ثورة السلال في نقاط

> د. علي الزامكي

>
إن الفضل في ثورة 26 سبتمبر من عام 1962م في صنعاء يعود إلى عبدالله السلال الذي أقدم على الانقلاب ضد نظام مخيف ورهيب، ويعود الفضل أيضا إلى الزعيم عبد الناصر الذي تدخل مباشرةً في ثورة السلال ودعمها وحافظ عليها، ويمكن إيجاز أهم محطاتها في التالي:

إن عبد الناصر هو الذي وضع المبادئ (الستة) كأهداف لثورة السلال، وقد استند في تدخله هذ على الحق القومي الذي كان سائداً في ذلك الوقت.

إن تدخل عبد الناصر في ثورة السلال قد هز العالم، وقد أدى هذا التدخل إلى المؤامرة الإقليمية والدولية الكبرى عليه، والتي تجسدت في العدوان الإسرائيلي على مصر وإجبار عبدالناصر على الانسحاب من اليمن وإسقاط مشروعه القومي.

إن إجبار عبد الناصر على الانسحاب من اليمن قد أدى ليس فقط إلى إسقاط المشروع القومي فحسب، بل قد أدى أيضاً إلى إجهاض ثورة السلال وإفراغها من محتواها٠ حيث قامت القبائل بالانقلاب على السلال واستبدال دولة الإمامة بدولة القبيلة، لقد جاءت حركة الحمدي في السبعينات من القرن الماضي كمحاولة لاستعادة مضامين ثورة السلال، وكمجاراة لثورة الجنوب ومنجزات رئيسها (سالمين)، ولكنها مرة ثانية أجهضت بقتل الحمدي، ومع إعلان الوحدة بين دولة الجنوب ودولة الشمال عام 1990م عاد الأمل في الشمال من جديد، ولكن هذ الأمل قد تم إسقاطه واقعياً بحرب 1994م.

إن جوهر الصراع الآن في الشمال هو أصلا بين مشروع الدولة الدينية المتمثل في سلطة صنعاء، ومشروع الدولة القبلية المتمثل في سلطة مأرب، ولو فاضلنا بين الدولة القبلية والدولة الدينية لوجدنا بأن الدولة الدينية أفضل من الدولة القبلية، لأن الخلاف مع الدولة الدينية هو فقط حول نوع الدولة، بينما الخلاف مع الدولة القبلية هو حول الدولة ذاتها من حيث المبدأ، لأن دولة القبيلة، كما قلنا سابقا، هي أصلا (اللا دولة). 

إن البعض قد يقول إن سلطة مأرب تمثل مشروع (هادي) وليس مشروع القبيلة، ولكني أقول لهم إن سلطة مأرب وملحقاتها في كافة جبهات القتال هي تخضع لقادة وضباط القبيلة المتحالفين مع القاعدة وداعش وليس لهادي والأحزاب المؤيدة لهادي.
إن الأمم المتحدة ومبعوثها (جريفيثس) تدرك ذلك وتدرك بأنه لا يوجد في الشمال حاليا غير مشروع الدولة الدينية المتمثل في سلطة صنعاء ومشروع الدولة القبلية المتمثل في سلطة مأرب وملحقاتها، ولكنه يحاول أن يتجاوز المشروعين بالطابع الحزبي
للحوار٠
إن المبعوث (جريفيثس) قد ينجح في تجاوز المشروعين عبر التمثيل الحزبي، باعتبار المشروعين ذاتيين وليس موضوعين، ولكنه سيفشل في الحل المستدام كتحصيل حاصل للتمثيل الحزبي، لأن قضايا الخلاف في اليمن هي وطنية وليست سلطوية. فكما قلنا سابقا بأن الأحزاب هي خليط من الشمال والجنوب ولا تصلح لحل قضية الجنوب، وخليط من اليمن الأسفل والأعلى ومن الهاشميين وغير الهاشميين في الشمال ولا تصلح لحل قضايا الشمال.

إن نصيحتي للمبعوث الدولي (جريفيثس) أن يتخلى عن التفكير في التمثيل الحزبي وأن يركز على التمثيل الوطني إذا ما أراد النجاح والوصول إلى الحل المستدام. أما نصيحتي للأحزاب فأقول لقادة الأحزاب إن الحزبية مشروعة في قضايا السلطة، ولكنها محرمة وغير مشروعة في القضايا الوطنية، بل إنها في القضايا الوطنية تشكل خيانة وطنية عظمى بكل تأكيد.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى