قدمت من تعز لتسكن في صندقة بالإيجار في عدن.. أم نبيلة: الحوثيون حولوا حياتنا جحيما

> تقرير/ وئـام نجيب

> وأنا في طريقي إلى مقر عملي شد انتباهي امرأة وهي تفترش أحد الأرصفة المحاذية لمنارة عدن بـ(عدن القديمة)، ومن هيئتها تظهر عليها العوز وقلة ذي اليد، نتيجة للظروف المعيشية الصعبة التي دفعت بها وغيرها الكثير إلى أزقة وشوارع المدينة، لطلب يد العون والمساعدة أو بيع ما تسير لتوفير ولو الجزء اليسير من مصروفات لا تفي لشراء قيمة وجبة واحدة.
دفعني فضولي الصحفي للاقتراب منها لأتحدث معها عن كثب لمعرفة ما يحويه صدرها من هموم ومنغصات الحياة القاهرة.
إنها أم نبيلة، إحدى بنات مدينة عدن، انتقلت، كما تقول، للعيش مع زوجها بعد الزواج إلى منطقة حوض الأشرف بمحافظة تعز قبل أن تضطر للعودة إليها منذ خمسة أشهر؛ بسبب ظروف الحرب هناك بمعية بناتها الأربع والتي تبلغ أكبرهن من العمر عشرة أعوام.
تعيش حالياً مع أسرتها بداخل (صندقة) بالإيجار في جبل منطقة البادري بمديرية صيرة (كريتر) وبمبلغ 15 ألف ريال شهرياً.
تقول أم نبيلة في حديثها لـ«الأيام» والعبرة تكاد تخنقها: "لا يوجد لدينا في المنزل أي شيء من الاحتياجات الضرورية واللازمة للبيت، ونعيش بالقليل الذي يتوفر لدينا، وإذا ما تمكنا من شراء قطعة ثلج نضعها في ترمس الماء لنخفف به قيلاً من العطش الناتج عن شدة الحرارة".
*وجبة واحدة
وتضيف "في كثير من الأحيان نكتفي بوجبة واحدة في اليوم، وذلك بسبب أن زوجي ليس لديه دخل ثابت، فكل اعتمادنا على ما يتحصل عليه من عمله بالأجر اليومي في مجال الكهرباء، والذي لا يُلبي حتى احتياجات الأطفال، ونتيجة لهذه الظروف الصعبة قررت أن أساعده بتحمل جزء من أعباء الأسرة، ببيع بعض العطور الخاصة بالنساء لجارتي مقابل 500 ريال، ولهذا أخرج في الصباح الباكر من كل يوم لأقعد هنا في هذا الشارع لأعود إلى بناتي في تمام الخامسة قبل المغرب.
ومع هذا تمر علينا غالبية الأيام ونحن بوجبة واحدة (وجبة الغداء) وهي عبارة عن روتي وفاصوليا، وعندما يشتد الحال بنا نبيت نتضور جوعًا ببطون خاوية".

وتتابع: "ومتى ما بكت إحدى بناتي من ألم الجوع أقف أمامها مقتولة ألماً وحسرة، فليس لديّ ما أقدمه لها أو أخفف به عن جوعها، بل أشعر بقلة الحيلة حينما يطلبن مني شراء ملابس لهن كبنات الجيران، أو قطعة حلوى صغيرة، وحينما تتعرض واحدة لمرض لا نستطيع أن ننقلها للمشفى للعلاج ونكتفي بالقعود بجانبها والنظر إليها فقط مسلمين أمرها لمن لا ينسى عباده".
الهروب من الموت
تقول أم نبيلة: "جماعة الحوثي وقوات صالح، هم السبب بخروجنا من منزلنا عنوة وتدهور أوضاعنا المعيشية.. كنا قبل حربهم مستوري الحال ونعيش على ما تيسر، وبناتي يذهبن إلى مدارسهن، بل إن القصف الشديد على المنطقة تسبب بتدمير أجزاء من جدران ونوافذ المنزل".
تضيف: "حالياً نسكن في صندقة سقفها من الزنج والخشب، وما أخشى منه هو حلول موسم هطول الأمطار، ولا تتوفر فيها الكهرباء، والماء يتم احضاره من قبل زوجي وابنتي الكبرى من أسفل الجبل حيث الحنفيات المتواجدة في الحي".
والصندقة التي نعيش فيها عبارة عن غرفة فقط جزء منها للمطبخ، المكون من بعض أواني الطبخ البسيطة، وأما الحمام فيغطي بابه بعض الأقمشة القديمة، وفيما يخص الفرش فلا تتوفر لدينا وننام على بعض الأقمشة التي قدمت لنا من قبل بعض الخيرين، في هذا الزمن الذي أصبح فيه الكل يُعاني ويقاسي مرارة الحياة الناتج عن الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، بل أصبح فيها الموظف لا يتحصل على راتبه إلا بشق الأنفس وبفترات غير منتظمة، ومع ذلك نقول الحمد لله على كل حال وعلى ما نحن عليه، فقد شاهدت بأم عيني أُناسا وهم يبحثون عن طعام يسكتون به جوع أطفالهم في مكبات القمامة".
وطالبت أم نيبلة في ختام حديثها الحكومة والجهات ذات العلاقة بضرورة النظر إلى أوضاع المواطنين بعين الشفقة والإنسانية، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم إلى جانب الأمن والاستقرار، كما طالبت من رجال الخير وأصحاب الأيادي البيضاء بمد يد العون إليها ولأفراد أسرتها، وتوفير المواد الغذائية والاستهلاكية وبعض الأثاث الضرورية الخاصة بالمنزل.
تقرير/ وئـام نجيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى