إحصائية دولية: ثلاثة من مرضى الفشل الكلوي يموت يوميا باليمن منذ اندلاع الحرب.. مدير صحة عدن: الصحة تشهد وضعا كارثيا وأصبحتُ عاجزا عن إيجاد حل تجاه تزايد مرضى الفشل الكلوي

> تقرير/ رعد الريمي

> تسببت الحرب الدائرة في البلاد في توسع دائرة مصابي الفشل الكلوي بشكل لافت، وبات المرضى يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، متجرعين بذلك ألم ومرارة معاناة دائمة تطبع في حياتهم آثاراً وآلاما نفسية وجسدية المرتبطة ارتباط وثيق بجلسات الغسيل.
وبحسب إحصائية لدراسة دولية حديثة صادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر فإن 25 % من إجمالي مرضى الفشل الكلوي في اليمن يموتون سنويا، بمعدل ثلاثة أشخاص يوميا، منذ اندلاع القتال في 2015م.
وحذر مدير البعثة الدولية للصليب الأحمر في اليمن السيد كارلوس باتاس من استمرار إهمال مركز الرعاية الصحية الخاصة بمراكز الغسيل باليمن، حيث بات 4426 مريضا يواجهون شبح الموت نتيجة توقف أربعة من مراكز الغسيل الكلوي، بالإضافة إلى ما تعانيه بقية المراكز من شح مواد الغسيل وتحديات استيراد المواد والمعدات لليمن وانعدام الأمن والقيود المفروضة على حركة البضائع إلى غيرها من التحديات التي تواجهها المراكز.
جاء ذلك في المؤتمر الصحفي لرئيس البعثة الدولية للصليب الاحمر كارلوس باتاس في عدن خلال اليومين الماضيين، تحت عنوان «مراكز الفشل الكلوي على شفير الهاوية"، وحضره مدير مكتب الصحة عدن د. جمال خدابخش وعدد من مدراء مراكز غسيل الكلى بالمحافظات الجنوبية وعدد من الأطباء والصحفيين.
وقال كارلوس: «تأتي أهمية مؤتمرنا هذا نتيجة للإهمال الشديد الذي تعانيه مراكز الغسيل في اليمن على الرغم من أهمية القضية وحساسيتها كون قضية مراكز الغسيل يحتاجها آلاف اليمنيين الذين يواجهون شبح الموت نتيجة تزايد النزاع المنسحب على البنية التحتية المؤدي إلى كارثة انسانية كبيرة».
وأضاف: «تواجه مراكز الغسيل باليمن صعوبات جمة أحدها الافتقار للدخل والتمويل وقلة الدعم من الجهات المحلية والدولية والتحديات التي يواجهها استيراد المواد الخاصة والمعدات إلى اليمن وانعدام الأمن والقيود المفروضة على حركة البضائع».
وقال: «مراكز الغسيل تنتشر في 15 محافظة من أصل 23 وكثيرا ما يكون التنقل بين هذه المراكز الواقعة في المحافظات مرهق وصعبة نتيجة نقاط التفتيش وانعدام الأمن، وأن 28 من بين 32 مركزا للغسيل تكافح من أجل توفير خدمة لمرضى الفشل، فيما أغلقت 4 مراكز بسبب تعطل الآلات ونقص المستلزمات وعدم دفع مرتبات الموظفين».

وأوضح كارلوس أن اللجنة الدولية تدعم خمسة مراكز للغسيل الكلوي في اليمن، في كل من صنعاء، وعدن، وشبوة، والمحويت، وحجّة، وأن هذا الدعم استثنائي ومحدود وليس من مهام اللجنة وجاء نظرا لما يعانيه المرضى من كارثة انسانية».
*أسباب المرض
وتشير دراسة إلى أن الفشل الكلوي في اليمن عائد إلى جملة من الأسباب اهمها ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري الذي يصيب الكلى ويشكل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري 440 % من أسباب مرض الفشل الكلوي المزمن وتشكل الوفيات 25 % من إجمالي مرضى الفشل الكلوي سنويا.
وزاد الصراع الدائر في اليمن من تردي الخدمات الصحية وخاصة في جانب الرعاية الصحية لمرضى الفشل الكلوي والذي فرض على مرضى الغسيل الكلوي الذين كانوا يغسلون مرتين بالأسبوع أن يقتصرون على غسلة واحدة أسبوعيا فقط وذلك بسبب قلة عدد الفاعلين الدوليين والمحليين على الداعمين لهذه المراكز.
*الدور الغائب للدولة
من جهته أوضح مدير مكتب الصحة العامة والسكان في عدن د. جمال خدابخش أن «الصحة في العاصمة عدن تشهد وضعا كارثيا وخاصة فيما يتعلق بمرضى الفشل الكلوي والسرطان والقلب والضغط والسكر وغيرها في ظل دور إلى حد ما غائب للدولة ووزارة الصحة على وجه الخصوص».
وأضاف: «مازلنا في مكتب الصحة على تواصل مع المنظمات الدولية والأهلية الموجودة لتذليل بعض الصعاب وتقديم الخدمات الصحية لجميع المرضى دون استثناء».
واستعرض جانبا من دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقول: «وتكفلت اللجنة بتقديم الدعم لمراكز الغسيل الكلوي في اليمن خلال العام الجاري 2018 والبالغ عددهم خمسة مراكز من ضمنها مركز عدن، وقدمت حتى الأن دفعتين، على اعتبار كل ثلاثة أشهر دفعة بكميات كافية من مواد الغسيل ومستلزماته».

وتابع: «بحسب ما تم أبلغنا أنهم سيقدمون دعما لمركز الغسيل الكلوي «الصداقة» بمديرية الشيخ عثمان ابتداء من شهر يونيو القادم، ونشكرهم على جهودهم فيما يقدمونه لمرضى الفشل الكلوي.. كما نطالب بالمزيد والمزيد لاستمرارية عمل مراكز الغسيل الكلوي».
وأشار خدابخش أثناء حديثه في المؤتمر الصحفي إلى أن قطاع الصحة بالمحافظة يفتقر إلى القرار السياسي الذي يجب أن يتخذ من القيادات العليا في الدولة ابتداء بالرئيس ورئيس الوزراء، فوزير الصحة، إلى جانب أن تكون هناك خطة واضحة ومعالجة سريعة وسليمة، مع رؤية واضحة لما بعد 2018م وخاصة عقب توقف المنح الدولية».
*الهجرة الداخلية
وأعاد مدير مكتب الصحة بالعاصمة عدن تزايد الضغط على مراكز الغسيل إلى مشكلة الهجرة الداخلية للنازحين من بعض المحافظات إلى عدن وقال: «مركز الغسيل الكلوي بمستشفى الجمهورية بعدن يعمل حالياً فوق طاقته بخمس نوبات، وهو ما يسبب إرهاقا على الطاقم وعلى الاجهزة الموجودة الحالية في الوقت الذي يحتاج فيه المركز للصيانة التي تكاد تكون منعدمة فيه، وهو ما قد تتسبب بتعطل الأجهزة».
وأبدى خدابخش أسفه من اقتصار عمل جلسات الغسيل للمرضى على ساعتين في كل جلسة بعد أن كانت تتم بأربع ساعات نتيجة لتزايد أعداد المرضى واستيعاب عدد أكبر منهم».
واستعرض أوضاع عدد من المراكز بالقول: «الوضع كارثي بمعنى الكلمة ومركز الصداقة يعمل بوتيرة ضعيفة نتيجة تعطل الأجهزة إلى جانب النقص الذي يعانيه في الطاقم، وكذا مستشفى عبود العسكري المتوقف إلى حد ما بسبب المحطة الرئيسة للمياه العاطلة وكل ما يتوفر لديهم هو جهاز أو جهازين للغسل لفترة واحدة فقط في الصباح».
وقال: «أنا بصفتي مسؤول بتُ عاجزا عن عمل حل تجاه تزايد عدد المرضى وتجاه ما تعانيه مراكز غسيل الكلى من ضغط فاق قدرتها وقدرة الأجهزة والطاقم العامل في مراكز الغسيل، ووصل حالياً إلى مرحلة تحتم علينا اتخاذ القرار ولنبتعد عن السياسيات والمماحكات التي لا تخدم الوطن والمرضى ولا المجتمع المدني، ونطالب أن يكون هناك قرار سياسي يتحمله الجميع في قضية المرضى»، محذرًا في ذات السياق من فقدان السيطرة لاسيما أن قضية الصحة قضية أمن مجتمعي بالدرجة الرئيسة».

*صعوبة الوصول للمراكز
وقال المتحدث الرسمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن عدنان حزام: «الزائر لهذه المراكز يرى معاناة لا تطاق هناك مرضى يكافحون من أجل البقاء على الحياة بحصولهم على هذه الجلسات، ولهذا نتمنى أن تكون هناك استجابة من خلال هذه المؤتمرات والفعاليات، وكذا مبادرات مجتمعية لدعم هذه المراكز لتتمكن من القيام بدورها، خاصة أن هناك شحة في مواد الغسيل الكلوي، وصعوبة في الوصول للمراكز من قبل بعض المرضى».
وأضاف أثناء حديثه في المؤتمر الصحفي: «كان للجنة الدولية للصيب الأحمر دور استثنائي في دعم مراكز الفشل، لإنقاذ حياة من سقطوا ضحايا للنزاع الحالي في اليمن، وكمبادرة للجنة أقامت مؤتمرا في فبراير في صنعاء وعدن لتسليط الضوء على معاناة مرضى الفشل ولحشد الدعم للقطاع الصحي في اليمن ليتمكن من دعم هذه المراكز لتقوم بدورها المناط بها.. نتمنى أن يكون لهذه المؤتمرات صدى ينعكس على الدعم لهذه المراكز».
*تزايد عالمي
من جهته قال رئيس قسم الكلى في هيئة مستشفى الجمهورية بعدن د. محمد قايد إن «مرض الكلى في ازدياد عالميا من 4 إلى 14 % عالميا، فما بالكم في اليمن التي تشهد حروبا وتدهورا في الجانب الصحي وهجرة خارجية وداخلية، بالإضافة إلى ما يعانيه زارعي الكلى ونقصان الأدوية والذي يعني بالضرورة عودتهم إلى مراكز الغسيل»، موضحاً أن مركز الغسيل في الجمهورية يمتلك 28 آلة تعمل منها 25 لعدد 300 مريض دائمين وتستقبل يوميا 85 حالة مما يسبب ضغطا يتجاوز الدعم المقدم من الصليب في مجال المواد».
وأضاف: «المساهمة الحقيقية من قبل الصليب تكمن بفتح مراكز جديدة للغسيل والتي سوف نشعر إزاء هذه المساهمة بعظمة العمل وتقديم خدمة جليلة، أما دعم المواد يعني استمرار نفس المشكلات، والحالات في ازدياد».
بدورها قالت عميد كلية الطب بجامعة عدن د. سوسن: «إن المشكلة لا تكمن في فتح مراكز جديدة بل في استمرار التموين للغسيل، لكوننا مازلنا نعيش حالة حرب ووضعا اقتصاديا صعبا وكثيراً من الأوبئة التي انعكست بالتالي على الوضع الصحي».
فيما طالبت رئيسة مركز غسيل الكلى بالجمهورية د. نبيهة باماجد لجنة الصليب الأحمر بعدم التراجع عن دعمها للفترة التي تعهدت بها.. مشيرة إلى أنها بموجب التعهد ضاعفت من قبول حالات الغسيل الكلوي وأنها في حال توقف الدعم ستضطر لتسريح بعض المرضى».
وأضافت مخاطبة قيادة الصليب الأحمر: «هذا الأمر يُحتم عليكم استمرار الدعم تفاديا لتسريح مرضى الفشل الذي قد يتسبب تسريحهم بوفاتهم».
تقرير/ رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى