ألا موتٌ يُباعُ فأشتريه

> محمد حسين الدباء

> ذكروا أن الوزير المهلبي (في دولة بني بويه) قد كان في شدة عظيمة قبل توليه الوزارة، ويذكر لنا التاريخ أنه كان فقيراً معدماً لا يملك قوت يومه، حتى أنه سافر ذات مرة مع صديق له يدعى بـ(أبو عبد الله الصوفي) فأخذ يتمنى الموت من شدة فقره وجوعه، وأنشد يقول:
ألا موتٌ يُباعُ فأشتريه
فهذا العيشُ ما لا خَيرَ فيهِ
ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي
يُخَلِّصَنِي من العيشِ الكَريهِ
إذا أبصرتُ قبراً مِن بعيدٍ
وددتُ لو أنني مما يليهِ
ألا رَحِمَ المهيمنُ نَفْسَ حُرٍ
تصدَّقَ بالوفاةِ على أخيهِ!
فلما سمع صاحبه الأبيات اشترى له لحما و طبخه و أطعمه و تفارقا.
ثم إن الأحوال تنقلت بالمهلبي فتولى الوزارة وضاقت الأحوال بصاحبه الذي اشترى له اللحم، فقصده، فبعث برقعةٍ إلى الوزير المهلبي مكتوب فيها:
ألا قل للوزير فدته نفسي
مقالة مُذَكِّرٍ ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضنك عيشٍ
ألا موت يباع فأشتريه؟
فلما قرأ الرقعة تذكره، وهزته أريحية الكرم، فأمر له في عاجل الحال بسبعمائة درهم، ووقع تحت رقعته: ?مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ? [البقرة : 261]، ثم قلَّده عملاً يرتفق به ويرتزق منه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى