الأكياس البلاستيكية.. القاتل الصامت

>
د . مروان هائل
د . مروان هائل
إنتاج الأكياس البلاستيكية يغزو العالم، لأنها تجارة مربحة، بدايتها كانت مفرحة جدا. عندما اخترعت أمريكا في الخمسينيات من القرن الماضي أكياسا شفافة متنوعة الأشكال يمكن التخلص منها، أحدثت حينها ثورة حقيقية، ونشرت أمريكا ثقافة هذه  الصناعة واستخدامها في كل مكان من العالم، ولكن الآن العديد من البلدان تفرض قيودا أو حظرا على استخدام الأكياس البلاستيكية، لأن الكثير من الدول في العالم المتحضر أصبحت تدرك الضرر الخطير لهذه الأكياس على البيئة والصحة البشرية، وبسبب ذلك  فرضت حكومات أكثر من 40 دولة قيودًا أو حظرًا كاملاً على استخدام الأكياس البلاستيكية، التي يمكن التخلص منها.

كل ثانية في العالم يتم استخدام 160 ألفا من الأكياس البلاستيكية، أما عن طريقة رميها بعد استخدامها، كيف وأين؟ فهذا حسب ثقافة الشعب، ونحن هنا في اليمن جزء من هذا العالم، ولكن الجزء السلبي الخامل وللأسف القذر أيضا، نحن نستخدم الأكياس البلاستيكية وبشكل مفرط وفي كل شيء، حتى في  تعبئتها بالرغيف والفاصوليا والشوربة الساخن، دون وعي بمخاطر ذلك الاستخدام  السيئ ، فكمية البنزين الداخلة في  إنتاج كيس بلاستيكي واحد تسمح للسيارة بالحركة 11 متر، كذلك يتم استخدام مادة الرصاص في إنتاجها، وهذا المعدن سام بشكل لا يصدق  وتراكمه في الجسم يسبب العديد من الأمراض.

 كما ينسى البعض أن هناك شركات ومحلات تجارية تطبع شعاراتها على الأكياس البلاستيكية  عبر حزم من الألوان الزاهية البراقة، ومن ثم يأتي الناس ويلفون الطعام فيها، دون التفكير في الطلاء المستخدم الذي غالباً ما يحتوي على سموم في تكوينه ضار على البشر .

وعلى مستوى العالم، هناك أكثر من مليون حيوان و كائن بحري وطير يموتون سنويا بسبب مخلفات الأكياس البلاستيكية، ونحن في الأساس دولة يحيطها البحر والمحيط من كل مكان.

في مدننا وشوارعنا تجد الأكياس البلاستيكية القديمة والجديدة، أينما وجهت وجهك في البحر والبر والجو، تجدها مكدسة في الشوارع وقرب المنازل وداخل أحواش المنازل والمستشفيات والوزارات والمقابر وفوق الشجر وعلى السطوح، تجدها فوق هوائيات التلفاز وفوق رأسك تطير وأحيانا تصفعك في وجهك، تجدها تحت قدميك وعلى سيارتك وعلى الأسلاك الشائكة، وفوق أعمدة الكهرباء  وعلى شبابيك المنازل وفوق الجبال وعلى شواطئ البحار.

أنا لا أقلل من دور عمال النظافة وإدارتهم الذين يبذلون أقصى ما لديهم في الحفاظ على نظافة المدن وخاصة في عدن رغم قلة الإمكانيات، أنا أتحدث عن ثقافة الكثير من الناس، التي لديها عداوة مزمنة مع النظافة، وزادت من ثقافتها العدوانية من خلال الاستخدام المفرط للأكياس البلاستيكية، وبالذات متعاطو القات، الذين تجدهم يفترشون كل زوايا  المتنفسات البحرية، والكورنيشات والحدائق، والشوارع  وأمام المنازل وعلى الجولات، وفوق السيارات، هؤلاء جميعهم تجد أمامهم أكياسا بلاستيكية  مختلفة ومنوعة المحتوى منها للقات وأخرى للسجائر والكبريت أو الولاعة، وكيس لقارورة العصير وآخر لدبة القهوة، وأكياس صغيرة  للشمة وأخرى لقطع السكر، وحبوب المزاج.

 جميع هذه المحتويات المتنوعة تتحول في النهاية إلى قمامة في أكياس بلاستيكية  وخارجها، تترك في الغالب  من قبل البعض  أينما كانت الجلسة.

 الثقافة الصحية والنظافة هي مجموعة من المعايير والقيم الاجتماعية تم تطويرها كنتيجة للأنشطة المادية والروحية للمجتمع الإنساني، والعالم المتحضر  يملك هذه القيم منذ قرون مضت، و اليوم يتنافس على جمال المدن ونظافة الشوارع ومحاربة الأكياس البلاستيكية بسبب خطورتها على الصحة والبيئة، ونحن الآن محلك سر، ولكن لا أنسى حقبة السبعينيات والثمانينيات في عدن، عندما كانت ثقافة الأكياس الورقية (الكاكي) التي ورثناها من الإنجليز بعد خروجهم، هي أساس التعامل اليومي في الأسواق والمحلات التجارية، ولا تجدها مرمية في الشارع، حتى بعد استخدامها، ويا ليت تعود  ولو جزء يسير من تلك الثقافة. 

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى