما يرجع بعضها إلى قرار تعويم الريال اليمني، بالإضافة إلى نهب مليشيا الحوثي للغطاء النقدي، والذي يقدر بحوالي 5.2 مليار دولار من البنك المركزي، إلى جانب تلاعب التجار والصيارفة لتحقيق أعلى نسبة فائدة.
الخبير الاقتصادي باناجة و رئيس الغرفة التجارية بعدن
الخبير الاقتصادي باناجة و رئيس الغرفة التجارية بعدن

وإن عودة انحدار الريال عكس فشل الحكومة في اتخاذ الإجراءات القانونية، وبالتحديد قانون الصرافة، وتطبيقها بصرامة الإجراءات التي من شأنها أن تحافظ على الاقتصاد الوطني، والحد من الاضطرابات الاقتصادية التي تؤثر على السوق المحلية وحياة المواطن.
*حلول عسيرة
إلى ذلك طالع الوسط الاقتصادي تصريحات لمحافظ البنك المركزي اليمني وصفت بالعسيرة وغير الواقعية، من خلال احتياج البنك إلى نحو تريليوني ريال يمني بالعملة المحلية وتريليون ريال كحل لأزمة الاختناقات المالية لدى البنوك، وتريليون آخر لاستبدال العملة التالفة، حد وصفه.
وقال منصر القعيطي، في حديث سابق لقناة العربية: «إن الحكومة والبنك تسلما (420 مليار ريال) من أصل المبلغ المطبوع، وهو (600 مليار ريال يمني)»، إلا أنه ألمح إلى أن «البنك المركزي يعاني من أزمة سيولة».
تصريحات القعيطي تلك أثارت لغط عدد من المختصين، وتزامنت مع إعلانه عن حقيقة المبلغ المطبوع في روسيا للعملة اليمنية، فتساءل عدد من المختصين عن مصير «420» مليار ريال، التي لم تحقق حتى الآن أي استقرار في دفع رواتب الموظفين.
*رؤية تقارب النجاح
قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد عمر باناجه في تصريح سابق لـ«الأيام»: «إن على الشرعية الانتقال بعد استعادة مؤسساتها في عدد من المحافظات إلى المعركة الحقيقية لها، وهي الجبهة الاقتصادية»، مقترحا رؤية من شأنها أن تسهم في الحد من انهيار الاقتصاد، وهي على النحو الآتي:
أولا : حزمة الإجراءات الفورية
1 - الإعلان رسميا عن إعادة النظر بنظام سعر الصرف من التعويم الحر إلى التعويم المدار أو أي نظام مرن آخر، وذلك بهدف إعادة تهدئة السوق وخلق الطمأنينة لدى الأطراف المتعاملة بالنقد الأجنبي بيعا وشراءً.
2 - اختيار سعر صرف يعتمده البنك المركزي كسعر صرف تأشيري (رسمي) يستخدمه مؤشرا لأغراض السياسة النقدية ولأغراض التسعير الجمركي. وأن يتجاوز سعر الصرف التأشيري (المركزي) السابق الذي حدد بـ250 ريالا/ دولار إلى 300 ريال/ دولار، ويكون خاضعا للتعديل الدوري كلما تطلب الأمر.
3 - تفعيل قانون الصرافة وإغلاق كافة محلات وشركات الصرافة التي أنشئت في عام 2015 وما تلاه، وتلك التي كانت تمارس مهامها قبل ذلك العام بدون ترخيص من قبل البنك المركزي.
4 - تشديد الرقابة على المتعاملين بالشراء للنقد الأجنبي من غير ترخيص واتخاذ العقوبات الفورية القانونية بالمخلين.
الدولار
الدولار

5 - قيام البنك المركزي بانتداب موظف مختص من قبله إلى كل محل صرافة مرخص له. وذلك بغرض تجميع بيانات حول حركة البيع والشراء للنقد الأجنبي ورصد مسارب البيع بالجملة ولأي أغراض، وذلك في سياق أدائه لوظيفته في منع غسيل الأموال، وفي إطار ما يسمح به القانون.
6 - تقنين عملية خروج النقد الأجنبي لأغراض ادخاره في الخارج وتحديد السقف الأعلى للمبالغ التي يمكن إخراجها من البلاد.
7 - تقييد عمليات الاستيراد للسلع والخدمات، ومنع استيراد السلع الكمالية التي تتسم بارتفاع كلفتها وتدني منفعتها.
ثانيا: حزمة إجراءات أخرى
وما إن ينتهي مجلس إدارة البنك المركزي من اتخاذ حزمة الإجراءات الفورية التي ستعمل على تهدئة سوق الصرف واستعادة ثقة الناس بالبنك المركزي التي ستساعد على إحياء التوقعات الرشيدة لديهم تجاه متغيرات السوق، يتم حينها البدء باتخاذ حزمة من الإجراءات المعاضدة التي تدعم هدف استقرار أسعار السلع والخدمات واستقرار سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية. ومن بين إجراءات الحزمة الثانية ما يلي:
1 - تحريك سعر الفائدة بما يخدم تشجيع الإيداع في البنوك وجذب الأموال المكتنزة في البيوت كأوراق نقدية سائلة كي تنتظم الدورة النقدية وتتلاشى تدريجيا أزمة شحة السيولة.
كما أن رفع معدلات الفائدة على الودائع ستحد من رغبة المدخرين - أفرادا كانوا أم شركات - في تحويل مدخراتهم من الريال إلى الدولار، لأن سعر الفائدة الحقيقي على الودائع سيعوضهم عن الخسائر التي يمكن أن تحدث في القيمة الحقيقية لمدخراتهم نتيجة لمعدلات التضخم.
ناهيك عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الأموال المودعة في البنوك كموارد مجتمعية متاحة للإقراض من قبل البنوك وتمكينها من استعادة نشاطها الائتماني، الذي سيسهم في خلق ما يعرف بـ(نقود الودائع) وزيادة عرض النقود دون ضخ إصدارات جديدة من قبل البنك المركزي.
2 - تكثيف الجهد الدبلوماسي والتفاوضي بغرض توفير منحة من دول التحالف توضع في حساب الأصول الخارجية للبنك المركزي باعتبارها خط الدفاع الأول لقيمة العملة المحلية.
كما يمكن التفاوض مع صندوق النقد الدولي لطلب قرض بشروط ميسرة لذات الغرض.
3 - تركيز الجهود نحو اعتماد الأموال اللازمة لتنفيذ خطة التعافي وإعادة الإعمار التي وضعها خبراء البنك الدولي، وتضمنت في أولويتها الثانية الدعم المالي للموازنة العامة للدولة، وتخصيص المبالغ اللازمة لدفع المرتبات المتخلفة، ورفد الأصول الخارجيه للبنك المركزي بالنقد الأجنبي بما يمكنه من تأدية وظائفه.
وهذا الجهد سيوفر حوالي 7,4 مليار دولار في السنة الأولى من خطة التعافي، وإعادة الاعمار منها 4,8 مليار لسد فجوة تمويل احتياجات الموازنة العامة و 2,6 مليار دولار لسد العجز الخارجي في الأصول الخارجية للبنك المركزي.
4 - إعداد ميزانية عمومية للبنك المركزي يستطيع من خلالها مجلس إدارة البنك التحكم بعرض النقود ومناسيب السيولة بغية السيطرة على التضخم.
تقرير / رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى