تسبب بإغلاق المركز الوحيد في عدن.. صراع إدارة مركز الأطراف الصناعية والموظفين يحرم المئات من المعاقين من حق العلاج

> رصد/ رعد الريمي، وئـام نجيب

> مع تزايد حدة الصراع في البلد وتزايد المواجهات والنزاعات المسلحة تتفاقم معاناة فاقدي الأطراف الصناعية في ظل ما يعانيه الجرحى من صعوبات بالغة للسفر إلى الخارج لاستكمال العلاج، حيث شكل لجوءهم للعلاج في الداخل أمرا اضطرارياً.
إذ خلفت الحرب التي اندلعت في مارس 2015م، آلاف الجرحى من العسكريين والمدنيين، مخلفة كثيرا من الإعاقات وباتوا في حاجة ماسة للرعاية والتأهيل بهدف العودة لممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
وتشكل شريحة الجرحى وفاقدي الأطراف، وذوي الإعاقة من الأطفال والبالغين أعدادا مهولة، الأمر الذي يستدعي الاهتمام بهم من قبل المستشفيات ومراكز الرعاية المتخصصة.
فقد مثل مركز الأطراف الصناعية بالعاصمة عدن ملاذاً مهما لشريحة المعاقين..فعلى الرغم من الخدمات البسيطة التي يقدمها المركز، غير أن هذا الملاذ الوحيد لم يستمر، حيث أوصد باب المركز أمام مرتاديه من الجرحى والمستفيدين من خدماته في محافظة عدن والمحافظات الأخرى، بحسب إفادة مرتادي المركز الذين التقيناهم للتعرف على حجم المعاناة التي خلفتها لهم الحرب.
مركز الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي الذي افتتح في عدن عام 2000م بدعم من المنظمة “البلجيكية”، والذي شمل عددا من الأقسام منها: العلاج الطبيعي، وورشة صناعية، وقسم لحام، وقسم الجلود، وقسم خاص بالأطفال، حيث يتم عرض جميع الحالات الواردة للمركز على طبيب اخصائي قبل الشروع في تحديد احتياجها.
ويهدف المركز إلى تقديم حلول مستعجلة، كما يعمل على تأهيل ودمج المعاق في المجتمع، على الرغم من الصعوبات وضعف الإمكانيات وشح الموازنة التشغيلية المخصصة للمركز.
*مطالب بإقالة المديرة
في الوقت الذي أوصد فيه مركز الأطراف الصناعية الكائن بمديرية المنصورة بالعاصمة عدن أبوابه أمام مرتاديه، يواصل عدد من عمال المركز إضرابهم واحتجاجهم أمام ما سموه “سوء الإدارة والفشل في تسيير عمل المركز” مطالبين بإقالتها.
*إضراب الموظفين
المحتجون قالوا لـ«الأيام»: “إن إضرابنا بدأ في الأول من أكتوبر الماضي، بعد أن فاض بنا الكيل، وبات مطلبنا الوحيد هو اقالة المديرة، موضحين بأنهم عملوا على تقديم بيان نقابي إلى مكتب الصحة، كان ذلك في أول يوم نفذوا فيه الإضراب، ويتضمن إجماع منا على طلب إقالتها”، مشيرين الى أسباب ذلك، “وإلى يومنا هذا لم نستلم أي رد من مكتب الصحة”.

واردفوا بالقول: “قبل أن نقوم بعملية الاضراب قمنا بعدة خطوات حاولنا من خلالها إقناع مديرة المركز بأن تحيد عن موقفها، غير انها أصرت وامتنعت عن ذلك”، وأضافوا: “أصبحنا غير آمنين على شؤوننا في ظل إدارتها للمركز وتهديدها الدائم لنا باستبدالنا بموظفين آخرين”.
وقالوا: “إن الدكتورة أمينة هرهرة لا زالت تدير المركز بشكل سيئ حتى بعد منحها فرصة، إلى جانب وجود المحسوبية، بانحيازها لعدد من العمال دون الآخرين، وتجاهلها لقضايا عمال المركز، الأمر الذي أثر بشكل سيء وسلبي على سير عمل المركز”.
*التخلي عن احتياجات العاملين
يضيف عمال المركز: “إن سوء الإدارة ليست المشكلة الوحيدة، بل يضاف إليها تخلي المديرة عن متابعة واحتياجات العاملين، الأمر الذي أبرز قصورا في تحملها المسؤولة وإصرارها اللامسئول على الاستمرار في هذا الحال، وعدم تلمسها معاناة وهموم العاملين، رغم معرفتها بخصوصيات المركز وظروفه الاستثنائية التي يمر بها، وتسببها في عدم الاستقرار الوظيفي في المركز، ما نتج عنه هبوط وتراجع في الإنتاج والخدمات المقدمة للمرضى منذ توليها الإدارة لما يزيد عن تسعة أشهر”.
موضحين: “إن عدم متابعتها لفتوى التوظيف لإطلاق المخصصات المالية الخاصة بالعاملين المتوقفة لدى مكتب المالية عدن منذ عام 2013م، وتنصلها منها، تسبب في ضياع الفتوى، بالإضافة إلى عدم متابعة إجراءات تثبيت المتعاقدين المتواجدين على رأس العمل لأكثر من سنة لدى الصندوق، وتجاهلها لمرتباتنا المتوقفة لأكثر من ستة أشهر”.

وتابعوا: “جميعنا متعاقدون منذ نحو 17 سنة، ونتبع الصندوق الاجتماعي الذي كان يتبع صنعاء قبل أن يتحول الى مدينة عدن”.. منوهين أنه كان يصرف لهم حافز كل ثلاثة أشهر، والذي يقدر كالتالي: الإداريون 17 ألف ريال، الفنيون 20 ألف ريال، والعاملون في قسم الخدمات 12ألف ريال.
ووجه موظفو وعمال المركز المضربون عن العمل رسالة إلى رئيس الجمهورية ووزير الصحة قالوا فيها: “بعد استنفاد جميع السبل الرامية للتوصل لحل مع المديرة وإقراراً من قبل جميع العاملين والعاملات بالمركز بعدم كفاءة وجدارة المديرة للاستمرار على رأس إدارة المركز فإننا نطالب بإقالتها”.
*النقابة غير قانونية
تفاعلاً مع ما نشرته «الأيام» حول هذا الاضراب، وتعليق الدكتورة أمينة هرهرة، مديرة المركز، للصحيفة، حضر مجموعة من العاملين غير المضربين، موضحين: أنهم مستاؤون وغير راضين بأن يغلق المركز أبوابه أمام المرضى لأي سبب، وأن الإضراب يعد باطلاً، مشيرين إلى أن الغرض من هذا الاضراب هو تصفية صراع هدفه الإطاحة بالمديرة الحالية، وعودة الادارة السابقة، التي تعد غير مؤهلة، حد تعبيرهم.
ونوهوا إلى أن كل ما يقال عن إدارة المركز الحالية باطلة ولا أساس لها من الصحة، “فهي تعمل بكل ما بوسعها لخدمة عاملي وموظفي المركز”.
وتابعوا: “إن إدارة المركز الحالية كانت تنوي تصحيح الأمور والعودة إلى عملنا.. وأردفوا بأن ثمة تعاملات غير منصفة مورست عليهم من جانب إدارة صرف الرواتب التي قامت بصرف مرتبات المضربين، وحرمان الممتنعين منها لشهرين.

مشيرين إلى أن مكتب الصحة في المحافظة يكاد دوره ينعدم في هذا الموضوع، ولا يوجد لديه أي حسم، وأن غالبية المنفذين لعملية الاضراب ليسوا على دراية بهدف وأسباب هذا الإضراب.. مشككين بالنقابة كونها غير رسمية وليست بالقانونية، حد قولهم.
*مساعٍ لعودة الإدارة السابقة
وفي هذا السياق تقول مديرة الأطراف الصناعية في عدن الدكتورة أمينة هرهرة إنه تم تعيينها بقرار من محافظ محافظة عدن السابق اللواء عيدروس الزبيدي، أواخر شهر ديسمبر 2016م، في إطار تصحيح المرافق الحكومية والمرافق الصحية بشكل خاص.. وإن تعينها - حسب قولها - جاء “كشخصية تحمل مؤهلا خلفا لقيادة الإدارة السابقة”.
وقالت إنها تقف على مسافة واحدة من الجميع وأنها لم تأت لتقصي أو تعادي أحدا وأنها تتعامل مع العدد المضرب من العمال والعدد غير المضرب من العمال بمسؤولة.
منوهة إلى أن “المشكلة بدأت بوضع العراقيل أمامها للقيام بأي إصلاحات، والتي وصلت إلى إغلاق الإدارة بـ(الأقفال) لكي لا تمارس مهامها”.. متسائلة: “لماذا كل هذا؟!، ومن يقف وراءه، ومن المستفيد من دعم مثل هذه الأعمال المخلة بالقانون؟!”.
وأضافت: “وضع العراقيل لم تتوقف عند هذا الحد، بل تطور الأمر إلى إعلان الإضراب بشكل غير قانوني في 12 يوليو 2017م، وتوقف العمل بشكل مفاجئ تحت ذريعة عدم صرف جزء من الراتب من بند المستلزمات الطبية”.وقالت: “على رغم الوعود التي وعدت بها كمديرة من جهات رسمية من محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي ومدير المالية ومكتب الصحة، وفي الوقت الذي يتم فيه تجهيز الشيك إلا أنه تم إغلاق المركز”.

وأوضحت أن الأغلاق دليل واضح على أن الهدف منه هو عرقلة عملها، وأنه بالإمكان الاطلاع على مطالباتهم في ذلك، وقالت: “وكأن الإدارات أصبحت ملكية خاصة لأشخاص معينين”.
وأضافت: “وقد أقترحت استقالتي نتيجة تدهور الأوضاع المالية وخاصة أن مشكلة الرواتب مشكلة تعاني منها عدة مرافق، وقد تم التوصل الشهر الماضي إلى حل حسب وعد مكتب مالية عدن”، مشيرة إلى ما يتعلق بموضوع المتعاقدين الجدد الذين تم التعاقد معهم في 2015م – 2016م قائلة: “إن مسألة توظيفهم لا دخل لقيادة المركز فيها، فالدولة لم تصدر أي درجات وظيفية منذ 2015م”.
وحول ما يعانيه المركز ويفتقر إليه، قالت: “هناك الكثير من الأمور التي هي بحاجة إلى الإصلاح، خاصة وأن فترة عملي لم تتعدِ تسعة أشهر، وقد اتهمت بأنني لم أطلق المصطلحات المالية للفتوى الصادرة في 2013 بشأن توظيف مجموعة من العاملين، وهو ذات الأمر الذي لم تستطع الإدارة السابقة إنجازه”.
مختتمة حديثها بالتأكيد على أنه “تم طرح هذه القضايا والمعوقات على مكتب الصحة، وقد ساهمت شخصيا في إيجاد حلول بشأنها، منها اختيار آلية أخرى لتعيينات قمت بها لوظائف شاغرة، وترتيب المكاتب وجلب مولد كبير للمركز، والبحث عن حوافز إضافية، وترميم قسم العلاج الطبيعي، ونصب (خيمة) في خلفية القسم”.
*غياب دور مكتب الصحة
زارت «الأيام» مكتب الصحة للاطلاع على دوره وموقفه إزاء مطالب عمال وموظفي المركز المضربين ومشكلتهم مع إدارتهم الحالية، وما هي جهود المكتب لإنهاء هذه المشكلة وفتح أبوابه أمام المواطنين المستفيدين من خدماته.
غير أن نائب مدير مكتب الصحة بعدن، الدكتور محمد الربيد، أحال الموضوع إلى القائم بأعمال مدير مكتب الصحة، الدكتور شكري عباد، والذي هو الآخر لم يبدِ رأيه في الموضوع، وقام بإحالته إلى مسؤولة الشؤون القانونية في المكتب التي لم تكن متواجدة آنذاك.
وهذا ما يفسر عدم وجود موقف واضح لقيادة مكتب الصحة بشأن هذا الموضوع، وكأنها موافقة على كل ما يحدث داخل مركز الاطراف من تجاوزات ومواقف متباينة، وصل ذروته إلى إغلاق المركز وحرمان ضحايا الحرب من حقهم في الحصول على العلاج.
وتضع «الأيام» الآتي: لماذا الصمت الرسمي حيال ما يحدث في المركز، ولماذا لا تشكل لجنة حقوقية مختصة للوقوف أمام مزاعم الموظفين المضربين، ووضع النقاط على الحروف، والكشف عن المتسبب بتدهور أوضاع المركز والذي أوصله إلى هذا المستوى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى