خصائص اللغة العربية الفصحى ومزاياها

> امذيب صالح أحمد

> (د) تقارب المعاني لتقارب الألفاظ:
من خصائص الكلمات العربية كذلك، انهم يقاربون بين حروف الالفاظ حينما تكون معاني هذه الالفاظ متقاربة؛ كالهز والاز؛ قال تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُهُمْ أَزًّا” (سورة مريم / 83)، ولما كانت الهمزة اقوى من الهاء؛ اذ الهاء مهموسة، والهمزة مجهورة، استعملت الهمزة في الاية الكريمة، بينما استعملت الهاء في اية اخرى مثل: “وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا" (سورة مريم / 25)، فالاز اقوى من الهز، وهذا ما يحتمه السياق في الاية الكريمة.
وقد يكون هذا التقارب في الحروف البعيدة المخرج، لا في المتقاربة فحسب - كما رأينا بين الهمزة والهاء - وذلك كقولهم: علم، وعلامة؛ التي تكونت من العين، واللام، والميم، وقولهم: عرم. فهناك تقارب بين المعنيين، فالعلامة ما تميز الشي، وقالوا فيما هو قريب من معنى العلامة: بيضة عرماء، وقطيع اعرم، اذا كان فيه بياض وسواد، وذلك علامة تميزه عن غيره.
ومن هذا القبيل تصويرهم اللفظ على هيئة المعنى، الا تراهم يقولون: غَلَيان، وفَوَران، والسًيَلان، وما على هذا الوزن مما فيه ثلاثة احرف متحركة، فكأن توالي الحركات في كلامهم يحكي توالي الحركات في هذه الافعال، وهذا مما فطن له الخليل بن احمد وسيبويه.
قال ابن جني في كتابه (الخصائص):
“وجدت انا من هذا الحديث اشياء كثيرة على سمت ما حدثاه - الخليل وسيبويه - ومنهاج ما مثلاه، وذلك ان المصادر الرباعية المضعفة تأتي للتكرير، نحو: الزعزعة، القلقلة، الصلصلة، القعقعة، والصعصعة، والجرجرة، والقرقرة.
ووجدت ايضا الفَعَلى في المصادر والصفات انما تاتي للسرعة، نحو البشكى، والجمزى، والولقى.... الخ.
ومنها انهم جعلوا تكرير العين في المثال دليل على تكرير الفعل، نحو: كسَّر، قطَّع.... الخ. وانما خصوا العين بذالك، لانها اقوى حروف الفعل، اذ الفاء قد تحذف، نحو: عِدة، وزنة، اصلهما: وعدة، ووزنة، واللام كذالك نحو: يدٌ، وفمٌ، أصلهما يَدَوٌ، وفَمَوٌ، ولكن قلما تجد الحذف في العين، فلما كانت الافعال دليلة المعاني، كرروا اقواها، وجعلوه دليلا على قوة المعنى المحدث به”.
(هـ) التقارب بين الألفاظ والأصوات:
ومن هذه الخصائص في العربية انك تجدهم كثيرا ما يصنعون اللفظ لما يقارب صوته من الحدث، فاذا كان الحدث قويا، اختاروا له الحرف القوي، واذا كان الحدث ضعيفا، اختاروا له الحرف الضعيف، وعلى كل، فهم يختارون للحدث ما يناسبه.
من ذلك: الحذف والقذف، والخضم والقضم، والنضح والنضخ، والقد والقط، والفصل والوصل، والفتق والرتق، والحنف والجنف، وذلك كثير.
فالخضم لأكل الشيء الرطب والقضم لأكل الشيء اليابس، فاختيرت الخاء لكونها رخوة للشيء الرطب الرخو، واختيرت القاف القوية لأكل الشيء اليابس القوي.
وكذلك الخذف والقذف، فالقذف هو الرمي بقوة لما كبر وضخم، والخذف هو رمي الشئ الصغير، كالحصى فانت ترى كيف اختاروا للحدث الحرف الذي يناسبه، وكذلك النضح، والنضخ، فالنضح للماء الخفيف، والنضخ للماء القوي قال تعالى “فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ” (سورة الرحمن / 66)، فاختيرت الحاء لرقتها للقليل من الماء، واختيرت الخاء لغلظتها للكثير منه.
وكذلك القد للقطع من جهة الطول، والقط له من جهة العرض، فالطاء اخصر للصوت، فجعلوها للقطع عرضا، وجعلوا الدال للقطع طولا، لأنها لا تقطع الصوت بالسرعة التي تقطعه الطاء. وان اردت دليل ذلك فسكن هذين الحرفين، وأدخل عليهما الهمزة وانطق بهما هكذا: ادْ ، اطْ.
وهكذا في الامثلة الباقية، فالفصل استعملوا له الفاء، وهي الدالة على القطع كما تقدم معنا من قبل، والواو تدل على غير ذلك، بل تدل على الجمع - وهي للجمع كذلك - فاستعملت للوصل.
وكذلك الفتق والرتق، فالفاء لما فيه فصل، والراء بعكس ذلك كما مر من قبل.
وكذلك الحنف والجنف، فخصوا الحاء لسهولتها للميل عن الباطل الى الحق، وجعلوا الجيم لشدتها تمثل الميل الى الباطل، لان الجنف هو الجور، والحنف هو الاستقامة.
ونختم هذا بما ذكره الثعالبي في كتابه (فقه اللغة وسر العربية)، حيث قال:
“اذا أخرج المكروب او المريض صوتا دقيقا فهو الرنين، فان اخفاه فهو الهنين، فان اظهره فخرج خافتا فهو الحنين، فان زاد فهو الانين، فان زاد في رفعه فهو الخنين”.
وهذا غيض من فيض، فليس غرضنا الا ان نشير اشارات الى هذه الخصائص، خصائص الكلمة العربية من حيث: اشتقاقها، وما ركبت منه من احرف لها دلالات خاصة، ومن حيث صيغها، وما تدل عليه هذه الصيغ، وذلك ما لا نكاد نجده في غير العربية، اللهم الا ان تكون هناك وسيلة، كالالحاق او النحت.
“من كتاب (بلاغة المفترى عليها بين الأصالة والتبعية) للدكتور فضل حسن عباس”.
*(4) خصائص المعنى في العربية:
(أ) السعة والشمول:
فمن ميزات العربية: السعة والشمول. الا ترى انها وسعت كتاب الله تبارك وتعالى، فلا تكاد تجد معنى من المعاني الانسانية، ومايتصل به من الدين والفلسفة والعلوم، الا وتجده ظاهرا في هذه اللغة، وكذلك كل ما في هذا الكون، وتجد ان اللغة تكفلت بوضع مايستقصيه من كلمات.
وان نظرة لمن يتقنون غير العربية تجعلهم يدركون الفروق الكثيرة بين العربية وغيرها، هذه العربية التي تمتاز بالشمول والسعة، فلا تجد قضية من قضايا الكون، ولا جزئية من جزيئات الحياة والانسان، ولا مسالة من مسائل العلم والفلسفة والتشريع والتشريح، الا وقد استوعبتها هذه اللغة؛ لغة الضاد. وهذه السعة، وذلكم الشمول، يظهران ظهورا جليا في هذا التراث المترامي الاطراف، المتعدد الجوانب في ارض هذا الكون وسمائه. وكيف ان هذه اللغة لم تضعف امام ذلك كله، انما احتوته دون ضيق، وشملته دون تعسف؟
*(ب) الدقة والإحكام:
ومن عجيب امر هذه اللغة انها مع سعتها وشمولها فهي تجمع الى ذلك الدقة والاحكام، وهما - اعني: الدقة والاحكام - يبدوان كالمتناقضين مع ما قبلهما من السعة والشمول؛ لان السعة كثيرا ما تؤثر على الاحكام، فالشيء الواسع يكون فضفاضا، ولا كذلك المحكم، ولكن العربية جمعت الى سعتها الاحكام، فهي كذلك محكمة، بلغت مبلغا عجيبا من الدقة؛ لا ادل على ذلك من اننا لانكاد نجد جزئية في الانسان او الحيوان حتى الجماد؛ الا وقد تكفلت اللغة لها بوضع يدل عليها، مما لا نجده في اكثر اللغات قديما وحديثا.
اذا اخذت اليد مثلا، فانك تجد ان كل قسم من اقسام اليد - ابتداء من المنكب حتى الكف- له اجزاء كثيرة، كل جزئية لها اسمها الخاص بها، وما من سلامى من سلاميات الانسان الا وهي مميزة باسمها عن غيرها، وهكذا ما يدور بخلدك ويخطر ببالك مما تظنه بني على اسم واحد، تجد احكام اللغة فيه ودقتها امرا يدعو الى الاعجاب والفخر.
فمن هذه الاقسام: المنكب، وهو مجتمع الراس والعضد وطرف الترقوة، والكتف: العظم بما فيه. والعضد: ما بين المرفق والذراع. والمرفق: اعلى الذراع واسفل العضد. والساعد: الاعلى من الزندين. والذراع: من المرفق الى طرف الاصابع. والفقاحة: راحة الكف؛ سميت بذلك لاتساعها. واصابع الكف: الابهام والسبابة والوسطى والبنصر والخنصر.
ويؤيد ما ذهبنا اليه ما قاله الاستاذ الرافعي رحمه الله في كتابه تاريخ اداب العرب:
“... والعربية تعتبر احكم اللغات نظاما في اوضاع المعاني وسياستها بالالفاظ، وهي من هذا القبيل اعظمها ثروة، وابلغها من حقيقة التمدن، بحيث لا تدانيها في ذلك لغة اخرى كائنة ما كانت، فالعرب لم يدعوا معنى من المعاني الطبيعية التي تتعلق بالحياة الروحية او البدنية مما تهيأ لهم؛ الا رتبوا اجزاءه، وابانوا عن صفاته بالفاظ متباينة، تعين تلك الاجزاء والصفات على مقاديرها.
فاول معاني الحياة الروحية؛ الحب، وهذه مراتبه عندهم:
الهوى، ثم العلاقة؛ وهي الحب اللازم للقلب، ثم الكلف؛ وهو شدة الحب، ثم العشق؛ وهو اسم لما فضل عن المقدار الذي اسمه الحب، ثم الشعف؛ وهو احراق الحب للقلب مع لذة يجدها، وكذلك اللوعة واللاعج؛ فان تلك حرقة الهوى، وهذا هو الهوى المحرق، ثم الشغف؛ وهو ان يبلغ الحب شغاف القلب، وهي جلدة دونه، ثم الجوى؛ وهو الهوى الباطن، ثم التدليه؛ وهو ذهاب العقل من الهوى، ثم الهيوم؛ وهو ان يذهب على وجهه لايستقر، وذلك غلبة الهوى عليه، ومنه رجل هائم”.
“من كتاب (البلاغة المفترى عليها بين الاصالة والتبعية) للدكتور فضل حسن عباس”.
*(5) التوالد الحيوي بالاشتقاق:
(أ) - إن اللغة العربية لغة اشتقاق تقوم على أبواب الفعل الثلاثي التي لا وجود لها في جميع اللغات الهندية والجرمانية، وهي اللغات التي تكتب بالحروف اللاتينية، فإذا قابلنا العربية باللغات الاشتقاقية كالانجليزية والفرنسية نجد أن العربية امتازت بخصائص اكفل بحاجة العلوم، فمن ذلك سعتها، فعدد كلمات اللغة الفرنسية 25 ألفا وكلمات اللغة الانجليزية مائة ألف، أما العربية فعدد موادها 400 ألف مادة، ومعجم لسان العرب يحتوي على 80 ألف مادة (لا كلمة) ومواد اللغة العربية تتفرع إلى كلمات، فإذا فرضنا أن نصف مواد المعجم منصرفة، بلغ عدد ما يشتق منها نصف مليون كلمة، وليس في الدنيا لغة اشتقاقية أخرى غنية بكلماتها إلى هذا الحد. وبسبب غنى العربية وسعتها تجد فيها للمعاني الشديدة التقارب كلمات خاصة بكل معنى منها مهما كانت درجة التفاوت.
(ب)- إن خزائن المفردات في اللغة العربية غنية جدا ويمكن لتلك المفردات أن تزاد بلا نهاية، ذلك أن الاشتقاق يسهل إيجاد صيغ جديدة من الجذور القديمة بحسب ما يحتاج إليه كل إنسان على نظام معين.
لنأخذ مثلا: الجذر(س ل م) سلم معناها: نجا،
سلم: حيا، ألقى السلام والتحية.
سالم: دخل السلم.
اسلم: انقاد وخضع.
ومنها: الإسلام: الخضوع لله.
تسلم: اخذ شيئا من يد غيره.
السلام: التحية.
السلم: خلاف الحرب.
سليم: صحيح، غير مريض.
التسليم: الرضا والقبول.
الاستلام: لمس الحجر الأسود بالشفة أو باليد (التقبيل).
وهناك مسلم ومتسلم ومسالم وغيرها مما يعيا على الحصر.
(ج) - في اللغة العربية نحو مائة ألف كلمة مستقلة ومعظم هذه الكلمات تولدت بالاشتقاق: منها ألفاظ كثيرة بنفس المعاني أو بمعان مختلفة.
وبعض الاشتقاقات كالتفاعل والتفعل والانفعال والافتعال والاستفعال والمفاعلة مثلا لا يمكن التعبير عنها في اللغات الأعجمية عادة إلا بلفظة أو أكثر، زد على ذلك أنها تحتفظ بالألفاظ البدائية الرسمية الأولى إلى جانب الألفاظ الراقية الحضارية المتفرعة منها وللمصدر في كلمات اللغة العربية نيف وثلاثون صورة، ومثل المصدر الصفة فإن لها من الصور ما يزيد على صور المصادر أو يساويها على الأقل، ومن قبيل الاشتقاق في الاسم الأبواب: وهي الأبواب المثنى والجمع المكسر والسالم وباب النسبة والتصغير، والاشتقاق في الأفعال، في اللغة العربية له أربع عشرة صورة، ومن هذا القبيل تفوق كل لغة من لغات الغربيين والشرقيين لا استثني لغة أصلا.
وتنقسم اللغات من حيث التكوين الى لغات النحت ولغات التجميع ولغات الاشتقاق.
فلغات النحت هي التي تتكون فيها الاسماء والافعال والصفات بادخال المقاطع الصغيرة عليها او الحاقها بها، وتسمى لغات النحت احيانا باسم اللغات الغروية في اصطلاح الاوربيين (Agglutinating) لان مفرداتها تلصق لصقا لتنويع معانيها، كما نلصق ادوات البناء بالغراء.
ولغات التجميع هي اللغات التي تعتمد على اللصق كما تعتمد عليه اللغات الغروية ولكنها تعتمد قبل ذلك على “التنغيم” لتنويع المدلول ولتميز بين الصفات والظروف وبين الاوقات والاجناس، وغيرها من معاني الجمع والتثنية والافراد، وقد تسمى لغات التجميع احيانا باللغات المنفصلة (Isolating) لان الكلمة فيها تنفصل بصيغة واحدة لاتتغير حروفها وانما يتغير المعنى بضم صيغة منها الى صيغة اخرى، بترتيب متبع او بغير ترتيب يلتزم في جميع الاحوال. ومن فروع هذه اللغات ما تتكون اسماؤه وافعاله من جملة تتالف من عدة مقاطع واجزاء، وتسمى لذلك بلغات التركيب الكثيرة (Polysenthetic).
اما لغات الاشتقاق فهي اللغات التي يعم فيها الفعل الثلاثي في كل مادة وتجرى قواعد الصرف فيها على المخالفة بين الاوزان بحسب معانيها، ويكثر فيها اختلاف الحركة في اواخر الكلمات اتباعا لموقعها من الجملة المفيدة.
ويشيع النحت في اللغات الهندية والجرمانية كما يشيع التجميع في اللغات المغولية ولغات القبائل الامريكية الاصلية... اما الاشتقاق فهو من خصائص اللغات السامية، وتكاد اللغة العربية من بينها ان تنفرد بعموم الاشتقاق واطراده، مع تحريك اواخر الكلمات حسب مواقعها من الجمل المفيدة.
والاشتقاق موجود في لغات كثيرة، وهو بعض الخواص الملازمة للغات السامية، ولكنه لايوجد بهذا التوسع على هذه القواعد المفصلة كما يوجد في اللغة العربية.
وكل ما يوجد في سائر اللغات السامية من قواعد الاشتقاق فإنما يوجد بالمقدار الذي يدل على انها - كلها فروع من اسرة لغوية واحدة، وان كل فرع من هذه الفروع مخالف في اساس تركيبه للغات النحت التي يطلقون عليها في الغرب اسم اللغات (الغروية) لان تنويع معانى المادة فيها يقوم على لصق المقطع بالمقطع وضم العلامات والحروف لنقل الكلمة من صيغة الفعل او الاسم الى صيغ النعوت والظروف ودرجات العمل او الافادة.
ولكننا اذا قارنا في خاصية الاشتقاق نفسها بين العربية واخواتها في الاسرة اللغوية كادت ان تنفرد باشتقاق مقصور عليها، لا يضارعها اشتقاق العبرية او السريانية او الكلدانية او الحبشية في السعة ولا في تقسيم القاعدة ولا في تحكيم المتكلم في التعبير عن اغراضه على حسب كل احتمال معقول.
فالاشتقاق العربي يعطى المتكلم من الاوزان بمقدار ما يحتاج اليه من المعاني المحتملة على جميع الوجوه، والمتكلم هو صاحب الشأن في اختيار الكلمة وليست الكلمة او العبارة المفروضة عليه لانها وضعت من اصلها ارتجالا او محاكاة لصوت او تلفيفا للاجزاء من مختلف المواد.
ولايحتمل العقل المعبر صيغة للاشتقاق بعد استيفاء صيغ المصدر للمرة اوالهيئة او للدلالة على الجمع او الجنس المجموع، ولا احتمال لصيغة مطلوبة بعد صيغ المبالغة والتضعيف واسم الفاعل واسم المفعول والصفة الملازمة، والصفة المرتهنة بالحدث والزمان.
فالمتكلم المعبر هنا هو صاحب الشأن في تصريف المشتقات على حسب اغراضه واحتمالات تفكيره، واللغة قد وصلت على السنة المتكلمين بها الى خلق القواعد التي يتبعها تكوين المفردات، قبل ان تعرض لهم الحاجة الى استخدام جميع تلك المفردات او انشاء الكلمات المرتجلة مع كل مشاهدة تاتي للمتكلم بشيء جديد يحتاج الى لفظ جديد.
وقدم القواعد على هذه الوتيرة من اول القرائن على قدم اللغة وقدم الزمن الذي ارتسمت فيه عند اهلها قوانين التعبير.
إن خاصية الاشتقاق و التصريف اللغوي في العربية مذهلة جدا الى حد الاعجاز وقد لا تخطر حتى على بال كثير من المهتمين بهذه اللغة المجيدة فقد استطاع العقيد الركن انطوان الدحداح في كتابه (معجم قواعد اللغة العربية في جداول ولوحات) الصادر عن مكتبة لبنان ان يستعرض في جداوله اوزان الفعل الثلاثي ومزيداته الرباعية والخماسية من معلوم ومنكور بصيغته الفعلية من مضارع وماض وامر ما يقرب من 793 مفردة ذات دلالة مختلفة لكلمة (فعل).
ونحن نعلم ان في القران الكريم ما لا يقل عن خمسين الف كلمة ذات اصل ثلاثي كما يقول الدكتور فضل حسن عباس في كتابه (البلاغة المفترى عليها) فاذا اضفنا صيغ الاسماء لهذه الكلمة من مفرد ومثنى وجمع ومذكر ومؤنث ومعلوم ومنكور وغيرها من صيغ الابنية الشهيرة فستكون جملة مفردات الاسم لا تقل عن مئة وستين كلمة، أي ان جملة مفردات الكلمة ذات الحروف الاصلية الثلاثة ستبلغ حوالي تسعمئة كلمة مما يعني ان مفردات اللغة العربية ستتجاوز بالملايين مفردات أي لغة عالمية معاصرة، ناهيك عن الاف الكلمات الاخرى سواء كانت في القرآن او راكدة في معاجم اللغة على مر السنين.
فحال اللغة العربية اليوم هو حال الثروة الوفيرة المكنوزة لدى ورثة بخلاء سفهاء لا يستطيعون استثمارها بينما الاخرون يستغلون ثرواتهم القليلة من لغاتهم استغلالا كبيرا ونافعا.
"من كتاب (الفصحى لغة القرآن الكريم) للاستاذ انور الجندي"
"من كتاب (اشتات مجتمعات في اللغة والأدب) للاستاذ عباس محمود العقاد"
امذيب صالح أحمد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى