مكتبة مسواط بعدن: إهمال في الجانب الثقافي وحرمان من الدعم المالي

> تقرير: وئـام نجيب

> عدن.. التاريخ والاشعاع العلمي، ومدينة العلم والثقافة، التي أضاءت بنورها أرجاء المعمورة في فترة الاستعمار البريطاني، فكان كل شيء فيها ينبض بالحب والإخلاص.. العلم والفن متلازمان، الثقافة والجمال قرينان، الانسان والتاريخ مرتبطان.
حباها الله بجمال فريد، وجعل منها قبلة للسائحين يستلهمون منها العشق والسلام والتسامح، وكانت أرضا مفتوحة للوافدين، وملاذا آمناً لكل من أوى إليها، واستطاب العيش فيها.. هي مدرسة العلم ومنار الثقافة، التي تعلمنا فيها أبجديات الكتابة ومعاني الإبداع، ومنها ارتقينا بفنون القراءة والرقي والتطور.
قامت «الأيام» بزيارة ميدانية إلى أقدم مكتبة في شبه الجزيرة العربية، وهي مكتبة (مسواط) الواقعة في مدينة كريتر التاريخية بالعاصمة عدن، والتي فيها التقينا بمدير عام المكتبة، عدنان عبدالحميد، للتعرف على تاريخ تأسيس المكتبة ودورها الريادي في صقل الأفكار والمواهب.
*تاريخ تأسيس المكتبة
يشير عبدالحميد إلى أن تاريخ تأسيس مكتبة مسواط يعود إلى العهد البريطاني في العام 1919م، تحت مسمى (Lake Library)، وكانت آنذاك تُعنى بثقافة الجنود وعامة الناس في مدينة عدن.
مستعرضاً في سياق كلامه تسلسل الأحداث الزمنية، قائلا: “في عام 1963م أُقيم أول اجتماع للمجلس البلدي بمدينة عدن، حيث تم تغيير مسمى المكتبة إلى مكتبة (مسواط) نسبة إلى الشخصية التربوية والثقافية والصحافية محمد سعيد مسواط، من مواليد 1930م، بمديرية الشيخ عثمان، والمتوفى في عام 1962م.

وبالعودة إلى تاريخ المكتبة التي كانت تحوي في رفوفها على ما يقارب 18 ألف عنوان لكتب متنوعة بكافة العلوم والمجالات والاهتمامات الثقافية والعلمية، ويوجد فيها نظام الإعارة، بالإضافةً إلى استراحة القراءة الداخلية”.
*المكتبة المتنقلة
ينوه عبدالحميد إلى أنه منذ إنشاء المكتبة تعاقب على إدارتها ثلاثة مدراء، هم: يوسف السعيدي، وعبدالله باحشوان، وصالح باجنيد.
وقال: “كان للمكتبة روادها وقراؤها المهتمون بالأبحاث والاختصاصات المختلفة، وكانت هناك عربة متنقلة تدعى بـ “المكتبة المتنقلة” لبلدية عدن (library Aden municipality)، وتعنى هذه العربة بعملية إخراج الكتاب، ونقلها الى أحياء وأزقة مدينة عدن من خلال نظام الإعارة، حيث كانت تعد من اللحظات الجميلة التي تبعث في نفوس الناس، إلى أن صارت مواعيدها بمثابة طقس ثقافي ينتظره سكان المدينة”.
ويضيف: “لايزال الناس ينتظرون عودة المكتبة المتنقلة في أزقتهم وحواريهم الحالية برغم ما يشهد العصر الراهن من تقدم وتعدد في وسائل التواصل الاجتماعي”، مردفاً: “وبالرغم من التطور التكنولوجي إلا أنه تم الاستفادة من تجربة مدينة عدن في تحريك العربة المتنقلة، وتم ترجمة هذه التجربة بإنشاء مثلها في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة”.
*مرحلة الإغلاق والافتتاح
يتابع عبدالحميد حديثه: “أغلقت المكتبة عام 1980م، وتم نقل محتوياتها إلى مركز البحوث، ومن ثم إلى المكتبة الوطنية، واستمرت عملية إغلاق المكتبة لمدة 20 عاماً، وأُعيد افتتاحها عام 2001م تحت مسمى “مكتبة أطفال عدن”، بدعم من الصندوق الاجتماعي للتنمية، لتكون بذلك مكتبة معنية بثقافة الطفل”.
ويواصل: “في عام 2005م أعيد تسميتها بـ “مكتبة مسواط للأطفال”، لتمارس نشاطها في الوقت الحالي بثقافة الطفل وإقامة الفعاليات المتعلقة بتطوير مهارات الطفل ومداركه، وهي حاليا من ضمن اختصاصات وزارة الثقافة، والهيئة العامة للكتاب”، منوهاً إلى وجود تواصل بين إدارة المكتبة وإدارات التربية والتعليم في عدن، حيث كانت تستقبل المكتبة زيارات مدرسية، وتستضيف أنشطة صيفية.
*تراجع نسبة الإقبال
وعلى الرغم مما تشهده المكتبة حالياً من تراجع في مستوى الإقبال عليها نتيجة تراجع الوضع الأمني، إلا أن ذلك لم يمنع إدارة المكتبة من الحفاظ على علاقاتها مع منظمات المجتمع المدني، من خلال إقامة الفعاليات التي تهتم بتاريخ المدينة لتوصيل الفكرة للأطفال عن العمق الثقافي لهذه المكتبة العريقة، ودورها الريادي في الثقيف والتنوير.
وعن ما يخص دور الجهات المعنية القائمة على المكتبة والسلطة المحلية في المحافظة، قال عبدالحميد: “ينبغي على هذه الجهات تقديم الدعم المالي بما يتناسب مع أهداف المكتبة، ونشاطها، وتخصيص ميزانية تشغيلية، التي لم يتم اعتمادها منذ تأسيسها، بالرغم من أن المكتبة بحاجة إلى تجديد الكتب التي أصبحت قديمة ومستهلكة منذ إعادة افتتاحها في 2001م، وكذا بضرورة تزويدها بإصدارات حديثة”.
*رائدة المعرفة والتنوير
يقول في هذا الشأن الكاتب نجيب يابلي: “في السابق كانت مكتبة مسواط متميزة، حيث عملت على رفد مثقفي المجتمع المدني في عدن بأحدث الإصدارات الفكرية والمعرفية”.
وأوضح يابلي بقوله: “في هذ المكتبة قرأ شباب عدن روايات متعددة لـ: يوسف إدريس، وأمين يوسف غراب، وفتحي غانم، وغيرهم من أدباء ذلكم العصر الجميل”.
ويردف قائلاً: “ويُحسب لمكتبة Lake Library أنها قامت بافتتاح فروع تابعة لها في مدن أخرى من خلال العربات المتنقلة، التي كنت تعمل على إعارة الكتب لعامة الشعب”.
وقال: “دخلت بلدية عدن التاريخ كونها سخرت مواردها في تنمية المجتمع في كافة المجالات، بمعنى أنها عملت على تخفيف العبء على إدارة عدن، بعد أن كان من يتولى مسؤولية إدارة المكتبة هي إدارة المعارف التي تعرف حالياً بـ(مكتب التربية والتعليم)، وعندما رأت بأن العبء تكاثف عليها عملت على تحويلها إلى بلدية عدن”.
وأختتم يابلي بالقول: “حقيقة يعود الفضل في تحويل اسم المكتبة إلى مكتبة (مسواط) إلى حكومة عدن آنذاك التي تتسم بالوطنية.
تقرير: وئـام نجيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى